السعوديّون مُقتنعون أن هذه المرحلة بطريقها الى النهاية… ما لم تحصل مُفاجآت!
مضحكة المهلة التي قُدمت لفرنسا لتسويق عملها في لبنان، وما السماح لفرنسا بالعمل سوى تمرير للوقت، الى حين نضوج تسوية يكون أركانها السعوديون والأميركيون والايرانيون، فيما الفرنسيون الذين تلقوا ضربة شديدة في اجتماع «اللجنة الخماسية» في الدوحة يعودون الى بيروت من باب رفع العتب، لأنهم على قناعة بعدم قدرتهم على تغيير الواقع، بينما من يستطيع تغيير الواقع لم يتحرك بعد، كالسعوديين على سبيل المثال.
منذ فترة طويلة، كان من الواضح أن المملكة العربية السعودية لا تتعامل مع الملف اللبناني على أساس أنه أولوية بالنسبة لها، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى العديد من الملفات الأخرى، منها الملف اليمني على سبيل المثال، لكن في المقابل وضعت المملكة بعض الخطوط الحمراء بما يخص رؤيتها اللبنانية، متعلقة بإتفاق الطائف تحديداً.
بالإضافة إلى ذلك، تدرك السعودية اليوم أنها ليست الطرف المعني بتقديم تنازلات في هذه الساحة، خصوصاً أنها غير مستعجلة على الحل كما هو حال باقي الجهات، في حين يسلم الجميع بالحاجة إلى مشاركتها في أي تسوية، وبالتالي هي تضمن حضورها المسبق، لكن حجم هذا الحضور مرتبط بالمسار الذي سيسلكه الملف الإقليمي، وهو الأساس بالنسبة للمملكة.
هنا، قد يكون من المفيد الإشارة، على عكس ما يحاول البعض الإيحاء، أن إنعكاسات الإتفاق السعودي – الإيراني لم تظهر حتى الآن في أي ملف مشترك بين البلدين، لا بل يمكن القول إن هناك تحديات إضافية تواجه هذا الإتفاق، كالخلاف المتجدد حول حقل الدرة مع السعودية والكويت، لذلك تستبعد مصادر سياسية متابعة أي تحول جذري في الموقف السعودي من لبنان، قبل اكتشاف المملكة أبعاد اتفاقها مع إيران، وهو ما لا يزال يحتاج الى بعض التجارب، فحتى التجربة اليمنية، وإن توقفت الحرب هناك، إلا أنها لم تصل الى خواتيم سعيدة بعد تجعل الملف مقفلاً بغية الانتقال الى غيره.
بالنسبة الى المصادر فإن القيادة السعودية التي لم تدعم يوماً، ولم تُهاجم المسعى الفرنسي في لبنان، باتت شبه مقتنعة بأن مرحلة ترشيح سليمان فرنجية وجهاد أزعور في طريقها الى النهاية، بسبب الأزمة الحادة الموجودة في لبنان، والتي بات من الصعب جداً أن تنتهي لصالح أحد المرشحين أزعور او فرنجية، ولو أنها تترك الباب مفتوحاً أمام مفاجآت، كتلك المفاجأة التي حصلت يوم حصل شبه إجماع مسيحي على إسم مرشح، وهو ما كان مفاجئاً للمملكة كما للفرنسيين، وترى أن ما قبل جلسة 14 حزيران يختلف عما بعده، لكنها حتى اللحظة لا تملك تصوراً كاملاً حول الحل المفترض ولا حتى إسم الرئيس، فالمملكة التي يُقال في الكواليس أنها لا تمانع وصول قائد الجيش جوزاف عون الى رئاسة الجمهورية، لا تمانع في الوقت نفسه وصول فرنجية، وهي أعلنت ذلك عندما قال سفيرها في بيروت أن السعودية لا تضع «فيتو» على أي إسم، وبالتالي ليس صحيحاً أن السعودية تريد عون رئيساً، فهي حتى اللحظة لا تملك إسماً مفضلاً، لأنها تعتبر أن «دور» الملف اللبناني لم يحن بعد.
قناعة السعوديين تقول بأن الإيرانيين جادون في رغبتهم بالوصول الى حل في لبنان ليرتاح الفريق القريب منهم، وبحسب المصادر فإن المملكة هي من تمانع البحث الجدي بالملف اللبناني في هذا التوقيت، بانتظار انتهاء «مرحلة التجارب» مع الايرانيين.
محمد علوش- الديار