باسيل يحرق أوراقه: هل يجرّ «الحزب» الحلفاء إلى نادي العقوبات”!؟
لم يتمكّن رئيس مجلس النواب نبيه بري من جمع أكثر من 53 نائباً للجلسة التشريعية التي دعا إليها مع انّ الذين حضروا إلى القاعة كانوا 51 نائباً. ورصّت المعارضة صفوفها رافضة دعوة بري ووقف البعض من خارج المعارضة مثل «التيار الوطني الحرّ»، كلّ لأسبابه، ضدّ دعوة برّي التي اعتبرت خرقاً لما يُسمّى «تشريع الضرورة». لكن في إحصاء للنواب الحاضرين فقد كان الحضور قريباً في توزيعه السياسي والعددي، للأصوات التي حصل عليها رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه في جلسة الانتخاب الأخيرة.
ويدل هذا الرقم إلى حجم تأثير «حزب الله» وما تبقّى من حلفائه في المجلس النيابي. ولا يمكنه تخطّي عتبة الخمسينات لفرض جلسة تشريعية أو رئيس للجمهورية. كما لا يمكنه جمع مجلس الوزراء للقيام بأي خطوة من هذا النوع.
انزلق «حرب الله» في متاهات السياسة الداخلية كما انزلقت شاحنة سلاحه على كوع الكحّالة. ولم يعد بإمكانه تسويق فكرة المقاومة والعقيدة والثورة والتصدّي للعدو، إلا للمستفيدين مباشرة من نفوذه وخدماته. فالممسك بزمام الأمور بقبضة من حديد، أصبح متمسكاً بما بقي له من سلطة لكي يؤمّن الغطاء اللازم لعمله وأنشطته بعدما خسر الغطاء المسيحي.
ونتيجة التطورات على الأرض والوضع السياسي، أصبح من الصعب على رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل العودة إلى أحضان «الحزب» لأنه سيخسر داخل «التيار» وخارجه، أي في الشارع المسيحي المنتفض على تعديات «حزب الله» من عين الرمانة إلى عين إبل إلى الكحالة مروراً بلاسا وأفقا والقرنة السوداء. وخسارته إذا عاد إلى «الحزب» ستكون مكلفة كثيراً، وتفوق مسألة النواب الذين قدّمهم له «الحزب». لذلك فهو يخرج بطروحات عالية السقف ليستقطب الشارع المسيحي وهو يعلم أن ليس للحزب قدرة على تلبيتها.
من جهة أخرى، تُشكّل وقفة «حزب الله» بموقع معاكس تماماً للمعارضة خسارة من شعبيته أكثر، خصوصاً بعدما تراكمت أخطاؤه تجاه الشعب اللبناني. وبذلك حشر نفسه مع باسيل، الذي يحاول الإيحاء للمعارضة بأنه سيصل إلى اتفاق مع «حزب الله» والايحاء لـ»الحزب» بتعاونه مع المعارضة. وهذا الدور ليس حتى بيضة قبّان، لأنه وبمجرّد كشفه من قبل الطرفين أصبح «بيضة قبان مكسورة».
وبات الشارع المسيحي مجيّشاً في اتجاه معروف، وهذا الشارع لا يطلب خدمات أو سلطة أو نفوذاً ولا يهمه إذا نال هذا الحزب المسيحي 8 حقائب وزارية أو ذاك التيار حصد معظم حصة المسيحيين في التعيينات الإدارية والقضائية، بل شكّلت حادثة الكحّالة جرس إنذار ليس للمسيحيين فقط بل لكل اللبنانيين، وبات المطلوب ضبط السلاح غير الشرعي وتسليمه إلى الجيش وبناء دولة، وإلا سيشعر المكوّن المسيحي بخطر يفوق الخطر الذي شكّله الفدائي الفلسطيني.
لذلك لم تُدغدغ كل مطالب باسيل وطروحاته الشعور الوجداني المسيحي، لأنه يبحث عن رئيس يكون حازماً ولا يسمح بـ»فتح لاند» جديدة، ويؤسس لمرحلة إنهاء الحالة المسلّحة الشاذة التي تستقوي على الشعب.
ويبقى السؤال الأهم: هل هذا الواقع الجديد، في ظل التقاطعات المحتملة، والضغط الدولي، ورفض المعارضة الدخول في بازار الحوارات غير المجدية، سيحفّز «حزب الله» على إعادة النظر في مقارباته والاعتراف بمنطق أنّ الرياح الوطنية لم تعد تجري كما تشتهي سفنه؟ أم أنّه سيستمر بالسياسة نفسها حتى تنخفض أرقام التأييد البرلمانية إلى 40 نائباً، لتنحصر بـ»الثنائي» و»المردة» و»سنّة 8 آذار» وبعض المستقلّين؟ وهل يجرّ «الحزب» باقي حلفائه مثل رئيس مجلس النواب إلى نادي العقوبات ليُنهي حياته السياسية بموقف إذلال يفوق نسبة 51 بالمئة بكثير؟
الان سركيس- نداء الوطن