موقف صادم لفريقي القوّات اللبنانية وحزب الكتائب والحلفاء… من فارس سعيد!
كان صريحاً، ربّما، أكثر من اللزوم، النّائب السّابق فارس سعيد، عندما أطلّ بموقف صادم لفريقي القوّات اللبنانية وحزب الكتائب وحلفائهما بما يتعلق بحادثة الكحّالة، يوم الأربعاء الماضي، والتي سقط بسببها ضحيتين، بعدما كادت هذه الحادثة تدفع البلاد نحو حرب أهلية جديدة، إلى حدّ دفع البعض تشبيه حادثة كوع الكحّالة بحادثة بوسطة عين الرمّانة الشهيرة، التي كانت سبباً في اندلاع الحرب الأهلية في 13 نيسان من العام 1975.
ومع أنّ النّائب السّابق سعيد لم يعتد أن يدلي بمواقف سياسية جامعة، إلّا نادراً، وهو ينطلق في مواقفه من خلفية سياسية واضحة تتقاطع إلى حدّ بعيد مع مواقف القوات اللبنانية وحزب الكتائب وقاعدتيهما السّياسية والشّعبية، فإنّه في موقفه الأخير من حادثة الكحّالة مثّل حالة سياسية موجودة داخل البيئة المسيحية، بعيداً عن حجمها وتأثيرها، تعارض توجّه ودعوات البعض إلى حمل السلاح واستخدام العنف بمواجهة الآخرين، ليس بسبب وازع وطني أو أخلاقي، إنّما لأنّ ظروف الدعوة إلى حمل السّلاح، كما دعا البعض إليه بعد حادثة الكحّالة، ليست متوافرة، وهي بمثابة دعوة إلى الإنتحار الجماعي أكثر منها دعوة إلى الحفاظ على الكرامة والوجود والدور والمصير.
بصراحة جارحة ومؤلمة، فضلاً عن كونها واقعية كما يحب البعض أن يسميها، قال النائب السّابق سعيد، الذي كان يعتبر صقراً من صقور فريق 14 آذار واحتل منصب الأمانة العامّة فيه، بأنّه ضدّ اللجوء إلى العنف وحمل السلاح ضد حزب الله، إلا إذا توافرت 3 عوامل رئيسية لذلك، هي: الأوّل الإتيان برئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق آرييل شارون ومعه 100 ألف جندي صهيوني، على غرار الإجتياح الاسرائيلي العسكري للبنان في العام 1982؛ والثاني القدرة على المجيء بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مجدّداً كما حصل في العام 1976، عندما دخل جيشه إلى لبنان ومنع إسقاط المناطق المسيحية؛ والثالث تأمين تسليح ودعم من السّعودية، قبل أن يصل إلى خلاصة قالها بوضوح: “إذا مش مأمنين شي من هول فأنا مع الحوار مع حزب الله”.
غير أنّ ما أفصح عنه سعيد ليس صراحته فقط، ولا واقعيته، بل كشفه أنّ فريقاً من المسيحيين تعامل سابقاً مع الإسرائيليين مستعد لذلك حالياً لكن الظروف لا تسمح له، كما أنّه أدلى بموقف يرفضه أغلب القادة المسيحيين من أصحاب الرؤوس الحامية الذين ينكرون حتى اليوم أنّ دخول الجيش السّوري عام 1976، بقرار من الرئيس السّوري الراحل حافظ الأسد هو من حمى المناطق المسيحية من السقوط، فضلاً عن كشفه ما يتم تداوله في بعض الأوساط عن آمال يعلقها أطراف مسيحيون على تلقيهم دعماً وتسليحاً من السّعودية لمواجهة حزب الله عسكرياً.
ولأنّ العوامل الثلاثة المذكورة غير متوافرة، يرى سعيد ـ إقتناعاً أو واقعية أو من باب التقيّة بانتظار ظروف أفضل، الحوار مع حزب الله لمعالجة المشاكل والقضايا العالقة أو المستجدة، في ما يبدو أنّه دعوة لإجراء حوار بهدف تقطيع الوقت ليس إلّا.
عبد الكافي الصمد