على بعض صحافيي لبنان الإعتذار لا عمرو دياب… لأنهم تذلّلوا وزحفوا نحو الهاوية بسبب «هضبة»!
وجاء «الهضبة». وبالإذن من إليسا، غنّى وتمايل على Beat تصفيق آلاف اللبنانيين وتهييصهم ورقصهم وصفيرهم، بينما التزم بعض إعلاميّي لبنان ومصوّريه، بالزفير… نعم، الزفير، وفي السرّ، بعدما وقّعوا تعهّداً يمنعهم ربما أيضاً من التأفّف من شدّة الحرّ، لا القمع الواقع عليهم فقط. قمع؟ عن أيّ قمع نتحدّث، ولا أحد من هؤلاء الإعلاميين الذين حضروا الحفل بصفتهم الصحفية، اعترض، بدليل السماح لهم بالدخول بعدما وقّعوا تعهّداً، ينصّ على بنود تُرفع لها القبّعة.
أولاً، عدم التصوير نهائياً أي مقطع أو أجزاء فيديو طيلة الحفل.
ثانياً، إلزامية الجلوس في الأماكن المخصّصة، والمسموح لهم الجلوس فيها فقط لا غير، على أن يقتصر ثالثاً على السماح لهم (كتّر خيرهم) بتصوير صور فوتوغرافية على درجة عالية من الحرفية. أمّا رابعاً، فهو الأجمل، إذ وَقّع إعلامنا المشهود له بحرية الرأي والموقف على بند يقول بعدم التصريح أو كتابة مقال أو منشور من شأنه الإساءة لقيمة الحفل أو لشخصية الفرعون عمرو دياب. نعم الفرعون، أو ربما يناسبه أكثر «جبل إيفريست»، فلقب «الهضبة» أصبح متواضعاً جداً عليه، ولم يعد يليق به بعد إنجازه وإنجاز الفريق المنظّم حفلَه البيروتي، بحق إعلام لبنان البارحة.
أما ختام العقد، فمِسك طبعاً، إذ يحق لـ»هضبة إيفريست مصر» وبشكل مطلق، طلب حذف أي مقال أو تصريح منشور أو متداول به عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية عند مخالفة الشروط دون الحاجة لإنذار أو مراجعة القضاء.
لن ألوم «الهضبة»، فهو تشرّط وتأمّر، ونُفِّذت شروطه وأوامره بالكامل. ولن ألوم الجمهور اللبناني المتعطّش للحياة والفرح، فهذه التفاصيل لا تعنيه. سألوم بعض المتفاخرين بكونهم ينتمون الى صحافة لبنان التي لطالما كانت رائدة في مجال حرية التعبير والنقد والاحترافية. بعض هؤلاء المتفاخرين، وَقَعوا في منحدر وخيم عندما وقّعوا عقد ذلّ وقمع، لا علاقة للتنظيم به، فعلى ما يبدو بالنسبة لهؤلاء البعض، الكرامة تهون في سبيل «الواجب المهني» و… فعلاً أصبت بالقشعريرة و»تش شعر بدني»…
بعض هؤلاء «المنسميّين» على الصحافة اللبنانية، لم يكتفوا بإقفال أفواههم وأقلامهم عن أي نقد سلبي حول الحفل و»الهضبة» وربما الحرّ (الشوب) أيضاً، بل تجرّأوا على حذف آراء مندّدة بتصرّفهم المشين كونهم يمثلون الصحافة اللبنانية، على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. تُرى هل يوجد بند سرّي في العقد الذي قاموا بتوقيعه، يجبرهم على قمع أقلام حرّة من التعبير عن استيائها بسبب تصرّفهم الذليل على صفحاتهم أيضاً؟؟؟؟ «على حدّ علمي» القمع يقتصر على عدم الإساءة أو انتقاد «الهضبة» والحفل والتنظيم، فقط لا غير، لا الإعلاميين. هل كلّ رأيٍ لا يطبّل ولا يزمّر للحفل ومغنّي الحفل والإعلاميين الذين وافقوا على شروط مذلّة، كرمى لعيون بطاقة حضور، وربما زجاجة ماء من دون عشاء، سيعالج بحذف؟
أحسنتم يا من تظنون أنفسكم سلطة رابعة، وتتمثلون بسلطات المنظومة الفاسدة التي اعتادت قمعكم…
الإعتذار ليس مطلوباً من عمرو دياب ومنظمي حفله، فهم فعلوا مصلحتهم. الإعتذار مطلوب ممّن أخطأوا، والمخطئ هو كلّ إعلامي لبناني، تذلّل وزحف نحو الهاوية بسبب «هضبة»، ووقّع عقد الذلّ، فربح بطاقة وخسر كرامة، وتناسى كلياً أنه ابن جبال العزّ الفني والصحفي، أمثال فيروز وصباح ووديع والماجدة والرحابنة وعملاق الصحافة العربية غسان تويني. طبعاً الاعتذار يقتصر على من وقّع العقد من الإعلاميين والمصوّرين، وهم والحقّ يقال قلّة، فكثر من أبناء الصحافة الحرّة، رفضوا التوقيع، واشتروا كرامتهم وبطاقاتهم.
جوزفين حبشي- نداء الوطن