رياض سلامة “اختفى”: هل هُرِّب من لبنان بمعيّة شخصية سياسيّة من الصف الأول؟
منذ بداية شهر آب الجاري، دخل حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، في القبعة السوداء السحرية، واختفى. فالأجهزة الأمنية عاجزة عن إيجاده منذ حوالى الأسبوعين. الهيئة الاتهامية لم تعثُر بعد على سلامة. فهو لم يعد متواجدًا في منازله المُصرّح عنها أمام القضاء اللبناني. أما الحُروف التي تُهمس داخل قصر عدل بيروت وخارجه، بأن ما من معلومات واضحة حول إقامة سلامة، ومن المتوقع أنه هُرّب إلى خارج الأراضي اللبنانية بمعيّة شخصية سياسيّة بارزة في الداخل اللبناني.
تعذر التبليغ
كان من المفترض أن يمثل سلامة أمام الهيئة الاتهامية في التاسع من آب الجاري، لكن التبليغ تعذّر على الأجهزة الأمنية بسبب عدم تواجده في العناوين المُعرّف عنها أمام القضاء اللبناني.
للأسبوع الثاني على التوالي، لم تتمكن الهيئة الاتهامية من العثور على سلامة، وبالتالي ستتجه إلى تبليغه لصقًا قبل بضعة أيام من الجلسة المحدد تاريخها في نهاية شهر آب الجاري، أي عبر إلصاق التبليغ على عنوان منزله الأخير، ولدى مختار المنطقة المتواجد فيها، وعلى إيوان المحكمة. بالتالي، يعتبر سلامة قد بلّغ وفقًا للأصول. ما يعني أن الهيئة الاتهامية ستكون قادرة بعدها على إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، إن ارتأت ذلك.
بين الواقع والخيال..
منذ عدة أيام، تسربت معلومة، مفادها بأن شخصية سياسية بارزة من الصف الأول، ساعدت سلامة في الهروب من لبنان عبر طائرة خاصة، علمًا أن معلومات “المدن” أكدت بأن جوازي سفره اللبناني والفرنسي هما تحت قبضة القضاء اللبناني حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
وأغرب ما في هذا الأمر، أن بعض القضاة أوضحوا لـ”المدن”، بأنهم على علمٍ بهذه التسريبة، ولكنهم لم يتأكدوا بعد من صحتها، على اعتبار أنه لن يتمكن من السفر من دون جوازيّ سفره.
في المقابل، أوضح مصدر قضائي بارز لـ”المدن” بأن هذه التسريبة قد يكون الهدف منها تضليل الرأي العام، ومن الممكن أن يكون سلامة نفسه قد تعمّد تسريبها، فانتشرت سريعًا، خصوصًا أن الأجهزة الأمنية عاجزة عن إيجاده حاليًا لأسباب مجهولة.
أثر العقوبات
وأخطر ما في هذا الأمر، أن “شائعة” هروب سلامة قد تحمل جزءًا من الحقيقة، لسبب أساسي وواضح، عنوانها العريض “العقوبات الأميركية”. فبعض المصادر القضائية البارزة أكدت لـ”المدن” بأن العقوبات الأميركية من شأنها تغيير مسار سلامة القضائي بشكل لافت. فبعض الشخصيات السياسية خائفة من فرض العقوبات عليها، ما يعني أن الغطاء السياسي سيرفع عن سلامة، الأمر الذي من شأنه أن يتخذ مسارًا جديدًا داخل القضاء اللبناني.
مفاد هذا الكلام، أن العقوبات الأميركية تمكنت من إزالة الغطاء السياسي عن سلامة، وبالتالي فإن السيناريو المتوقع، والذي يتردّد داخل قصر عدل بيروت أن القضاء قد يكون متجهًا خلال الأسابيع المقبلة نحو إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، لتعمم بعدها على الأجهزة الأمنية، بما يخفف الضغوط الأميركية على المنظومة الحاكمة وجمعية المصارف.
ما عرضناه هو جزء قليل مما يتردد في أروقة قصور العدل، ولدى بعض السياسيين. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يتعذّر حتى الساعة، على الهيئة الاتهامية إبلاغ سلامة. وفي حال جرى التأكد فيما بعد من “شائعة” تهريبه إلى خارج البلاد، فلن يكون ذلك سوى وصمة عار جديدة تضاف إلى سجل الدولة اللبنانية الحافل بسياسة الإفلات من العقاب، لاسيما أن بعض المطلوبين دوليًا والملاحقين محليًا، ومنهم سلامة، في حال اعترفوا بما لديهم أمام القضاء اللبناني، فإن ذلك سيكون كفيلًا بفضح كبار أعضاء المنظومة الحاكمة.
فرح منصور- المدن