مصير تحرك لودريان: هل سيعود إلى لبنان..أم سيخلد للراحة؟
«اللجنة الخماسية» من أجل لبنان حذّرت من تعديل «الطائف» بالممارسة
أحدث البيان الذي أصدرته اللجنة الخماسية من أجل لبنان، في ختام اجتماعها في الدوحة، صدمة لدى القيادات السياسية اللبنانية، وعلى رأسها الثنائي الشيعي وحلفاؤه في محور الممانعة، بإغفاله الدعوة للحوار كشرط لانتخاب رئيس للجمهورية، وتركيزه على الالتزام بالدستور كممر إلزامي لانتخابه، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والتلويح بفرض عقوبات على الذين يعرقلون إحراز تقدم.
وتكمن الصدمة بخلو البيان من أي ذكر للجولة الاستطلاعية التي قام بها الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إلى بيروت، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، ودعا في ختامها إلى تسهيل الحوار بين رؤساء الكتل النيابية لعله يؤدي إلى إحداث اختراق يفتح الباب أمام انتخاب رئيس للجمهورية، مع أن لودريان شارك في الاجتماع إلى جانب ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر في اللجنة.
ولفت مصدر سياسي إلى أن خلو البيان من الإشارة إلى المبادرة الفرنسية والمهمة التي أوكلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى موفده الشخصي لودريان يكمن، كما قال لـ«الشرق الأوسط»، في أن اللجنة اضطرت إلى تغييبهما؛ لأنها أرادت إعلام من يهمهم الأمر بأنها ثابتة على موقفها في رعاية الجهود الرامية إلى وقف تعطيل انتخاب الرئيس.
وقال المصدر السياسي إن لا علاقة للجنة الخماسية بالمبادرة الفرنسية كونها خرجت عن مهمتها في تحريك الملف الرئاسي وانحازت لصالح دعم ترشيح مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بذريعة أنه الأسهل لتحريك الملف الرئاسي. ورأى أن الطريق ليست ممهدة حتى الساعة أمام انتخاب الرئيس، وأكد أن التذكير مجدداً بالمواصفات التي يجب أن يتمتع بها تأتي بمثابة رد غير مباشر على قول أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بأن الضمانات التي يطالب بها الحزب تبقى محصورة بشخص الرئيس، في إشارة إلى تمسكه بدعم فرنجية.
واعتبر أن تركيز اللجنة الخماسية على مواصفات الرئيس يعني أن الضمانات تتجاوز شخصه إلى الالتزام بخريطة الطريق التي رسمتها في بيانها لإنقاذ لبنان، من دون أن تتعهد بتقديم التزامات مسبقة يفترض أن تأتي بعد انتخابه في ضوء مدى التقيد بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية وتلبية طموحات اللبنانيين بالتغيير. وتوقف أمام التزام الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية بوثيقة الوفاق الوطني، وقال إن هناك ضرورة لإدخال هذا البند في البيان لقطع الطريق على فرض أعراف من شأنها أن تؤدي للإطاحة باتفاق الطائف في ضوء مطالبة البعض بتعديل الدستور تحت عنوان إعادة النظر في الصلاحيات الرئاسية.
ورأى أن هناك من يصر على تعديل اتفاق الطائف من خلال الممارسة وليس بالنصوص، وقال إن مجرد التركيز على وثيقة الوفاق الوطني يعني عدم أخذ البلد إلى «دوحة – 2» على غرار ما حصل في مؤتمر الدوحة الذي كان وراء التسليم لفريق سياسي معين بالحصول على الثلث الضامن في الحكومة الذي استُخدم لتعطيل تفعيل العمل الحكومي، ومن ثم إقالة الحكومة التي تشكلت برئاسة الرئيس سعد الحريري أثناء اجتماعه بالرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2011.
وأكد أن التمسك بهذه الوثيقة يتزامن مع ارتفاع منسوب الدعوة لتطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة المنصوص عليها في اتفاق الطائف، والتي من شأنها أن توفر الذريعة للبعض لإضفاء طابع سياسي عليها باعتماد النظام الفيدرالي.
لذلك، فإن الظروف الإقليمية والدولية المواكبة لإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية ليست ناضجة، إلا إذا كان لدى اللجنة الخماسية معطيات سياسية تدفعها إلى مواصلة رعايتها للاستحقاق الرئاسي وصولاً لانتخاب الرئيس، مع أن عدم ربطه بالحوار يدغدغ مشاعر قوى المعارضة، ومعها نواب من المستقلين والتغييريين في مطالبتهم بالإبقاء على الجلسات النيابية مفتوحة إلى حين انتخاب الرئيس، وهذا ما يفتح الباب أمام تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي بين جميع هؤلاء ومحور الممانعة.
لذلك، فإن السجال حول مواقف اللجنة الخماسية سيطغى على المشهد السياسي في حال أن الأبواب ما زالت موصدة أمام انتخاب الرئيس، لما يترتب عليه من تمديدٍ للفراغ بغياب الحلول للعوارض التي تهب على البلد، أكانت سياسية أم اقتصادية، ويبقى السؤال عن مصير التحرك الذي بدأه لودريان، وما إذا كان سيعود إلى لبنان باعتبار أن مهمته من خارج جدول أعمال اللجنة الخماسية، أم أنه سيخلد للراحة السياسية تحت ضغط الانقسام بين الكتل النيابية!
محمد شقير- الشرق الاوسط