الحزب و”السرايا”: دور ها”السياسيّ” ومهماتها؟
الحزب و”السرايا”: مراجعة شاملة ورؤية جديدة؟
بعد الإشكالات الأخيرة بين “السرايا” والحزب، وبعد تصاعد احتجاجات سياسية عليها من أطراف مختلفة، كشفت مصادر مطّلعة على أجواء “السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال” التي أنشأها ويرعاها الحزب، أنّ قيادة الحزب أجرت خلال الأشهر القليلة الماضية مراجعة شاملة لعمل السرايا ودورها والإشكالات التي تواجه عملها في مختلف المناطق اللبنانية، وأنّه في ضوء هذه المراجعة تمّ وضع رؤية جديدة لعملها في المرحلة المقبلة وتعيين مسؤولين جدد ووضع آليّات جديدة لمتابعتها.
أُنشئت “السرايا” في عام 1997 بعد استشهاد هادي نصر الله، نجل الأمين العامّ للحزب، مع اثنين من رفاقه في إحدى عمليات المقاومة في الجنوب. وقد تقاطر آلاف الشباب اللبناني للانضمام إلى الحزب والمقاومة الإسلامية. ولأنّ هيكلية الحزب لا تستطيع استيعاب هؤلاء فقد تمّ إنشاء السرايا. ومعظم المنتسبين إليها هم من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية. وقد كان لهؤلاء دور في عمليات المقاومة في مرحلة ما قبل التحرير في عام 2000. واستمرّ عملهم في مرحلة ما بعد التحرير في الدعم اللوجستي والتعبئة وبعض عمليات المقاومة.
لكنّ تطوّر الأوضاع في لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط من عام 2005 والصراعات التي تبعته، وخصوصاً خلال أحداث 7 أيار من عام 2008 وما تلاها، أدّى الى بروز أدوار جديدة لمجموعات السرايا في مختلف المناطق وانضمام مجموعات وأفراد إليها تثار حولهم بعض علامات الاستفهام. فبرز العديد من المشاكل حول دور السرايا. وكان هذا الملفّ أحد أبرز النقاط في اللقاءات الحوارية بين الحزب وتيار المستقبل بعد عام 2009 خلال عشرات جلسات الحوار، وكان وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق يحرص في هذه الجلسات على الدفع باتجاه إخراج “السرايا” من المدن الرئيسية، ولا سيّما بيروت. وأدّت الأحداث في سوريا إلى إشراك مجموعات من السرايا والتعبئة فيها.
ماذا عن الدور “السياسيّ”؟
تضخّم دور المشرفين على السرايا على الصعيد السياسي وأصبح لهم دور في العديد من الملفّات الداخلية وعلاقات مع بعض الأحزاب السياسية والقوى السياسية الداعمة للمقاومة.
لكن في السنتين الأخيرتين أجرى الحزب مراجعة شاملة لعمل ودور السرايا وقرّرت قيادة الحزب فصل دورها عن العمل السياسي والحزبي المباشر وتركيز عملها على الدور المقاوم، وإعادة النظر في كلّ المنتسبين لمجموعات السرايا ووضع آليّات جديدة لعملها في كلّ المناطق اللبنانية بما يضمن ابتعادها عن الصراعات الداخلية والحزبية.
خلال الأشهر الستّة الأخيرة تابعت قيادة الحزب مراجعة عمل السرايا ووضعت رؤية جديدة لعملها وتمّ تعيين مسؤولين جدد يتمتّعون بمستوى عالٍ من الكفاءة العلمية والثقافية والقدرة على تطوير العلاقات مع الشخصيات الفكرية والثقافية والسياسية المستقلّة في المناطق اللبنانية المختلفة.
ما هي مهمّاتها؟
توضح المصادر المطّلعة على أجواء عمل السرايا ومهمّاتها بالآتي:
– المهمّة الأولى لعملها مرتبطة بالمقاومة ودعمها والاستعداد لمواجهة أيّ عدوان إسرائيلي في المستقبل.
– عدد المنتسبين للسرايا يصل اليوم إلى عدّة آلاف من مختلف المناطق اللبنانية.
– في موازاة العمل المقاوم هناك دور مهمّ بدأ المسؤولون في السرايا القيام به، وهو تطوير العلاقات مع مختلف النخب الثقافية والفكرية والاجتماعية والاستماع إلى كلّ الملاحظات حول دور الحزب ودور المقاومة ودور السرايا وعقد اللقاءات الحوارية والفكرية والأنشطة المتنوّعة وتقديم صورة جديدة لدور السرايا عند اللبنانيين.
– خلال الأسابيع الماضية تمّ عقد العديد من اللقاءات الحوارية في مختلف المناطق اللبنانية وزيارة الفعّاليات الاجتماعية والمهنية والثقافية المستقلّة والتركيز على ضرورة التواصل والحوار ومواجهة العدوّ الصهيوني وحماية الاستقرار الداخلي والابتعاد عن الصراعات الداخلية.
لكن هل يعني ذلك أنّه لم تعد من مشكلات في عمل مجموعات السرايا وتمّ الوصول إلى المستوى المطلوب من إعادة التنظيم والتطوير؟
تجيب الأوساط: “ما تزال أمامنا مسيرة طويلة ومهمّات كثيرة، لكنّنا بدأنا العمل، ولعلّ الظروف الداخلية والإقليمية تساعد في اعتماد واستمرار النهج الجديد، لأنّ مهمّات السرايا ترتبط أيضاً بتطوّر الأوضاع الداخلية واستمرار الاستقرار والأمن، وهذا ما تسعى إليه اليوم قيادة الحزب التي تحرص على عدم الانجرار إلى المعارك الداخلية ومنع العودة إلى الحرب الأهلية مجدّداً”.
قاسم قصير- اساس