حوار “كامل الأوصاف” بين الصنوبر الفرنسي وعين التينة: هل فتح الباب للسير بمرشح آخر؟
حوار لا يرتقي الى رتبة “سان كلو” ولم يبقَ تحت قبة البرلمان اللبناني، إنما هو حوار في أرض محايدة فرنسية ضمن الأراضي اللبنانية في قصر الصنوبر، لاتفاق قيادات الصف الأول على “مواصفات الرئيس” ليُصار بعدها الى عقد جلسات انتخابية متتالية.
طرح حمله المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان، في ظل ما نُقل عن الرئيس ايمانويل ماكرون من استياء لهجوم الثلاثي المسيحي على مبادرته الرئاسية واتهامه بتسويق مبتغى الثنائي الشيعي والعمل لمصلحة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئاسياً، فتراجعت فرنسا خطوة الى الوراء ووقف في المنتصف ما بين الثنائي الشيعي والثنائي المسيحي، فلم يسوّق الحوار على اسم الرئيس كما يريده رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله”، ولم يطرح حوار “البرنامج” كما يصبو اليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فجاءت فكرة المواصفات استكمالاً لما بدأته اللجنة الثلاثية في نيويورك والخماسية في الدوحة.
بانتقال الفرنسي الى الحوار من غير أسماء رئاسية، يُفتح الباب على إمكان السير بمرشح آخر، ولكن هذا لا يعني وفق مصادر قيادية محسوبة على الديبلوماسية الفرنسية أن باريس تخلّت عن دعم فرنجية، بحيث لم يُعلن المبعوث الفرنسي أمام أي من الأطراف أن ترشيح فرنجية أُسقط من حسابها الرئاسي، كما أن مشاركة الثنائي الشيعي في حوار من غير أسماء لا يعني مطلقاً تنازله عن مرشحه، لكن تأكيد الرئيس بري أن “الحوار قائم” يعني أنه أعطى الضمانات للمبعوث الفرنسي، والجلسات معلقة الى ما بعد أوائل أيلول، فور الانتهاء من الحوار على المواصفات. والفرنسي لجأ الى عين التينة للمرة الثانية في يومي إقامته في لبنان، التي استهلها من عين التينة وختمها في عين التينة، بحيث إن الرئيس بري يُعد مايسترو إنضاج الحوار وصائغه، وله الكلمة الفصل في تحديد المدعوين وتقسيم الحضور طائفياً ومناطقياً، وخصوصاً في ظل تشرذم الطائفة السنية.
هدر الفريق المسيحي الرافض للحوار أكثر من تسعة أشهر من عمر الرئاسة، وعاد بالعصا الخماسية الى الحوار غير المشروط، مع العلم أن مصادر قيادية لا تزال تعتبر أن حل الملف اللبناني إقليمي دولي وليس داخلياً، ويقوم الفرنسي بتقطيع الوقت حتى لا يكون قد نعى مبادرته ووأدها في مهدها، فأدخل عليها نفساً جديداً سمّاه “حوار المواصفات”، منتظراً أن يلاقيه الثنائي المسيحي وقوى المعارضة بالتجاوب مع الحوار، والثنائي الشيعي بضمان عقد الجلسات المتتالية لانتخاب الرئيس في حال التوافق على المواصفات أو عدمه.
أما الخطر على المبادرة الفرنسية فليس داخلياً وحسب، إنما أيضاً بانتظار الموقف الأميركي منها وتأثيره على حلفائه في المجلس النيابي. فإذا كان يريد العرقلة، باستطاعته أن يقول “لا لمبدأ الحوار”، طالما أن المواصفات معروفة وذكرها بيان الثلاثي في نيويورك، وليصار فوراً الى عقد جلسات وانتخاب الرئيس، ويكون ذلك بمثابة إعلان مراسم تشييع المبادرة الفرنسية بإرادة أميركية وبأصوات لبنانية تسمى “قوى المعارضة”، التي استمهلت الاجابة لاجراء تقويم مشترك والتماس الضوء الأخضر الأميركي.
رواند بو ضرغم- لبنان الكبير