“ترتيب” الخماسيّة… وحاجة “الحزب” لـ”التيار”ووصف عون بـ»الجبل» !
يضطر فرقاء خارجيون وآخرون في الداخل لاختراع المبرّرات والذرائع «الكبرى» من أجل تبرير عجزهم عن إيجاد المخرج للفراغ الرئاسي، وإن كان بعض الدول يلوم اللبنانيين على هذا العجز.
الخارج مثل بعض من في الداخل يرى أنّ السبب قصور الفرقاء السياسيين عن ركوب مركب الحوار للاتفاق على رئاسة الجمهورية. وفي الداخل هناك من يلقي اللوم تارة على الخصوم الرافضين للحوار، وأخرى على طارحي الحوار بأنه لفرض رأي الممانعين، أو إلى المناورة لتحميل الفريق المقابل بأنه «أفشله». وثمة من يرى بين الفرقاء الداخليين أن الخارج (أميركا) يحول دونه.
من التفسيرات للعجز عن اجتراح الحلول اللبنانية، الخلافات العميقة بين الدول المعنية بلبنان، فضلاً عن الاختلافات بين حلفاء في الداخل على طريقة إدارة الأزمة من جهة، وعلى منهجية البحث عن الحلول من جهة ثانية.
لبنان والرئاسة الضائعة، ضحية خلافات خارجية تشمل التباينات بين الدول المهتمة بالحلول فيه ومنها دول الخماسية التي ينتظر أن تجتمع الإثنين المقبل في الدوحة، وضحية التباينات بين من يُعتبرون حلفاء مفترضين، سواء بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» أو بين بعض قوى المعارضة نفسها وبين بعض التغييريين، أو بين المعارضة وبين «التيار الحر» حول ما بعد الجلسة الثانية عشرة التي تقاطع فيها الجانبان على دعم ترشيح جهاد أزعور.
المواكبون لحركة دول الخماسية يرون أن الهدف الأول من وراء اجتماعها المقبل هو ترتيب التباينات بين العواصم الخمس (فرنسا، أميركا، السعودية، مصر وقطر) التي تحكمت بعملها منذ انطلاقتها في 6 شباط الماضي في باريس، في مقاربة كل منها للاصطفاف اللبناني وامتداداته الإقليمية. فهذه التباينات هي واحدة من أسباب الاستنتاج الرائج بأن طبخة الرئاسة لم تنضج في الخارج، والتي سمع اللبنانيون بها خلال الشهرين الماضيين بكثرة، وبات قناعة راسخة بعد الجلسة الثانية عشرة للبرلمان التي انتهت إلى تعطيل النصاب، منعاً للاختبار الجديد لتعداد أصوات سليمان فرنجية وأزعور في الدورة الثانية التي يتطلب الفوز فيها 65 صوتاً.
يقول قطب سياسي لبناني على معرفة وثيقة ببعض أطراف الخماسية إنه من المتوقع أن يستغرق ترتيب العلاقات بين دولها، ووضع معايير موحدة للتحرك، أكثرية الوقت في اجتماع الدوحة. ولا يستبعد أن يناقش ممثلو الدول الخمس صيغة للتواصل مع إيران بحجة أنه لا بد أن يكون لها رأيها وتأثيرها في الاستحقاق الرئاسي، على أن يخصص البحث بالرئاسة والمرشحين للوقت القصير المتبقي من الاجتماع.
في الداخل برزت المحاولة التي باشر «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» بها للحوار على مقاربة المرحلة المقبلة ومعالجة الخلافات، والتي أكدها الأمين العام السيد حسن نصرالله أول من أمس. ويقول العارفون إن اللقاء بين رئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل وبين مسؤول التنسيق والارتباط في «الحزب» وفيق صفا (تردد أنه عاد فالتقى مسؤولاً أعلى رتبة)، لم يتطرق إلى الموقف من ترشيح فرنجية، بل تناول قراءة التطورات، وتجنب القضايا الخلافية.
على ذمة الرواة أن منشأ استئناف الحوار بين الحليفين السابقين هو توصل قيادة «الحزب» إلى قناعة أنه خسر العلاقة مع مكونات الطائفة المسيحية في المعركة الرئاسية التي يخوضها، سواء كان الخيار بدعم فرنجية صحيحاً أم خاطئاً. وينقل الرواة هذه المعطيات في معرض تبرير العودة إلى الانفتاح على باسيل.
وفي وقت ينسب الرواة هذا الكلام إلى نصرالله نفسه في لقاء داخلي مع الكوادر، فإن رواية أخرى تنسبه إلى قيادي آخر، رجحت أن يكون نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، عبَّر عن الاستنتاج نفسه بأن «الحزب» خسر الشارع المسيحي، بما فيه الصلة مع الكنيسة، وفقد إمكانية التحاور حتى مع حزب «الكتائب»، ولذلك لا بد من إعادة فتح الحوار مع باسيل، تحضيراً لإمكان اتجاه الأمور نحو طاولة حوار تشير المعطيات إلى أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يسعى إليها في اتصالاته الخارجية، تمهيداً للتشاور حولها مع اللبنانيين حين يعود إلى بيروت. وهو في هذه الحال يحتاج إلى تعاون مع جهة مسيحية وازنة…
ويعيد الرواة فتح التواصل مع باسيل إلى تلمّس «الحزب» مخاطر الوضع الجنوبي في ظل التوترات على الحدود وجموح حكومة نتانياهو المتطرفة، ما يحتم إحياء الحالة التضامنية بين الحليفين واستعادة الغطاء المسيحي، إذا جنحت الأمور نحو مواجهة عسكرية. هذا ما يفسر المديح الذي كاله نصرالله للرئيس السابق ميشال عون ومواقفه في حرب تموز، ثم إبان الرئاسة، مذكراً بوصفه بـ»الجبل».
وليد شقير