التوتر المسيحي الشيعي في حاجة إلى العلاج: حوار “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”: التحضير لـ PLAN B رئاسية؟
كان لافتا للنظر أن غالبية الخلاصات حول عودة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى القبول بالحوار مع “حزب الله”، تقاطعت على تقديم باسيل والتيار تنازلاً كبيراً بعد الإصرار السابق على حذف الحزب لسليمان فرنجية من قائمة هذا الحوار الرئاسي والاتفاق على إسم آخر.
لكن للتيار خلاصته المختلفة مع تلك التي ذهب إليها أخصام باسيل والرئيس ميشال عون، وفعلياً، كل من يقف ضد التقارب بين التيار والحزب.
فبعد نحو عام على موقف باسيل من اشتراطه للعودة بالبحث الرئاسي مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله استبعاد فرنجية قبل الجلوس على مائدة النقاش، هناك من يلفت النظر من المتابعين للعلاقة بين الجانبين إلى أن قبول باسيل بالحوار ما كان ليحصل لولا استشفافه بقبول ضمني من نصر الله والحزب، بالمضي، نتيجة انسداد الأمور ووسط التوتر في المنطقة وفي خضم أزمة غير مسبوقة في البلاد بات لزاماً التصدي لها، بالـ PLAN B الرئاسية.
ولولا ذلك لما تم قبول التيار بالحوار الرئاسي وإن كان الحزب لم يعلن ذلك لكن من يقف عند كلمات قيادييه وعلى رأسهم نصر الله، يمكن له التقدير بأن الحزب مستعد (في حال اقتنع وهو ما ليس ظرفه متوافراً في هذه اللحظة) لبحث إسم آخر. علماً بأن الحزب وحتى الرئيس نبيه بري وكل القياديين في الحزب وحركة “أمل”، لا يستطيعون الذهاب إلى أبعد من ذلك حالياً تمهيداً للمفاوضات وإلا فإنهم يفقدون كل أوراقهم فيها بالتنازل مسبقاً.
يشير متابعون للعلاقة بين الحزب والتيار إلى أنه ما زال من المبكر البحث بإسم يمكن للحزب القبول به، والموضوع اليوم يتعلق بقضية حلّ المشكلة في العلاقة بين التيار والحزب لوضع حد للتدهور الهائل الحاصل خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي والذي دفع بمؤيدي تفاهم مار مخايل إلى التموضوع الدفاعي والصمت في ظل التهاب الجو بالاتهامات والشتائم.
ثمة من يلفت النظر إلى أن “حزب الله” عكف منذ فترة على مراقبة المزاج المسيحي المُنزعج والمُحبَط وسط تنامي دعوات الفدرلة وحتى التقسيم. والحزب الذي فوجىء براديكالية موقف عون وباسيل من رفض فرنجية، لا يريد في ظل الوضع الحالي المتوتر تعميق الفجوة، لكن هذا لا يعني التخلي عن فرنجية بل تقريب وجهات النظر وتهدئة النفوس على أقل تقدير.
سيكون موضوع الشراكة قبل الأسماء على رأس جدول الحوار، الشراكة التي تختصر مآخذ التيار على الحزب المُطالب “بتغيير سلوكه”، تجاه الموضوع المسيحي برمته وليس فقط تجاه التيار.
من الطبيعي والحال هذا أن يتعرض التيار مستقبلاً إلى الهجوم من المعارضة، وهو في الأصل لم يحصل على ثقة المعارضة وخاصة غريمه الأساس “حزب القوات اللبنانية” الذي يعتبر أن على باسيل القطع مع ماضيه القريب مع الحزب وفتح صفحة “مسيحية” مغايرة الى حد الانقلاب على الماضي.
لكن باسيل وعون بمضيهما بخيار جهاد أزعور كانا واضحين أن ذلك لا يشكل سوى تقاطع على إسم يستبعد فرنجية من السباق الرئاسي، من دون أن يعني هذا عودة التيار الى ما قبل العام 2006.
لعل ثقة باسيل “بموقفه القوي”، حسب أنصار التيار، هي التي أدت به الى القبول بالحوار مع “حزب الله”، وثمة من يردد في صفوف متابعين للشأن الرئاسي (وليس بالضرورة في التيار) بأن المستقبل سيحمل محاولة للاتفاق على زياد بارود كأكثر الشخصيات مناسبة للحزب وغير المستفزة للطرف المعارض.
لكن من الواضح قبل أي أمر أن التوتر المسيحي الشيعي الحاصل بات في حاجة ماسة إلى العلاج، وقد شرعت جهات مسيحية وشيعية غير رسمية بالحوار وتقريب وجهات النظر بعد أن باتت الأمور بتوترها شبيهة بمشهد بداية الحرب الأهلية عند سطوع الأصوات التقسيمية الطائفية (نتيجة الخوف من الآخر) والتي تُقلدها أصوات في البيئة نفسها هذه الأيام.
عمار نعمة- اللواء