مسابقة لودريان للنواب: ماذا عن جدية التلامذة وهل من عمليات نقل وغشّ؟؟
ماذا بعد مسابقة لودريان؟
لا قيمة لمسابقة الانشاء العربي التي ينظمها جان إيف لودريان للنواب اللبنانيين، إلّا في الخلاصة التي ستصل اليها اللجنة الفاحصة، وهي خلاصة لا ترتبط كثيراً بفحوى النصوص والمعالجات التي سينكب عليها النواب قبل إرسالها مخفورة إلى جناب الأستاذ.
يعرف الفرنسيون كل شيء عن لبنان واللبنانيين. ليس منذ أن تعهّد الرئيس ايمانويل ماكرون إخراج لبنان من الحفرة التي أحدثتها «المنظومة» وعمّقها انفجار المرفأ، وإنما قبل ذلك بكثير.
كانت فرنسا حاضرة في حياة لبنان وسياسييه ومجتمعه طوال الحروب الداخلية. هي تعرف التفاصيل، وبعض ما تشهده فيه اليوم يمكن للودريان قراءة شبيه له في وثائق الخارجية الفرنسية قبل قرنين وفي مذكرات مندوبيها الساميين إبّأن الانتداب كما في تقارير سفارتها العريقة في بيروت.
لودريان يعرف أيضاً، هو وماكرون، ما سيقوله ممثلو القوى السياسية الطائفية والمذهبية في أجوبتهم الخطية. بعضهم سيستعين بصديق من خارج الحدود، وبعضهم سيقوم بالواجب من باب اللياقة، وفي الحالتين سيقول الفرنسيون: deja vu.
لقد سمعوا كل ذلك مباشرة في اجتماعات قصر الصنوبر وصالونات السفارة ومكاتب أخرى. في هذه الامكنة كان رئيس اللجنة الفاحصة ماكرون حاضراً شخصياً وكان لودريان شريكاً سرعان ما سيخرج لاتهام الطاقم السياسي اللبناني بتخريب بلاده التي تسعى فرنسا لانقاذها.
على الأرجح لن يقرأ المبعوث الفرنسي أجوبة تجعله يكتشف جديداً فيعدّل انطباعاته التي كوّنها بعد إطلاق ماكرون مبادرته اللبنانية في خريف 2020. يومها (آذار 2021) قال لودريان: «لا أرى أي بادرة على أن السياسيين اللبنانيين يبذلون ما في وسعهم لإنقاذ بلدهم».
كان النقاش في حينه يتناول تشكيل حكومة إصلاحات. أفشلها السياسيون الذين سيمنعون لاحقاً انتخاب رئيس للجمهورية، والآن باتت مهمة فرنسا اليائسة من هؤلاء مزدوجة: «استطلاع» رأيهم في الإصلاحات وفي مواصفات الرئيس الذي سيقود إلى تحقيقها، وهي مهمة لا تبشّر التجارب القريبة الماضية بنجاحها.
في نهاية هذا الشهر ستكون أجوبة المسابقة قد جمعت على مكتب لودريان. ستكون أجوبة كثيرة متشابهة وكأن عملية نقل وغش قد حصلت، وتلك إشارة إلى عدم جدية التلامذة وربما اعتمادهم على علامات الاستلحاق.
خطوة وحيدة يمكن للمبعوث الفرنسي القيام بها بعد الامتحان، لتبرير خطوته الاستعراضية وجدواها، وهي فرض فتح مجلس النواب أمام جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، وهذا هو المطلوب أولاً وأخيراً، وإجبار التلامذة على تأدية واجبهم الدستوري، أما البناء على الاستطلاع لإجراء حوار لاحق فلن يقود إلى شيء، ولودريان، في النهاية، ليس مندوباً سامياً ليقيل رئيساً ويعيّن آخر، كما في زمن الانتداب.
طوني فرنسيس- نداء الوطن