في وزارة الخارجية: تخبيصات وإرباك وصراعات أجنحة!
تطوّرات عدة شهدتها أروقة وزارة الخارجية والمغتربين في قصر بسترس خلال الأيّام القليلة الماضية، كانت شاهداً على حجم الإرباك والضياع الذي تعيشه الوزارة التي يفترض أنّها وجه لبنان وصورته وصوته وموقفه أمام الخارج، كان بطلها الوزير المعني بها وحامل حقيبتها عبد الله بوحبيب.
عندما أُسندت حقيبة وزارة الخارجية والمغتربين إلى بوحبيب في حكومة تصريف الأعمال الحالية، تفاءل كثيرون وأملوا أن تشهد الوزارة في عهده نقلة نوعية إلى الأمام وتحسن أداءها، نظراً لأنّ بوحبيب جاء إليها من خلفية ديبلوماسية ومن خبرة إكتسبها لسنوات خلال عمله سفيراً للبنان في الخارج.
غير أنّ كلّ هذا التفاؤل وهذه الآمال تبخّرت دفعة واحدة في الأيّام الأخيرة، بعدما ارتكب بو حبيب أكثر من دعسة ناقصة، خصوصاً بما يتعلق بملف النّازحين السّوريين المقيمين في لبنان، وجعل أكثر من علامة إستفهام تُرسم حول أدائه ومواقفه.
ففي الثاني من شهر حزيران الماضي أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في حديث تلفزيوني، عن أنّ الحكومة في صدد تشكيل وفد لزيارة العاصمة السّورية دمشق للتباحث مع الحكومة السّورية في ملف النّازحين، وأنّ الوفد سيكون برئاسة بو حبيب، وهو الذي سبق له وترأس وفداً وزارياً زار دمشق في 7 شباط الماضي للتضامن معها بعد الزلزال الذي ضرب مناطق سورية وتركية في 6 شباط، أيّ قبل الزيارة بيوم واحد، ومعلناً تقديم لبنان مساعدات إنسانية في هذه الإطار ضمن الإمكانات المتاحة له.
لكنّ السّرعة التي قام بها بو حبيب وأنجز خلالها زيارته السّابقة إلى دمشق بعد الزلزال، تجاهلها تماماً لإنجاز الزيارة التالية، إذ بعد نحو شهر ونصف من إعلان ميقاتي التحضير لزيارة الوفد اللبناني أعلن بوحبيب، السّبت 15 تمّوز الجاري، التنحّي عن رئاسة الوفد، لأسباب برّرها بانشغاله بلقاءات وإجتماعات خارجية أخرى، ما أثار إرباكاً واستياء من تأخّر بو حبيب في إنجاز مهمته، وفُسّر تصرفه على أنه رضوخ لضغوطات غربية تمارس على لبنان لمنع عودة النّازحين السّوريين إلى بلادهم، لأسباب مختلفة، على وجه التحديد بعد القرار الذي اتخذه الإتحاد الأوروبي بهذا الصدد مطلع الشهر الجاري.
تنحّي بو حبيب طرح أسئلة حول من يكون البديل عنه في رئاسة الوفد، ما أثار سجالاً حاداً بين الوزراء أنفسهم، خصوصاً بين بو حبيب ووزير الشّؤون الإجتماعية هكتور حجار الطامح بدوره لترؤس الوفد وبأمور أخرى، وكلا الوزيرين محسوبين على جهة سياسية واحدة هي التيّار الوطني الحرّ، حيث أفادت معلومات أنّهما تبادلا عبارات إنتقادية قاسية.
“تخبيصات” بو حبيب لم تقف عند هذا الحدّ، فأمس أعلن عن استقباله في قصر بسترس القائم بأعمال السّفارة السّورية في لبنان علي دغمان، وأبلغه برغبة الحكومة تشكيل وفد من وزارته لزيارة دمشق وإجراء مشاورات للبحث بالقضايا المشتركة، ومنها قضية النّازحين السّوريين في لبنان، ما أثار تساؤلات حول إذا كان بوحبيب قد عاد عن تنحية وبأنّه سيترأس الوفد اللبناني، أم أنّ تحرّكه الأخير يندرج في إطار الصّراعات الداخلية التافهة بين مكوّنات الحكومة، ولو كانت هذه المكوّنات من فريق سياسي واحد في إطار صراعات أجنحته الداخلية التي تفاقمت مؤخّراً؟..
عبد الكافي الصمد