ما مخاطر واحتمالات وقوع صدام أميركي-روسي في سوريا؟

إلى ماذا سيؤدي التعرض الروسي المتكرر للطائرات الأميركية فوق سوريا؟وهل إعلان البنتاغون أن روسيا تتعرض للطائرات المُسيرة الأميركية التي تلاحق فلول تنظيم داعش في سوريا، هو مقدمة لردٍ عسكري أميركي قد تحتمه استمرار الاستفزازات الروسية؟.

برنامج “عاصمة القرار” من الحرّة طرح هذه التساؤلات، وغيرها، على ضيوفه: بول بيلار، مساعد مدير”وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية سابقاً، الأستاذ في جامعة جورجتاون في واشنطن، والعقيد المتقاعد في الجيش الأميركي ديفيد دي روش، الأستاذ في “جامعة الدفاع الوطني” في واشنطن.

وشارك في جزء من الحوار كل من: المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، من موسكو، ومن إسطنبول، العقيد السوري المعارض عبد الله الأسعد، رئيس “مركز رصد للدراسات الاستراتيجة”.

تصرف متهور وغير مهني
ثمة قواعد اشتباك، وقناة لتجنب الاحتكاك بين القوات الأميركية والروسية في سوريا. والقيادة المركزية الأميركية تتابع ذلك يومياً، من أجل منع أي نوع من الحوادث أو التصعيد. ويتوقع البنتاغون أن تلتزم روسيا بالبروتوكولات الموقعة بين الطرفين.

لكن، يقول البنتاغون، إن طائرة مقاتلة روسية حلّقت بشكل خطير بالقرب من طائرة أميركية من دون طيار، وضايقتها، أثناء قيامها بمهمة لهزيمة داعش في سوريا. وقذفت بالونات على الطائرة الأميركية من فوقها مباشرة، مما ألحق أضراراً شديدة بمروحة الطائر.

ويقول الجنرال أليكس غرينكيفيتش، قائد سلاح الجو المركزي الأميركي، إن “تجاهل المقاتلة الروسية الصارخ لسلامة الطيران ينتقص من مهمتنا لضمان الهزيمة الدائمة لداعش. ندعو القوات الروسية في سوريا إلى أن تضع حداً فورياً لهذا التصرف المتهور، غير المبرر، وغير المهني”.

ويُضيف الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية: “إن سلوك الطيران الروسي غير الآمن وغير المهني، ينذر بالتصعيد غير المقصود وسوء التقدير”.

ويدعو النائب الجمهوري كوري ميلز إدارة الرئيس جو بايدن إلى “إظهار قوتها في التعامل مع خصوم مثل روسيا والصين إيران”، مضيفا أن “حماية مصالحنا وضمان الاستقرار العالمي يتطلبان نهجاً حازماً. والسلام من خلال القوة يردع الحرب، في حين أن الضعف يدعو إلى التعدّي والعدائية”.

ويقول بول بيلار إن الاستفزازات الروسية للقوات الأميركية في سوريا “على صلة بالحرب الروسية على أوكرانيا. لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول إضعاف الموقف الأميركي في أي تفاوض بشأن أوكرانيا. وأن هناك تنسيق روسي إيراني لجعل حياة القوات الأميركية في سوريا صعبة، وبالتالي دفع واشنطن للانسحاب من سوريا”.

ويوافق العقيد ديفيد دي روش على الصلة بين أوكرانيا وسوريا في التفكير والتحركات الروسية. وبأن “روسيا وإيران تنسقان لإخراج القوات الأميركية من سوريا، وأن الدولتين تستفيدان من عدم وجود استراتيجية أميركية تجاه سوريا، في عهد كل من الرئيسين السابقين أوباما وترامب، ثم بايدن. فواشنطن تعرف ما لا تريد رؤيته يحدث في سوريا، لكنها لم تطور استراتيجية متكاملة تجاه هذا البلد”.

ويقول الخبير الروسي أندريه أونتيكوف، إن “هناك علاقة مباشرة بين الأحداث في أوكرانيا وسوريا. وإن هدف روسيا هو الضغط على القوات الأميركية في سوريا نتيجة تزويد واشنطن لكييف بالكثير من الأسلحة التي تستعمل ضد روسيا. لكن لا بد من تخفيف التوتر بين البلدين وتحقيق الانفراج بين موسكو وواشنطن”.

تردد أم تجنب للتصعيد؟
يقول الكاتب الأميركي جايمي ماكِنتاير إنه “خوفاً من التصعيد، فإن إدارة بايدن مترددة في مواجهة روسيا مباشرة في البحر الأسود أو في سماء سوريا”.

ويضيف أن الوقت قد حان كي ترد الولايات المتحدة على الاعتداءات الروسية المتكررة والخطيرة. وأن الرد الأميركي يجب أن يتخطى البيانات مُحكمة الصياغة، خاصة أن الاعتداء على المًسيرة الأميركية في سوريا هو الثاني من نوعه في أقل من أربعة أشهر.

ويعتقد بول بيلار أنه يجب أن يكون هناك رد أميركي مثل “التحليق الأميركي فوق منشآت روسية في سوريا، أو ضرب ميليشيات إيران في سوريا، وأهداف روسية إيرانية مشتركة، لأن طهران وموسكو تعملان معاً لإخراج القوات الأميركية من سوريا. لكن علينا اختيار الأهداف بعناية، وتوخي الحذر لتجنب أي صدام عسكري أميركي روسي مباشر”. فهدف الرد – برأي بيلار- يجب أن يكون “إرسال رسالة صارمة للروس، وغيرهم، بأن القوات الأميركية هنا ولن تقف مكتوفة الأيدي”.

ويقول العقيد ديفيد دي روش إن “البنتاغون يُعِّدً خطةً للرد على استهداف روسيا للمسيرات الأميركية. هذا الردّ سيكون قوياً دون إلحاق أي أذى بالمدنيين. لأن هدف البنتاغون معاقبة من يستهدف المصالح الأميركية، دون الانزلاق إلى معركة مع روسيا من أجل طائرة مسيّرة. فواشنطن لا تريد الاحتكاك العسكري ولا التصعيد مع القوات الروسية. فالولايات المتحدة لا تريد قتل جنود روس رداً على استهداف مُسيّرة أميركية. والبنتاغون يزِنُ الرد بعناية وبطرق مًبتكرة”.

إلى ذلك، يضيف العقيد السوري المعارض عبد الله الأسعد أن “روسيا تتخذ من سوريا رهينة لمواجهة أميركا، وذلك من خلال التنسيق مع إيران وميليشياتها وداعش ضد القوات الأميركية في سوريا. فسوريا أصبحت ورقة ضغط روسية إيرانية على واشنطن، ولا بد من رد عسكري أميركي على ذلك”.

من جهته، يقول مارك آسبر، وزير الدفاع الأميركي السابق، إن على الولايات المتحدة “التصدي للسلوك الروسي السيئ أولا، واجهوا طائراتنا بدون طيار فوق البحر الأسود، وتراجعنا. والآن تفعل موسكو الشيء نفسه في سوريا”.

ويعتقد الأدميرال الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس أنه : “سيتعين علينا تصعيد ردنا إلى ما هو أبعد من مذكرة شديدة الصياغة. قد يكون الوقت حان لتطوير طائرات من دون طيار مع تدابير مضادة دفاعية على متنها لنشرها ضد الجهات المعادية. وهذا ممكن جداً من الناحية الفنية”.

ويعتقد الكاتب الأميركي دانيال دي بيتريس، أنه بينما تسعى موسكو إلى دفع واشنطن للخروج من سوريا، قد يكون لتصرفاتها مفعول عكسي، من خلال قيام الولايات المتحدة بزيادة عدد قواتها في الشرق الأوسط.

ويلاحظ الخبير تشارلز ليستر أن السبب الوحيد وراء قيام روسيا باستهداف طائرة أميركية في سوريا، هو أن موسكو لا تواجه أي عواقب.

ويتسائل بعض المحللين العسكريين الأميركيين “عن جدوى الرسالة اللفظية” التي توصلها واشنطن لبوتين بعد كل اعتداء. ويدعون إلى “ضرورة وضع طائرات F-35 الأميركية التي وصلت مؤخراً إلى الشرق الأوسط لردع روسيا لا إيران فقط”.

ولا يتوقع بول بيلار وديفيد دي روش أي “انسحاب عسكري أميركي من سوريا على المدى القصير، وقبل انتهاء الأحداث هناك”.

ويشدد بيلار على أن إدارة بايدن “لن تسكت على الاستفزازات الروسية ، لكن واشنطن لن تنزلق لصدام مباشر مع روسيا في سوريا، لأن ذلك سيلهيها عن التنافس مع القوى العظمى”.

لكن العقيد ديفيد دي روش يتوقع “مواجهة عسكرية أميركية روسية محدودة، إذا استمرت المضايقات الروسية للقوات الأميركية في سوريا. لأن القوات الأميركية لن تترك لروسيا وإيران حرّية الحركة لتغيير قواعد الاشتباك في سوريا” برأي الخبير العسكري الأميركي، معتبرا أن الهجمات الروسية الجديدة على المسيرات الأميركية، التي قتلت القائد الداعشي أبو أسامة المهاجر، أوائل الشهر الجاري، تجعل من سوريا حلبة تنافس عسكري بين واشنطن وموسكو ، وتزيد من احتمال وقوع مواجهة بين الطرفين

الحرة

مقالات ذات صلة