الرسالة الفرنسية للبنانيين محاصرة بالشروط والتحفظات

ختم البيان بدعوة المجتمع الدولي إلى “العمل الفوري على تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن لا سيما القرارات 1559، 1680، و1701.

يشكل بيان المعارضة الموقع من 31 نائباً تأكيداً جديداً على حالة الانقسام في البلاد، التي تحتاج أكثر من مبادرة فرنسية “ناعمة” لفك قطبها، بسبب الاختلاف العميق حول الرؤى المستقبلية وهوية البلاد.

في حديث صحافي أعرب نائب القوات اللبنانية جورج عدوان عن استغرابه لرسالة لودريان التي يطلب فيها من الكتل النيابية والنواب تحديد المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية في السنوات الست المقبلة، وتحديد الصفات والكفاءات التي يجدر بالرئيس التحلي بها، معتبراً إياها “سابقة وتتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية لأنها تطلب من الكتل تحديد مشاريع الرئيس ومواصفاته بشكل خطي حتى لا تغير أي كتلة موقفها”.

تنازل الفاعلية

منذ 210 أيام، يستمر النائبان نجاة عون صليبا، والنقيب ملحم خلف في اعتصامهما داخل المجلس النيابي، وتشبه نجاة الرسالة التي تلتقها صباح الأربعاء 16 أغسطس بـ”واجبات الإجازة الصيفية للطلاب”، مستغربةً حالة الاستسلام لدى الأطراف السياسية اللبنانية، “فقد تخلوا عن واجباتهم كافة لصالح الخارج، وكأنهم يقولون نحن ذاهبون للقيام بالسياحة والاستجمام، وليقوموا هم بترتيب التسويات”.

تتشكك صليبا في الغاية من الرسالة الفرنسية، متسائلة “هل هناك بند في الدستور اللبناني، يشير إلى الحاجة إلى مبادرة فرنسية لانتخاب رئيس للجمهورية؟، أم أن الخارج يقوم بما تمليه عليه مصالحه الخاصة؟”، لترد قائلة “لكل طرف خارجي مصالح سياسية أو اقتصادية، ولا يمكن التغاضي عن عقود الغاز والنفط، أو حتى القطاعات الأخرى في النقل والنفايات والمرافق العامة”.

ورداً على سؤال حول إصرار المبادرة على الردود الخطية، وهل ستستخدم من أجل أرشفة المواقف، ومنع الكتل من تبديل مواقفها، لفتت صليبا إلى “احتمال أن تكون الغاية منها اعتماد أسلوب علمي، لأن الاستبيان يهدف عادة لحصر النقاط والقضايا التي يمكن طرحها في أي بحث أو حوار، وتصنيف المواقف والطلبات”.

قائمة الأولويات

من جهة أخرى، يتمسك التيار الوطني الحر بورقة الأولويات الرئاسية “لإعادة بناء الدولة ومحاربة الفساد والإصلاح”، التي سلمها لمختلف الأطراف الفاعلة على خط التسوية الرئاسية، إذ يؤكد النائب جورج عطا الله أن “التيار يمتلك تصوراً واضحاً للانتخابات الرئاسية والعهد المقبل”، مضيفاً “أبلغنا الموفد الفرنسي في آخر لقاء لنا عن إيجابية تجاه الحوار، ولكن شرط الالتزام بثلاثة مبادىء هي حصر الحوار بالملف الرئاسي والمواصفات والبرنامج، وتحديد إطار زمني له كي لا يطول ويستغل في تضييع الوقت بانتظار إشارات خارجية كأن تتراوح المدة بين أسبوع و 10 أيام، أما النقطة الثالثة فهي التزام رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة بدورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، وفق مبدأ فليفز من يفوز”، متابعاً “أبلغنا من الموفد الفرنسي أن صيغة التواصل قد تكون عامة أو مجزأة أو ثنائية على أن تكون في قصر الصنوبر وليس مجلس النواب”.   

يعقب عطا الله على ما ينشر حول جلسات تجمع رئيس التيار جبران باسيل مع قيادة “حزب الله”، وصولاً إلى مقايضة بين رئاسة سليمان فرنجية وبعض القوانين، قائلاً إن “ما يشاع غير دقيق، فلم تعقد سوى جلستين، ويستكمل التواصل بالمراسلات، كما أن التيار متمسك بالمطالب الإصلاحية ومقابلة الإيجابية بإيجابية مع رفع “الفيتو” عن الاسم المرشح للبحث إذ ليس بالضرورة الموافقة عليه”، مشيراً إلى أن “تلبية الشروط الإصلاحية لا تعني تلقائياً القبول بالاسم المطروح للرئاسة”.

ويعتقد عطا الله أنه “في حال لم تثمر المحاولة الفرنسية الحالية قد نذهب إلى فرض إجراءات أوروبية وأميركية ضد الشخصيات المعرقلة للانتخابات الرئاسية”، مكرراً الحديث عن “استمرار التقاطع مع قوى المعارضة حول المرشح جهاد أزعور، لكن التواصل ما زال قائماً، وفي حال عقد جلسة انتخابات حالياً سنقترع له”.

التوافق الممكن

أثارت الرسالة الفرنسية تحفظات شكلية لدى أكثرية الأطراف السياسية، ولكن في المقابل، برزت أجواء مرحبة بوصفها مناسبة لفتح فجوة في جدار الأزمة، إذ يضع عضو “تكتل الاعتدال الوطني” النائب أحمد الخير “الرسالة” في خانة “المبادرة التي تقودها فرنسا بالتنسيق مع أصدقاء لبنان باللجنة الخماسية، لحل الأزمة وتقريب وجهات النظر لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تمهيداً لحوار سبتمبر، في ظل الفراغ الذي تتحمل كل القوى السياسية مسؤولية استمراره”.

وأضاف الخير “فرنسا تحاول أن تساعدنا كلبنانيين انطلاقاً من العلاقة المميزة والتاريخية، وتسعى منذ أشهر لإيجاد حل من خلال زيارات الموفد الفرنسي جان إيف لودريان ولقاءاته الاستطلاعية مع كل القوى السياسية التي تجاوبت منذ اللحظة الأولى مع المسعى الفرنسي، ورحبت به وأبدت كل الانفتاح لإنجاحه باعتباره جهداً للمساعدة على حل الأزمة بالحوار بين اللبنانيين، وليس باعتباره تدخلاً خارجياً لفرض إملاءات على أهل لبنان”.

يتطرق الخير إلى التحفظات التي صدررت حول الرسالة، لافتاً إلى أنها “قد تكون غير موفقة من ناحية الشكل، لكن ما يهمنا هو المضمون الذي يركز على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية والمواصفات المطلوبة، ويفترض منا تجاوز الشكليات”.

وجدد النائب أحمد الخير التمسك بـ “الثوابت الوطنية والعربية التي تجسدت مضامينها في رسالة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في ذكرى رأس السنة الهجرية، تأكيداً على موقع الطائفة السنية في المعادلة الوطنية كصمام أمان للصيغة والدستور والعيش الواحد، وأساس في التوازن الوطني والحفاظ على هوية لبنان العربية”، مشدداً على ثوابت الالتزام بدستور الطائف وانتخاب رئيس للجمهورية يكون حكماً وليس طرفاً، وإعادة تكوين السلطة التنفيذية من خلال تشكيل حكومة قادرة على الإصلاح والعمل.

وقال الخير إن التكتل خارج أي اصطفاف، ومنفتح على أي حوار أو مسعى لحل الأزمة، مكرراً “مرشحنا هو التوافق، ونحن أقرب إلى أي مرشح توافق يلبي المواصفات المطلوبة للرئيس العتيد والمرحلة المقبلة”.

اندبندنت

مقالات ذات صلة