لودريان يتخبّط وحده… بين الألغام اللبنانية!

على مسافة ايام من بداية شهر ايلول، الذي يُشكّل امتحاناً أخيراً لمهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، تدرّجت الأجواء السياسية من التشكيك في إمكان توصل الحوار الذي وعد لودريان بإطلاقه للتوافق على رئيس للجمهورية، الى التشكيك في إمكان انعقاده، بعد الاعتراضات على هذا الحوار، التي أبدتها الاطراف التي تصنّف نفسها سيادية وتغييرية، وتزامنت مع «رسالة السؤالين» التي وجّهها لودريان الى 38 شخصية نيابية.

واستفسرت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية فرنسية حول ردّ الفعل على هذه الاعتراضات، ومدى تأثيرها على مسعى لودريان، فعكست عدم الارتياح حيالها، وقالت: «بالتأكيد انّ هذه الاعتراضات لا تشجع على توقّع ايجابيات، ولكن لا موقف رسمياً حيالها، وخصوصاً انّ السيد لودريان لم يتلق بعد الاجوبة عن الأسئلة التي تضمنتها رسالته، وفي ضوء هذه الاجوبة ستتحدّد بالتأكيد الخطوة التالية».

واستدركت المصادر وقالت: «انّ الاطراف السياسية في لبنان امام فرصة للتوافق بصورة عاجلة على انتخاب رئيس للجمهورية، وثمة صعوبة كبيرة في ان تتكرّر هذه الفرصة، كي لا نقول انّها لن تتكرّر. وعلى القادة السياسيين في لبنان ان يتحمّلوا مسؤولياتهم، وهو ما أكّد عليه السيد لودريان في زيارته الاخيرة الى بيروت. فالحوار الذي يؤسّس له بالتنسيق الكامل مع سائر اعضاء اللجنة الخماسية، يشكّل قاعدة ارتكاز لحل رئاسي ينقل لبنان الى خارج مدار الأزمة التي يعانيها، وبديل هذا الحوار وتوافق اللبنانيين على رئيس ضمن الاولويات والمواصفات التي طلبها لودريان، بقاء لبنان متخبطاً في هذا الوضع الشاذ، ومهدّداً بتعقيدات ومصاعب كبرى على كلّ المستويات».

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، المقاربة السلبية التي تبديها مصادر واسعة الاطلاع حيال مسعى لودريان، حيث عكست عبر «الجمهورية» أجواءً تفيد بأنّ الموفد الفرنسي، يبدو انّه يصفق وحيداً، ما يضفي جواً من التشاؤم حول مسعاه، حيث انّ هذا المسعى لم يقترن بأيّ جهد داعم له من دول الخماسية، فيما يبدو انّ هذه الدول تاركة لودريان وحده يتخبّط بين الألغام اللبنانية. ويستدل إلى ذلك بأنّ لكل واحدة من دول الخماسية حلفاء لها من بين الاطراف اللبنانية المعنية برئاسة الجمهورية، وخصوصاً الاطراف التي عبّرت عن رفضها المشاركة في الحوار الذي يحضّر لودريان لإطلاقه في ايلول. فهل كانت هذه الأطراف لتجرؤ على التفاعل السلبي مع مهمّة الموفد الفرنسي والاعتراض على هذا الحوار، لو انّها تلقّت تشجيعاً مباشراً من الحليف الخارجي على التفاعل الايجابي مع هذه المهمة؟».

وفي رأي المصادر، انّه حتى الآن يمكن القول انّ حوار لودريان في ايلول لينعقد، يفترض مشاركة كل الاطراف فيه، واما أنّ المشهد السياسي منقسم بين ضفتين؛ ضفة ثنائي حركة «امل» و«حزب الله» وحلفائهما، إضافة الى «التيار الوطني الحر»، مستعدة للمشاركة في الحوار، وضفة ثانية ممتدة من «القوات اللبنانية» إلى سائر حلفائها من قوى وتوجّهات نيابية تصنّف نفسها سيادية وتغييرية رافضة لهذا الحوار، فإنّ النتيجة المحسومة هي انّ هذا الحوار مبتور، وانعقاده في هذه الحالة مستبعد، واكثر من ذلك، فإنّ هذا الواقع المنقسم والمبتور قد يدفع لودريان الى صرف النظر، ليس فقط عن هذا الحوار، بل إلى نعي مهمّته بالكامل، وهو الامر الذي يضع لبنان من جديد على رصيف الانتظار لمديات زمنية طويلة، ريثما تنشأ ظروف محرّكة لملفه الرئاسي في اتجاه الحسم الايجابي، تُلزم كل الاطراف بانتخاب رئيس للجمهورية».

الجمهورية

مقالات ذات صلة