جدارية لشاعر يشبه صدام حسين… تقود “راسمها” إلى سجون المخابرات والتعذيب!

انشغل العراقيون بخبر بدا غريباً للوهلة الأولى، وهو أن قوة أمنية اعتقلت شاباً يتطوع منذ سنوات في تنظيف الشوارع، ورسم الجداريات (غرافيتي)، بدعوى الاشتباه في «تمويله من حزب البعث»، بعد أن رسم جدارية لشاعر راحل ظنوا أنها لرئيس النظام السابق صدام حسين.

المتطوع الشاب علي عباس، من مدينة الناصرية (جنوب)، المعروف في مواقع التواصل الاجتماعي باسم «لاري»، أطلق قبل سنوات حملة باسم «هذه ليست قمامتي لكنه وطني»، استهدفت رفع الأنقاض عن الأرصفة وزراعتها، إلى جانب رسم لوحات على الجدران.

في الغالب، فإن رسوم «الغرافيتي» انتشرت بكثافة في العراق بالتزامن مع الحراك الاحتجاجي في أكتوبر (تشرين الثاني) 2019، وحينها أطلق «لاري» حملته بوصفها جزءاً من أنشطة الاحتجاج، وانخرط فيها العشرات في مدن عدة.

وحاز «لاري» على اهتمام الإعلام المحلي والعربي، وكثيراً ما تفاعل مدونون مع مقاطعه المصوَّرة، التي يظهر فيها عفوياً وهو يوثّق أعماله في تحويل مكب نفايات إلى مساحة خضراء خلال أيام.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أطلق الناشط الشاب حملة في أحد شوارع مدينة الناصرية، وقال إنه «حصل على تمويل لشراء مواد التنظيف والصبغ من برنامج (تعافي) الممول من (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)».

لكن حظاً عاثراً قاده إلى الاعتقال والتعرُّض إلى الضرب، بحسب مقربين منه، حين رسم جدارية لشاعر عراقي راحل يدعى عريان السيد خلف، أبلغ عنها مجهولون بدعوى أنها «تشبه وجه صدام حسين». وتداول رواد «تويتر» فيديو أثناء توقيفه.

https://twitter.com/ASKNDR_iraq/status/1678196293712191488?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1678196293712191488%7Ctwgr%5E1d01b83c9d852e04f794f4fcec5dc850d2a45e20%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Faawsat.news%2Fzk7xn

واعتقلت قوة من جهاز الاستخبارات «لاري»، الأحد الماضي، ووجهت له تهمة «تمجيد حزب البعث، والحصول على دعم مشبوه لتمويل حملته».

وخلال التحقيق مع «لاري»، صرح شقيقه أحمد عباس بأنه «رسم صورة للشاعر الشعبي الراحل عريان السيد خلف على أحد الجدران المجاورة لبلدية الناصرية أسوةً بالتمثال الموجود للشاعر داخل البناية الحكومية». وقال عباس، عبر حسابه في «إنستغرام»، إن شقيقه «تعرض إلى التعذيب خلال التحقيق معه».

وبعد يوم واحد، أطلقت القوات الأمنية سراح «لاري»، بعد أن وقّع على تعهد خطي بعدم تنظيم حملات تنظيف، والتوقف تماماً عن رسم الجداريات.

لكن مقربين من «لاري» أخبروا «الشرق الأوسط» أن المحققين أجبروه على الاعتراف بجملة من التهم، من بينها التواصل مع «حزب البعث المنحل».

وبعد إطلاقه بساعات، ظهر الشاب المتطوع في مقطع مصوَّر، وبدت على وجهه علامات ضرب، بينما كان يشرح باكياً ما حدث معه خلال التحقيق.

ونظمت عائلة المتطوع الشاب وقفة احتجاجية وسط مدينة الناصرية طالبت السلطات بالاعتذار منه، بعد تعرضه إلى «التعذيب والإهانة دون حق»، مؤكدة أنه «يتعامل مع منظمات دولية معروفة، ولا صلة له بحزب البعث أو أي جهة محظورة في العراق».

وطالب ناشطون عراقيون بإلغاء التعهد الخطي الذي وقَّعه «لاري»، لأنه يشكل مخالفة صريحة لمواد حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور العراقي.

وسادت حالة من الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي إثر اعتقال «لاري»، وراجت مقارنات بين اعتقاله، وسماح السلطات بإفلات مدانين بجرائم فساد، بحسب تعبيرهم.


الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة