“ورطة” اقتحام مخفر وادي خالد…ماذا حصل؟
لم يُدرك أهالي منطقة وادي خالد حتّى هذه اللحظة السبب الذي دفع بعض الملثمين المسلّحين إلى اقتحام مخفر وادي خالد في بلدة الهيشة الحدودية لتحرير بعض الموقوفين، كما لم تعرف فعاليات المنطقة هوية القائمين على هذا الفعل الذي استفزّ أبناء وادي خالد وقياداتها.
في الواقع، تفاعلت قضية تهريب موقوفين من مخفر وادي خالد في الشمال عموماً، وعكار خصوصاً، بحيث رفض أهالي المنطقة هذه الحادثة رفضاً قاطعاً مع استنكارهم هذه “الورطة” التي وقعت فيها عصابة من الملثمين ارتكبت جرماً فاضحاً لتهريب مطلوبين أو خارجين عن القانون نفذوا جرائمهم من جهة، وكان يجب انتظارهم القصاص الذي يستحقّونه من جهة ثانية، في وقتٍ أفادت معطيات أنّ هذا الحدث الذي ضرب المنطقة ولم يكن متوقّعاً، كان يستهدف تهريب شخصيتين رئيستين، في حين يُظهر بعض المتابعين مخاوفهم من احتمال تهريبهما عبر الحدود “السائبة” إلى سوريا بعيداً من العدالة مع “فلتان” الحدود وصولاً إلى رأس الناقورة عبر مئات القرى الحدودية.
يُمكن القول إنّ هذه القضية واجهت تضارباً واضحاً في عملية نقل المعلومات المرتبطة بها، إذْ أوردت بعض الوسائل الاعلامية خبراً يُؤكّد إعادة الموقوفين إلى المخفر بعد تدخل وجهاء في المنطقة، لكنّ الواقع يُظهر أنّ أحدهما عاد فقط، مع تهريب الموقوفيْن الآخرين المتورّطين بقضايا أكبر وأشدّ وطأة حسب ما يُؤكّد المتابعون. كما لفتت معلومات أخرى إلى أنّ الملثمين الـ 3 دخلوا المخفر الموجود فيه عنصر أمنيّ واحد، فيما أكدت فعاليات من المنطقة أنّهم كبّلوا العناصر الخمسة في المخفر الوحيد الموجود في هذه المنطقة.
ويروي مصدر من وادي خالد لـ “لبنان الكبير” تفاصيل ما حدث في هذه المنطقة التي تشهد إهمالاً رسمياً بات معروفاً، قائلاً: “دخل مسلّحون وصلوا عبر دراجات نارية بقوّة السلاح إلى المخفر، حيث هدّدوا العناصر وفتحوا الزنزانة التي فيها 7 موقوفين، أخرجوا منها 3، وعاد أحدهم الى تسليم نفسه ليلاً، أمّا الموقوفان اللذان هربا مع المسلّحين فأحدهما سوري متورّط كما قيل في قضية مراكب الموت أو متورّط مباشرة بجرم الاتجار بالبشر عبر الهجرة غير الشرعية، والآخر لبناني من وادي خالد ومتهم بقضية مخدّرات، أمّا الثالث والذي عاد إلى النظارة فخرج معهم مع أنّ قضيته أسهل ولم يكن سيقضي فترة طويلة في الحبس أساساً وهو من مشتى حمود وسلّم نفسه الى المعلومات، فيما رفض الموقوفون الـ 4 رفضاً قاطعاً الخروج مع الملثمين، الذين وبعد قيامهم بضرب أحد العناصر وإطلاق رصاصتين في المخفر من دون إحداث ضرر مادّي مباشر، خرجوا من المخفر وعمد الموقوفون إلى فكّ يد العنصر الذي تمّ ضربه”.
ويرفض الراوي الحديث عن “فلتان” أمني في وادي خالد، إذْ يُشدّد على أنّ هذه المنطقة تبقى الأكثر أماناً في لبنان، وذلك “في ظلّ وجود قيادات ومفارز أمنية، وعناصر يعملون ليلاً نهاراً ويقومون بمسؤولياتهم قدر الإمكان، بالتعاون مع فعاليات المنطقة من رؤساء بلديات ومخاتير قدّموا مساعدتهم إضافة إلى المواطنين في المنطقة التي يصل عدد سكانها إلى 50 ألف نسمة وهم سهروا إلى جانب الدرك حتّى الساعة الثانية صباحاً للاطمئنان اليهم “ونحمد الله أنّ الطريق كانت سالكة، لأنّ أهالي الوادي لن يقبلوا بدخول خارجين عن القانون للتعدّي على الأمنيين في المنطقة، ولو وجدوا في هذه اللحظات العصيبة، لكانت وقعت كارثة لأنّهم سيُساعدون عناصر الدّولة لا محالة”.
ليس خافياً على أحد أنّ أهالي وادي خالد يُقدّرون هذا المخفر الذي تبلغ مساحته 200 متر تقريباً وربما أقلّ، إذْ “لم يتعرّض أيّ عنصر أمني منذ زمن حتى خلال الحرب الأهلية لأيّ شكل من أشكال التعدّي”.
وفي نبذة تاريخية، كان يُطلق على هذا المخفر اسم “محطّة وادي خالد” سابقاً، لأنه كان قريباً من سكّة الحديد (خطّ حمص – طرطوس) الذي كان يمرّ من الوادي خلال الانتداب الفرنسي أيّ في الثلاثينيات حينما شيّد مبنى المخفر كما يُؤكّد المصدر، “لكن حينما بات المبنى آيلاً للسقوط نقل إلى مشتى حسن، وأصبح مخفر المشتى والوادي في مبنى واحد لكلّ منهما قسم بصلاحية مختلفة، لكن منذ أعوام أعاد الأهالي بمساعيهم إعمار مخفر الوادي في وادي خالد بتقدمة منهم”، مطالباً ببناء مخافر جديدة في محافظة عكار مع التدهور الأمني الأخير.
ويرفض المصدر وجود مطلوبين في المخفر لا سيما في قضايا خطيرة، مناشداً المعنيين بناء سجن في كلّ منطقة أو محافظة منعاً لفكرة الاكتظاظ، “فبدلاً من التوجه إلى طرابلس عند القاضي وصرف أموال النقل والعناصر وتكلفة إعادة المطلوب أو المتهم إلى الوادي، وبدلاً من الانشغال بتأخير المحاكمات بسبب هذه الآلية القائمة على قلّة التمويل والإهمال، لا بدّ من تغيير الاجراءات حتماً وعدم الاحتفاظ بمطلوبين بصفة خطيرة أبداً في مخفر، بل بناء سجن غير سجن سرايا حلبا الذي كان قيد التأهيل منذ أشهر، لكن من المعيب أن نتحدّث عن محافظة كاملة لا سجن فيها للأسف”.
لبنان الكبير