“بلوغرز” لبنان خارج رقابة وزارة السياحة: “كلفة متدنية وأرباح كبيرة”!

بأقلّ من ألف متابع، وبكاميرا تقليدية ولغة تسويقية بدائية، تقدم ناشطة لبنانية مقطعي فيديو لبيت ضيافة في “تيك توك”، تدعو فيه السياح لقضاء عطلة فيه. يبدو المقطع، الى حد كبير، ركيكاً. لا لغة جذابة، ولا وسيلة للاقناع. ثمة صبية، في أوائل العشرينيات، تتحدث عن جمال المشروع، ولا تأتي حتى على ذِكر عنوانه.

والناشطة، واحدة من مئات المعلنين الذين يظهرون في حسابات “تيك توك”، أو صفحات “انستغرام” المدفوعة، للترويج لمنتجعات سياحية في لبنان خلال الصيف. بموازاة انتشار واسع لبيوت الضيافة والمنتجعات السياحية التي باتت قطاعاً منتجاً في الآونة الاخيرة، تنتشر عشرات الصفحات الترويجية، فيما يروج مئات الناشطين لمشاريع مشابهة. تكتنف الفوضى تلك الجهود، لكن دوافعها تبرر وجودها: عائدات مالية للناشطين والمؤثرين، وكلفة زهيدة على المعلنين، في غياب رقابة حكومية وإعلامية وسياحية.

وباتت منصات التواصل الاجتماعي، الساحة الأساسية للترويج للسياحة في لبنان. ثمة ما يشبه الاحتكار، إذا ما قورنت بالمحتوى التلفزيوني الموجود على الشاشات، رغم الفارق الضخم بين المحتويين. على الشاشات، ثمة مادة اعلامية واعلانية مدروسة ومتقنة، أما في مواقع التواصل، فتُعدّ منتجات المحتوى المتقن على أصابع اليد، بين صفحات متخصصة، أو مؤثرين متخصصين في الترويج بطريقة علمية ومؤثرة ومدروسة.

https://www.instagram.com/p/CDZUrVsis97/?utm_source=ig_web_button_share_sheet

وتضيء المنشورات على مواقع سياحية مهمة، بعضها كان محجوباً في السنوات السابقة، أو غير مُكتَشف لعموم السياح. وتظهر في معظمها تميُّز لبنان بطبيعته وبيئته وأسواقه وفنادقه ومطاعمه. غير أن شيوع هذه الكمية من المنشورات، بفارق كبير في المضمون، يبعث على السؤال عن أسبابها.

https://www.instagram.com/reel/CsV4XS_MFqH/?utm_source=ig_web_copy_link

تسويق وشغف
ويشرح الخبير في الإعلام الرقمي والتسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي محمد مرزوق، أن المؤثرين على صعيد السياحة في وسائل التواصل الاجتماعي، نوعان: الأول يقوم بمهمة استكشاف الأماكن السياحية من تلقاء نفسه بسبب عشقه للطبيعة، وهو يسعى جاهداً للإضاءة على منطقة معينة أو مطعم أثري أو بيت ضيافة مميز، مستفيداً من الطبيعة والطقس الذي ينفرد به لبنان عن بين باقي الدول العربية، أما النوع الثاني فيقوم بتلك المهمة من أجل التسويق لهذا المكان وبطلب من صاحبه أو من مستثمر معين.

ويلفت مرزوق الى أن الأسعار التي يتقاضاها “البلوغر” تختلف من شخص الى، آخر وفقاً لعدد المتابعين (followers)، فقد يبدأ السعر بمئة دولار ويفوق الألف دولار أحياناً. يضيف: “مَن لديه آلاف قليلة من المتابعين، ليس كمَن لديه أكثر من مليون متابع، وبعض المؤثرين لديهم شروطهم وأرقامهم، تبعاً لحجم المتابعين ونوعهم، وهؤلاء غالباً ما يصوّرون بطريقة إبداعية وبكاميرات محترفة ويقومون بعمليات مونتاج وينتقون أجمل المناطق التي قد نجهلها حتى نحن أبناء البلد”.

ويجزم الخبير مرزوق بأن وزارة السياحة لا علاقة لها بعمل المؤثرين ولا تنسّق معهم ولا تدعمهم، إلا أنها قد تكرّم بعضهم، مثلما فعلت العام الماضي مع “التيك توكر” المعروف بـ”طرزان” الذي يجول في أحضان الطبيعة ويكتشف أماكن وغابات غير معروفة، ويقدّم محتوى بطريقة حماسية فريدة.

https://www.instagram.com/reel/CufKWBTsuWt/?utm_source=ig_web_copy_link

ويشير مرزوق الى أنّ “تيك توك” هي المنصّة الرقمية الأكثر فعالية في الوقت الراهن، من هنا فإنّ المؤثرين يسعون لصناعة محتوى جيد في التطبيقات المعروفة، وفي طليعتها “تيك توك”، فيتقاضون من المنصة ومن صاحب المشروع الذي يجري التسويق له.

أما لماذا “تيك توك”، فيجيب مرزوق: “لأنها المنصّة الوحيدة التي تمكنك من مشاهدة الفيديوهات من دون متابعة لصاحب الفيديو، وكلما وصل عدد المشاهدين الى خمسة آلاف أو أكثر، يمكن أن يظهر عند شريحة أكبر من الناس، بمعنى آخر المنصة تدعم “التيكتوكر” والفيديوهات التي تحصد نسبة مشاهدة مرتفعة وتصبح viral”.

https://www.instagram.com/reel/CulvoSlJOPC/?utm_source=ig_web_copy_link

تكلفة قليلة توصل الصورة للملايين
وباتت صفحات الترويج السياحي في مواقع التواصل، البديل الفعلي عن الاعلانات في وسائل الإعلام. ويعيد المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عامر طبش، أسباب اللجوء الى وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج السياحي، وخصوصاً في “تيك توك”، لأسباب عديدة أهمها الكلفة المادية. فالإعلان عبر المنصات الرقمية “أقل كلفة مئة مرة أو أكثر من وسائل الإعلام التقليدية لا سيما التلفزيون”. ويشير إلى أن “الإعلان السياحي في تيك توك يكاد يكون شبه مجاني ولا يتطلب إلا قدرة مقبولة من الإبداع والتصوير عبر الهاتف ليصل الإعلان الى أكبر فئة من المتابعين أو المشاهدين”. بمعنى آخر، “الكلفة متدنية والأرباح كبيرة”.

https://www.instagram.com/reel/Ct80rc-qp_B/?utm_source=ig_web_copy_linkk

ويشير إلى أن “الخورازميات” في السوشال ميديا تساعد على إيصال الصورة الحلوة عن البلدان، فالمناظر الجميلة تجذب المتابعين، مضيفاً: “إذا اخترنا الإعلان المدفوع تصل الصورة أو المحتوى حتماً الى فئة أكبر بكثير”. ومقابل دولارات قليلة، 5 أو 6 دولارات، “يمكن أن يصل الإعلان الى الآلاف، لا بل ملايين المشاهدين عبر المنصّات الرقميّة”.

https://www.instagram.com/reel/CrBuNK9gbvL/?utm_source=ig_web_copy_link

سمر يموت- المدن

مقالات ذات صلة