حوار باسيل و”الحزب” وكسب الوقت: “تجميل” فرنجية أم تسهيل اعتذاره؟
ما قاله أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، حول الاستحقاق الرئاسي، يوحي بما لا مجال للشك، أن الحزب يتمسك حتى النهاية بترشيح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية. قالها نصرالله صراحة بأن الضمانة الوحيدة بالنسبة إلى الحزب هو فرنجية، مستعرضاً تجربة الحزب مع ثلاثة رؤساء هم إميل لحود، ميشال سليمان وميشال عون. وقد أظهر نصرالله الثقة بوضوح تجاه لحود وعون فيما عبّر عن خيبة من سليمان. هذه المقاربة من شأنها أن تفيد بأن حزب الله لن يكون في وارد خوض التجارب مجدداً، إنما يريد رئيساً يثق به. فيما يفسّر آخرون هذا الكلام، عطفاً على دعوة نصرالله إلى الحوار، بأنه يمكن أن يفتح الطريق أمام البحث في مرشح آخر، بحال توفرت لديه المواصفات التي يطلبها الحزب وتم الاتفاق حولها.
تفسيرات كثيرة
المفارقة أن التجارب الثلاث التي تحدث عنها نصرالله تنحصر في قادة الجيش. وهو ما يدفع الكثيرين للذهاب إلى التفسير، بالقول إن تجربة الحزب مع قائد الجيش جوزيف عون إيجابية، ويمكن أن يكون هو الخيار. يربط هؤلاء في تفسيرهم لهذا الكلام بما يقوله رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأن “جوزيف عون مش قاتلّي بيي”. يضاف إليها أيضاً ما ينقل عن أن الثنائي الشيعي لا يضع فيتو على قائد الجيش، فيما الأهم هو الاتفاق على المسار العام، وتوفر الضمانات أو عناصر الطمأنة. ولكن لهذا التفسير تفسير مضاد أيضاً، يعود إلى الأخذ حصراً بما يعلنه نصرالله بشكل مباشر وواضح. وهو أن المرشح المفضل يبقى سليمان فرنجية، ولا مجال للتراجع عنه.
على وقع هذه التفسيرات والحسابات المتناقضة، يستمر التحاور بين الحزب والتيار الوطني الحرّ، والذي يضعه الشيخ نبيل قاووق في خانة “المسار الصحيح”. يتفاوض الطرفان من دون شروط، وفق معطياتهما. بينما الإغداق في التفسير يحيل البعض إلى الاعتبار أن باسيل سيبقي وصلاً مع قوى المعارضة، ويفتح مساراً مع الحزب، لكسب المزيد من الوقت وتمرير الأشهر المتبقية من ولاية قائد الجيش، وصولاً لإحالته إلى التقاعد. وعندها تنخفض الحظوظ. فيما آلية الحزب وفق الأمر الواقع والانسداد القائم، تضع باسيل بين خيارين: إما فرنجية أو جوزيف عون. وهو ما قد ينتج تفعيلاً وتكثيفاً للحركة الرئاسية خارجياً وداخلياً في الخريف المقبل، استباقاً لكانون الثاني 2024 تحديداً.
باسيل والحزب
الحوار بين الحزب والتيار، يستخدمه باسيل مجدداً في سبيل إعادة تعويم نفسه ودوره، بالارتكاز على التقاطع مع المعارضة، وإعادة تفعيل القنوات مع الحزب. علماً أن أي تقارب بينه وبين الحزب يمكن أن يؤدي إلى نتيجة، خصوصاً إذا تمكن الرجل من التراجع عن معارضته الشرسة لفرنجية. ولكن أي خطوة من هذا النوع يمكنها أن تؤدي إلى إحراج باسيل مسيحياً، أو إلى رد فعل عنيف لدى المعارضة المسيحية، التي لا يبدو أنها سترتضي هذا الواقع. وقد تذهب للبحث عن خيارات أخرى. وعندها يمكن أن تتفعل الخطّة التي يتم التباحث بها حول العصيان المدني والدستوري.
من أسباب الرفض المسيحي المعمم لفرنجية، أنها حالة رفض لما يريده حزب الله في رئاسة الجمهورية. ويرتكز آخرون بهجومهم على الرجل بأنه قد يمثل إعادة الاعتبار للنفوذ السوري في لبنان، بناء على علاقته مع دمشق. وهذا مبدأ أساس يرتكز عليه الطرف الداعم لفرنجية بناءً على التطورات الإقليمية، لا سيما بعد التقارب الإيراني السعودي والسعودي السوري. وقد صدرت مواقف علانية عن مسؤولين في قوى الثامن من آذار بأن هذا المسار لا بد له أن ينعكس على لبنان. فيما هو أكثر ما يلقى معارضة لدى القوى الأخرى المناوئة لدمشق.
منير الربيع- المدن