عتب سياسي على اللقاء الخماسي!!
لا يُخفي بعض المسؤولين والسياسيين اللبنانيين عتبهم على دول اللقاء الخماسي، بحجة أن البيان الصادر عن إجتماعهم الثاني في العاصمة القطرية، جاء دون الآمال المعلقة على مساعدة الدول الشقيقة والصديقة للوطن الصغير، للخروج من مهاوي أزماته الراهنة، والتي تزداد تدهوراً وتعقيداً يوماً بعد يوم.
ويبدو أن أصحاب هذا العتب كانوا يتوقعون من المجتمعين إطلاق دعوة للحوار بين القيادات اللبنانية، على غرار ما حصل في الطائف، الذي أنهت نتائجه الحرب المديدة في البلد، ووضعت الأسس الدستورية للجمهورية الثانية في العهد الإستقلالي. أو على الأقل عقد مؤتمر لبناني بحجم مؤتمر الدوحة الذي أنهى الأزمة الحكومية والشغور الرئاسي في عام ٢٠٠٨، وأنقذ البلد من الوقوع في حرب أهلية جديدة بعد أحداث أيار في بيروت والجبل.
ولكن كيف يمكن للأشقاء والأصدقاء أن يخوضوا في تنظيم مؤتمر حوار غير مضمون النتائج، في ظل هذا الإنسداد الأسود في الأفق السياسي اللبناني، وتفاقم الخلافات والصراعات بين الأفرقاء المحليين، وعدم إستعداد أي منهم لإعادة النظر بمواقفه، ولا يُبدي أي مؤشر للقبول بحوار غير مشروط، فكيف يمكن الرهان على الوصول إلى «تسوية ما»، طالما أن الأحزاب والكتل النيابية المعنية لا تفكر بإتخاذ خطوة إلى الوراء، وتعلن قبولها بالتوصل إلى نقطة وسط، في إطار الحفاظ على سلامة وأسس المعادلة الوطنية، وعلى قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».
لقد حددت البيانات الصادرة عن دول اللقاء الخماسي، منفردة ومجتمعة، من وزراء الخارجية، ومن السفراء العاملين في لبنان، مواصفات الرئيس العتيد، وفي مقدمتها أن لا يكون رئيس تحدٍ لأحد، وأن لا يكون مرشحاً لفريق دون الفرقاء الآخرين، بمعنى أن لا يشكل فوزه بالرئاسة إنتصاراً لفريق وإنكساراً لفريق آخر.
وقد شدد بيان الدوحة الأخير على أن يكون رئيساً إئتلافياً، نزيهاً وقادراً على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والسير بالبلد على طريق الإنقاذ. أي لا يكون مجرد رئيس لإدارة الأزمة، التي فشلت السلطة الحالية في إدارتها، بما يخفف معاناة اللبنانيين، من تداعيات الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي.
فمن يحق له العتب على الآخر: الأشقاء والأصدقاء الذين قرفوا من وحول السياسيين اللبنانيين، أم أن هؤلاء يعتبون على أولئك الذين لا يثقون أصلا بالمنظومة الفاسدة والفاشلة، ويطالبون بتغييرها؟
صلاح سلام- اللواء