التيار يضمر في ملف النازحين غير ما يُعلن: “أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب”!
هل يسعى التيار الوطني الحر الى تعطيل عودة النازحين؟!
يُجسّد سلوك التيار الوطني الحر تجاه النازحين السوريين المنطق القائل: “أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب” وذلك بعدما ثبت بالوجه الشرعي أنه يضمر في هذا الملف غير ما يُعلن، ففي الوقت الذي يعتمد فيه الشعبوية الممجوجة في رفض وجودهم وفي الدعوة الى عودتهم لبلادهم سريعا وينتقد التقصير الحكومي في مواجهة الخطر الديمغرافي الذي يتهدد لبنان، يقوم بتوجيهات من رئيسه جبران باسيل بخطوات سياسية تساهم في إبقائهم تماشيا على ما يبدو مع قرار برلمان الاتحاد الأوروبي الذي صدر مؤخرا.
ثمة وقائع عدة تشير الى محاولات برتقالية لوضع كل أنواع العراقيل في وجه عودة النازحين، فوزير الخارجية عبدالله بوحبيب المحسوب عليه والمكلف من مجلس الوزراء بترؤس الوفد الوزاري الى سوريا للبحث مع قيادتها في توفير العودة الآمنة للنازحين، إعتذر بشكل مفاجئ بحجة إرتباطة بإجتماعات أخرى، علما أن الوزير بوحبيب يلتزم قرار باسيل بمقاطعة جلسات حكومة تصريف الأعمال بالكامل، فهل موقفه بعدم الذهاب الى سوريا هو شخصي، أو موحى به باسيليا لتعطيل مبادرة الحكومة في هذا المجال.
أما وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار المقرب من التيار الوطني الحر، فهو يشارك في إجتماعات اللجنة الوزارية المخصصة لمعالجة ملف النازحين، ويطرح نفسه رئيسا للوفد الوزاري الى سوريا، وفي الوقت نفسه يهاجم اللجنة، والوفد الوزاري، كما حاول الشغب على مشاركة الوفد اللبناني في مؤتمر بروكسل بتغريدات تحريضية وإنتقادية إستفزازية، وصولا الى الهجوم على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ولا يكتفي الوزير حجار بذلك، بل هو يدأب على إطلاق التصريحات العنصرية ضد النازحين السوريين والمناهضة لهم بشكل مستمر ومستفز ومستغرب، خصوصا أن تصريحاته أزعجت برلمان الإتحاد الأوروبي الذي دعا في بيانه الى توقف بعض الوزراء اللبنانيين عن إطلاق التصريحات المناهضة للنازحين وضمّن بيانه قرار إبقاء النازحين في لبنان، فهل كل ذلك جاء صدفة، خصوصا أن حجار يلتزم أيضا بقرار جبران باسيل بمقاطعة جلسات الحكومة إنطلاقا من إلتزامه بقرارات قيادة التيار، ما يوحي بأن كل ما يقوم به في ملف النازحين ناتج عن تعليمات برتقالية يقوم بتطبيقها بحذافيرها للحصول على رضى باسيل بما يعزز إمكانية تحقيق طموحاته النيابية والوزارية مستقبلا.
واللافت أن باسيل نفسه ومعه عدد من نوابه المقربين يركزون هجومهم وبشكل يومي على ما تقوم به الحكومة لا سيما في ملف النازحين ويطلقون الاتهامات، في حين بات واضحا للبنانيين ولكل المهتمين بهذا الملف، أن الرئيس نجيب ميقاتي نجح من خلال المقررات التي أصدرتها اللجنة الوزارية في توحيد الرؤية اللبنانية حول هذا الملف الحساس، بعدما أرضت المقررات كل المكونات السياسية وسحبت فتائل التفجير التي توزعت في المناطق، كما نالت ثناء واشادة الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين.
وفي الوقت الذي تتابع فيه الحكومة تنفيذ المقررات وتجري الاتصالات مع الجهات الدولية لمواجهة القرار الأوروبي، أطل نواب التيار الوطني الحر ومن خارج النص في خطاب استفزازي للتأكيد بأنه “لن يبقى أي نازح او لاجئ في لبنان”، ما يناقض كل ما تقوم به الحكومة من اجل تنظيم هذه العودة.
وفي الوقت الذي يرى فيه متابعون ان ما قاله نواب التيار لا يعدو كونه موقفا شعبويا جديدا، يرى البعض الآخر ان مؤتمر نواب التيار ليس بريئا وهو يهدف الى الشغب على الحكومة لتعطيل عودة النازحين، أو لاستدراج إشكالات جديدة بين اللبنانيين والنازحين السوريين تغذيها الاستفزازات البرتقالية، للوصول الى أهداف سياسية بعيدة المدى.
غسان ريفي-سفير الشمال