جبران جرجي باسيل: يبيع ويشتري… ويهدي الرئاسة لسليمان بك في عيد ميلاده 58؟

أفكّر جدّياً في التخلّص من نصف مكتبتي، لن أهبها لمدرسة ولا لبلدية ولا لمتعطّش إلى المعرفة ولا لصديق. سأتخلّى عن جزء منها عن طريق المقايضة. سأبقي على الروايات الأعزّ إلى قلبي، وكتب التاريخ والسِّير، إلى المجموعات الشعرية والباقي لمن يرغب.

جاهز لمقايضة «الوجود والعدم» مقابل دجاجة بيّاضة وبضهره «رأس المال». كما أقايض خمسين كتاباً في الفلسفة بفرّامة أغصان بحالة جيدة، وخمسة قواميس بخمس قناني نبيذ لبناني، ومجموعة من كتب الدين بكرسي هزّاز، وكتب راسين وموليير ورامبو وإخوانهم بشجرة بندق.

جدتي كانت أحياناً، تقايض بائع البوظة المتجوّل على بيض بلدي طازج عندما لا يتوافر معها ثمن ضعفِنا تجاه المثلّجات. فيضعها أبو ماجد في جعبته ممتناً.

في فنزويلا، حيث صارت عملة «بوليفار» مضرب مثل، إذ يحتاج المواطن هناك إلى كيس خيش لحمل ما يوازي مئة دولار (الدولار الأميركي يساوي 2.927.245.47 بوليفاراً ممانعاً) يقايضون الطحين مقابل السكر والبيض أو الموز مقابل قصة شعر وأجرة التاكسي يدفعها بعض الفنزويليين سجائر.

وفي عهد الجنرال عون قايض اللبناني كيلو زعتر بلدي بدجاجة بلدية من دون شهادة منشأ، ورز بحليب، وحليب بحذاء!

الأفراد يقايضون والدول، صغرى وكبرى تقايض. كالصين، وتركيا، وروسيا، والجمهورية الإسلامية الإيرانية.

لبنان وسورية يقايضان مع العراق. مقابل النفط العراقي تصدّر سورية صناعات نسيجية وألبسة ومنظفات فيما يصدّر لبنان خدمات ووعوداً.

في زمن المجاعة الكبرى (1915 / 1918) التي اجتاحت جبل لبنان وقضت على ثلث سكانه، قايض الجياع أراضيهم ومتاعهم بحفنة من القمح، ويُروى أنّ بعض النسوة قايضن أجسادهن لشراء حياة على وشك الإنطفاء.

وفي زمن «السلبطة» الكبرى و»الاستقواء» و»الابتزاز» طلع علينا جبران جرجي باسيل بمشروع حلّ قائم على المقايضة «أعطونا سلفاً لامركزية موسّعة وبرنامجاً إصلاحياً، وخذوا منّا أكبر تضحية لست سنوات».

هذا ما أعلنه.

أولاً- من سيعطي الباش مهندس اللامركزية والبرنامج الإصلاحي، «ثنائي» التعطيل المستدام أو «المنظومة» ككل؟

ثانياً – هل التضحية تكون بتقديم الرئاسة هدية لسليمان بك في عيد ميلاده الثامن والخمسين؟

ما دام رئيس التيار البرتقالي داخلاً في سوق المقايضة، والطرف الآخر على كامل الاستعداد لمجاراته وتلبية رغباته، لماذا لا يرفع السعر قليلاً مقابل تضحيته كأن يطلب إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم وإقرار العلمنة الشاملة وحلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، تطبيقاً للطائف، وتوزيع اللاجئين الفلسطينيين على الدول العربية، والقبول سلفاً بمرشحيه لدخول الوزارة الجديدة ولحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش والأمن العام، وللمواقع المسيحية الشاغرة، وإطلاق هنيبال القذافي وتزكية قائد جديد لشرطة مجلس النوّاب من جماعته؟

أعطوا جبران ما يطلبه وخذوا ما يدهش العالم!

عماد موسى

مقالات ذات صلة