عصيان سياسيّ: 31 نائباً “ضدّ السلاح”… وغياب 10 نواب من 13 تغييريّاً

ليس تفصيلاً أن يعلن 31 نائباً ما يشبه العصيان السياسي، على الداخل والخارج معاً، في بيان صادر عن “قوى المعارضة في مجلس النواب”، وضع مجموعة نقاط أساسية اعتبرها مدخلاً إلى أيّ نقاش سياسي، وأهمّها المطالبة بتنفيذ القرار 1559، وحصر السلاح بيد الدولة، ورفض الحوار قبل انتخاب رئيس الجمهورية، والموافقة على “مواصفات الرئيس” كما صدرت عن اجتماع الدوحة الأخير.

لا يقطع هذا البيان القريب من العصيان السياسي شعرة معاوية مع اللجنة الخماسية، لكنّه يضع خريطة طريق أمامها وأمام الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، قبل عودته إلى بيروت مطلع الشهر المقبل، ويحدّد الأولويات السياسية لربع مجلس النواب تقريباً.

كان اللافت غياب 10 نواب من 13 تغييريّاً، وتوقيع 3 فقط هم ميشال الدويهي ومارك ضو ووضّاح الصادق، وهو ما يعني أنّ الـ10 الآخرين فضّلوا أن يدوروا في فلك الحزب، وتحت سقف ما يسمح به، خصوصاً لجهة المطالبة بحصر سلاح الدولة وتطبيق القرارات الدولية.

قد يكون البيان الصادر ظهر أمس مقدّمةً لصياغة تحالف سياسي جدّي ومتماسك. فهذه المرّة الثانية التي يتصرّف فيها هؤلاء الـ31 ككتلة سياسية قويّة ومتّحدة، بعدما صوّتوا معاً للمرشّح جهاد أزعور في جلسة 14 حزيران. ولذا يكون هذا الاستحقاق هو الثاني الذي يظهّرهم كتلة سياسية ليست نتاج تقاطع عابر على أزعور، ومقدّمةً لقراءة مختلفة للتوازنات في مجلس النواب اللبناني.

في الآتي أبرز ما دعا إليه الموقّعون الـ31:

1- “دعوة المجتمع الدولي بأسره، وفي مقدَّمه منظمة الأمم المتحدة، إلى العمل الفوري على تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، لا سيما القرارات 1559 و1680 و1701”. وفي هذا تصعيدٌ يعيدنا إلى مرحلة عامَيْ 2004 و2005.

2- آن أوان الحسم، ولم يعد أيّ مجال لإضاعة الوقت أو ترتيب تسويات ظرفية تعيد إنتاج سيطرة الحزب على الرئاسات الثلاث والبلد، بل بات لزاماً على قوى المعارضة كافّة التحرّي الجادّ عن سبلِ تحقيق سيادة الدستور والقانون وصون الحرّيات على كلّ الأراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة وقواها العسكرية الشرعية، وعن طرق الوصول إلى سياسة خارجية تعتمد الحياد حمايةً للبنان، وإيجاد سبل لإنقاذ القضاء والإدارة والاقتصاد والوضع الماليّ وإصلاحها.

3- الترحيب بالمساعي التوفيقية التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وتقدير أيّ مسعى يأتي من أصدقاء لبنان، لكن أصبح جليّاً عدم جدوى أيّ صيغةِ تحاورٍ مع الحزب وحلفائه. فاعتماده على الأمر الواقع خارج المؤسّسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة إليها عندما يضمن نتائج الآليّات الديمقراطية بوسائله غير الديمقراطية فرضاً وترهيباً وترغيباً وإلغاء، كي يستخدمها لحساب مشروع هيمنته على لبنان، يدفعاننا إلى التحذير من فرض رئيس للجمهورية يشكّل امتداداً لسلطة الحزب، ونحتفظ بحقّنا وواجبنا في مواجهة أيّ مسار يؤدّي إلى استمرار خطفه الدولة.

4- إنّ شكل التفاوض الوحيد المقبول، وضمن مهلة زمنية محدودة، هو الذي يجريه رئيس الجمهورية المقبل، بُعَيد انتخابه، ويتمحور حول مصير السلاح غير الشرعي وحصر حفظ الأمنَيْن الخارجي والداخلي للدولة بالجيش والأجهزة الأمنيّة، وهو ما يفسح في المجال لتنفيذ كلّ مندرجات وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، لا سيما بند اللامركزية الموسّعة بوجهَيها الإداري والماليّ، وتطبيق الدستور وقرارات الشرعية الدولية وسلّة الإصلاحات الإدارية والقضائية والاقتصادية والماليّة والاجتماعية. أمّا محاولة تحميل رئيس الجمهورية أيّ التزامات سياسية مسبقة فهي التفاف على الدستور وعلى واجب الانتخاب أوّلاً، ونرفض منطق ربط النزاع.

5- التأكيد على مضمون بيان الدوحة الصادر عن مجموعة الدول الخمس، فرنسا ومصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وقطر، في تحديد المواصفات المطلوب توافرها في شخص الرئيس العتيد والمتوافقة ومطالب المعارضة.

6- دعوة جميع قوى المعارضة داخل البرلمان وخارجه إلى الاتفاق على خارطة طريق للمواجهة التصاعدية، وعلى أجندة مشتركة للإصلاحات، خاصة لناحية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاحات يحفظ أموال المودعين المشروعة، وإقرار الإصلاحات التشريعية الأساسية، خاصة اللامركزية، وهيكلة القطاع العامّ، واستقلالية القضاء، والشراكة ما بين القطاع العامّ والخاصّ، على أن تُعطى الأولوية أيضاً لموازنات متوازنة وتصنيف الودائع الماليّة المشروعة، واستكمال التدقيق الجنائي وتعميمه على الوزارات والمؤسّسات والهيئات العامّة، وكشف كلّ الجرائم المالية وغير المالية ذات الصلة بالانهيار والفساد ومحاسبة المسؤولين عنها، ومحاسبة صنّاع القرار أيّاً كان موقعهم، وحفظ حقوق المودعين، وضمان حقّ الوصول إلى الخدمات العامّة، وبخاصّة الصحّة والتعليم الرسميّان، والحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتغطية الصحّية بما يحمي الفئات الأكثر فقراً في لبنان.

7- تؤكّد قوى المعارضة استمرارها في مقاطعة أيّ جلسة تشريعية لعدم دستورية جلسات كهذه قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وتعتبر كلّ ما يصدر عنها باطلاً دستورياً، وتدعو الحكومة المستقيلة إلى التوقّف عن خرق الدستور والالتزام بحدود تصريف الأعمال، وتهيب بجميع النواب والكتل ضرورة مقاطعة الجلسة التشريعية المقبلة صوناً للدستور والشراكة.

8- ندعو القضاء والجيش وسائر الأجهزة الأمنيّة إلى تحمّل مسؤوليّاتها بحزمٍ وحكمة، ومراعاة المصلحة الوطنية وحدها لا المصالح الفئوية، وعدم التراخي في ملاحقة المخلّين بالأمن والسلم الأهليَّين، والتأكيد أنّ دور هذه المؤسّسات هو حماية الشعب من الميليشيات المسلّحة لا العكس، ونذكّرها دائماً بخضوعها قانوناً للمحاسبة والمساءلة.

9- التمسّك بضرورة متابعة التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت من النقطة التي وصل إليها، وجريمة عين إبل وأحداث الكحّالة، إظهاراً للحقيقة وتحقيقاً للعدالة ومحاسبةً للمسؤولين كافّة.

النوّاب الموقّعون هم:

جورج عدوان، سامي الجميّل، وضّاح الصادق، ميشال معوّض، مارك ضو، ميشال الدويهي، فؤاد مخزومي، غسّان حاصباني، جورج عقيص، سليم الصايغ، ستريدا جعجع، نديم الجميّل، الياس حنكش، أشرف ريفي، أديب عبد المسيح، بلال الحشيمي، نزيه متّى، سعيد الأسمر، فادي كرم، كميل شمعون، رازي الحاج، غيّاث يزبك، ملحم الرياشي، شوقي دكّاش، أنطوان حبشي، الياس اسطفان، بيار بو عاصي، زياد حوّاط، إيلي خوري، غادة أيّوب وجهاد بقرادوني.

اساس

مقالات ذات صلة