آخر الكلام… أنقذوا لبنان من الأسوأ… أي من الانهيار التام !
لعل اجتماع اللجنة الخماسية مؤخراً يشكل فرصة لحل الأزمة اللبنانية. أقول “لعل”، لأن معظم المصادر الرسمية والتقارير العالمية تُنذر بمزيد من الإنهيارات في أرض شجر الأرز الضارب بأصله في أعماق التاريخ. أكتب اليوم عن الأوضاع الاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والبيئية والفراغ المؤسساتي الذي يحول دون إنقاذ لبنان.
اقتصادياً، الوضع المعيشي خانق، وهو ما دفع المودعين لاقتحام المصارف حاملين قنابل يدوية ومطالبين بالحصول على ودائعهم المالية. فترة عمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تنتهي خلال ثمانية أيام، ولا يبدو أنه سيتم التمديد له، ناهيك بتبعات الاتهامات الموجهة لسلامة باختلاس الأموال. في تلك الأثناء، يزداد الوضع الاقتصادي والمالي تدهوراً، وتستمر الأعطال في 72 محطة لتكرير المياه، وتستمر ميليشيا “حزب الله” باستغلال اللبنانيين وغسل الدولار.
اجتماعياً، استفاقت مدينة طرابلس على مشهد مرعب؛ كيس قمامة يجره كلب وبداخله رضيعة على قيد الحياة! لا جديد، اليونيسف حذرت أكثر من مرة عن حالات العنف ضد الأطفال التي ارتفعت بنسبة 44 في المئة في لبنان. ما زالت البيوت تتذكر بغضب الطفلة لين طالب، ابنة الست سنوات التي قُتِلَت بعد تعرضها لاعتداءات جسدية وانتهاكات مرات عدة.
هذه هي الحال بقرب جبال بعلبك الشامخة، أطفال يتم استغلالهم في ترويج المخدرات، وارتفاع معدلات الحمل غير المرغوب به، في المجتمعات الفقيرة والمهمشة، وتزايد حالات الإجهاض.
بيئياً، تغييب قوانين حماية الإنسان والنبات والحيوان، وانبعاثات السيارات، والتغير المناخي، وسوء إدارة النفايات، أدت إلى تفشي أزمة التلوث البيئي كأحد أبرز المآسي التي يمر بها لبنان. إهدار الأموال الممنوحة من الخارج، ونوم الجهات المختصة، أدى إلى انتشار المخاطر الصحية المرعبة، وتفشي الفساد. أضف إلى ما سبق … تعطلت المشاريع، وجفت الأنهار، وارتفعت نسبة الحرائق في الأحراج، حتى انضمت إلى قائمة أكثر 10 بلدان العالم تلوثاً، دولة جميلة اسمها لبنان.
إعلامياً، أدى التلاسن الحاد بين محلل سياسي معروف ووزير سابق خلال برنامج (المفترض أنه حواري) لإحدى محطات التلفزة اللبنانية إلى معركة حامية الوطيس. أحد الضيفين تهجم على الآخر برشقه في بداية الأمر بكوب من الماء، ثم تطور الأمر إلى تدافع بالأيادي ومعركة اشتباك مباشرة على الهواء. ليس من المستغرب فشل المحاولات تلو الأخرى لانتخاب رئيس في ظل استمرار التجاذب بين التابعين لـ”حزب الله” وخصومهم المعتدلين في البرلمان، فعوضاً عن البدء بإعادة الحياة إلى غابات الصنوبر الشامخة، سقطت كل الحلول وفاز الانهيار.
آخر الكلام
لعل الاجتماعات الثلاثة التي عُقِدت مؤخراً فرصة لإنقاذ لبنان. أقصد، 1- الاجتماع الخماسي في باريس الشهر الماضي بحضور ممثلين عن السعودية وفرنسا والولايات المتحدة ومصر وقطر. 2- زيارة نزار العلولا، المستشار في الديوان الملكي السعودي لباريس ولقاءه نظيره باتريك دوريل، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط. 3- زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، لباريس يوم الاثنين الماضي للقاء وزيرة الخارجية كاترين كولونا.
لعل هذه الجهود تنقذ لبنان من الأسوأ، وأقصد لا سمح الله، الانهيار التام.
عبد الله العلمي- النهار العربي