ماذا وراء استدعاء مخابرات الجيش اللبناني 4 من أبناء الكحالة بعد الحادثة مع حزب الله؟
عادت حادثة بلدة الكحالة المسيحية مع عناصر من حزب الله إلى الواجهة من جديد بعد طلب مخابرات الجيش اللبناني الاستماع إلى إفادات عددٍ من المعنيين بالإشكال بهدف التوسع في التحقيق، ما أثار غضباً في البلدة التي استدعي أربعة من أبنائها إلى مديرية المخابرات في اليرزة ورفضت ذهابهم.
وجاء رفض الكحالة ذهاب أبنائها إلى التحقيق عند الساعة الثامنة من صباح الجمعة لأنها تعتبر أنها هي المعتدى عليها وليست هي المعتدية ويفترض أن يتم استدعاء عناصر حزب الله الذين أطلقوا النار وقتلوا فادي بجاني. وما يزيد في رفض الكحالة مثول أبنائها امام التحقيق هو ما حصل بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة إذ تمّ توقيف العشرات من أبناء عين الرمانة الذين دافعوا عن منطقتهم مقابل عدد قليل ممن اقتحموا المنطقة وأطلقوا الرصاص وقذائف الآر بي جي، وذلك بسبب أداء القوى العسكرية والقضاء الخاضع لهيمنة حزب الله.
وترجمة لهذا الواقع، أصدرت بلدية الكحالة بياناً بعد اجتماع عقدته جراء انقلاب شاحنة الذخائر والاسلحة على كوعها وما رافق ذلك من تداعيات وتطورات، ورأت انه “لا يجوز أن يبدأ التحقيق بمساءلة الناس العزل المتواجدين آنذاك من أبناء الكحالة، عوض التركيز على المجموعة المسلحة التي فتحت نيران أسلحتها الرشاشة عليهم لترهيبهم، وهذا ما حاول صدّه الشهيد فادي بجاني الذي سقط برصاص المسلحين المدنيين، حيث الأدلة واضحة بالصوت والصورة”، واعتبرت البلدية ان “التحقيق واجب لإحقاق العدالة، إلا أنه يجب أن يبدأ من مكان آخر فلا يتساوى المعتدي بالمعتدى عليه”.
ولقي موقف بلدية الكحالة دعم الاحزاب المسيحية، فأعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل أن “استدعاء أهالي الكحالة المعتدى عليهم في عقر دارهم مرفوض”، واضاف عبر منصة “إكس”: “حذار الاستمرار بضرب المساواة بين اللبنانيين، وحذار أن ينجر القضاء ليكون شاهد زور”، وختم “نقف إلى جانب أبناء الكحالة ونساند المواقف التي تصدر عنهم ولن نسكت عن الحق”.
كذلك، كتب النائب نديم الجميل: “استدعاء شباب الكحالة إلى التحقيق مرفوض ولن يمر، وهذا ما حذرنا منه وكنا نتوقعه من ما تبقى من الدولة المهترئة ونظامها الأمني”. وقال “فليستدعوا الميليشيويين الذين تعدوا على الكحالة واهلها واطلقوا النار، ووجوههم معروفة واحتفلوا بقتل البطل فادي بجاني، وليستدعوا الجيش الذي تخاذل عن القيام بواجباته يوم الحادثة وما زال حتى اليوم… ولّت ايام الكيل بمكيالين… إلى شباب الكحالة أقول نحن معكم وبتصرفكم”.
بدوره، كان موقف لعضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك جاء فيه: “إن التمادي في ترفيع القتَلة إلى مصاف القديسين، أدى بأهالي الكحالة إلى تطويب من دافعوا عن كراماتهم، وعن حق. لقد رفضت الكحالة استدعاء عدد من ابنائها إلى التحقيق قبل تسليم قتَلة فادي بجاني إلى العدالة.. نعم، سيَكون قديسون ومزارات وفوضى على كل كوع، ما لم ينصَع حزب الله للدولة”.
وبالموازاة، قام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بزيارة لافتة في توقيتها إلى منزل فادي بجاني لتقديم واجب التعزية علماً أن القتيل ينتمي إلى حزب الوعد الذي يرأسه جو ايلي حبيقة ويدور في فلك التيار وليس مقرباً لا من القوات ولا من الكتائب.
وإزاء هذه المواقف، حاولت مصادر على صلة بالتحقيقات التوضيح أن لا صيف وشتاء تحت سقف واحد وأن استدعاء أربعة من أبناء الكحالة لم يأتِ على خلفية سياسية أو طائفية كما فسّره البعض، خصوصاً أن الطلبات شملت المعنيين من مختلف المناطق والجهات، كشهودٍ عيان. وأوردت أن مخابرات الجيش تواصل التحقيقات معتمدة على أشرطة الفيديو وما سجلته كاميرات المراقبة، بالإضافة إلى التحقيق مع شهودٍ كانوا في المكان، سواء شاركوا في الإشكال أو لم يشاركوا. وذهب البعض إلى الحديث عن أن مخابرات الجيش استمعت بدورها إلى عدد من الاشخاص الذين كانوا يواكبون الشاحنة التابعة لحزب الله.
ومن شأن اعادة فتح حادثة الكحالة من باب استدعاء فئة والتشدد معها في مقابل التراخي مع فئة أخرى كما حصل في أحداث الطيونة وقبلها وبعدها في قضايا الاغتيالات وصولاً إلى مقتل لقمان سليم في الجنوب والمسؤول القواتي الياس الحصروني في عين إبل، أن يعيد توتير الأجواء ولا سيما أن البلاد تعيش فوق برميل بارود وأن قوى المعارضة اتخذت قرارها بالمواجهة مع حزب الله سلمياً وهي انتقلت إلى ضفة جديدة تتمثل بمطالبتها بتنفيذ القرارات الدولية 1559 و1680 و1701 علماً أن القرار الاول ينص على نزع سلاح حزب الله.
القدس العربي