مآثر جديدة لـ”تيار جهنم”: ضرب الحريات بقرار تفوح منه رائحة “الجريصاتية القضائية”!
لا تكتمل “جهنم” إلا بقمع حرية التعبير، وهذا الأمر يدركه تماماً “التيار العوني”، الذي حتى بعد انتهاء حكمه “القوي” لا يزال يدفع البلد في الطريق نحو جهنم كاملة من كل النواحي، وأهمها كم الأفواه. وقد تفاخر التيار بفعلته واعتبر في بيان صادر عن لجنة الاعلام والتواصل أن القضاء اللبناني اليوم أنصف “التيار الوطني الحر”، وأدان الاعلامية ديما صادق بجرائم القدح والذم وإثارة النعرات الطائفية، متعالياً على أن هذا الأمر سابقة في تاريخ لبنان بأن يقوم القضاء الجزائي بالحكم على إعلامي بتهمة القدح والذم، واعتداء صارخ على حرية التعبير، بل إن القرار التفاف على القانون، الذي يؤكد أن محاكمة الاعلامي في قضايا النشر لا تتم إلا أمام محكمة المطبوعات حصراً، وليس أمام أي جهة أخرى.
وفي اليوم نفسه لصدور القرار القضائي الجائر، أطل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، مستبقاً إطلالة الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله اليوم في ذكرى حرب تموز، وأطلق سلسلة مواقف عن الرئاسة والتعيينات والحوار، ويبدو أنه لا يزال يعيش حلم النظام الرئاسي، بحيث أعاد التذكير بورقة “الأولويات الرئاسية” والتي تبدو بنودها كأنها بيان وزاري، ما يشكل تعدياً فاضحاً على صلاحيات رئيس الحكومة، كون سياسة الدولة يحددها رئيس الجمهورية بالتعاون مع الحكومة، وهذا يعني أن نهج جهنم ما زال مستمراً، حتى لو لم يكن أركانه في قصر بعبدا.
ومن الواضح أن القرار القضائي بحق الزميلة صادق تفوح منه رائحة “الجريصاتية القضائية”، التي دمرت العدالة، أهم مؤسسة في البلد، وهو أمر مفزع لمستقبل لبنان. غير أن المفارقة التي تسجل، وهي مثيرة للسخرية، أن باسيل اتهم صادق بالعنصرية، في حين أنه نفسه شدد أثناء أحد خطاباته على أنه عنصري بامتياز.
وكانت القاضي المنفرد الجزائي في بيروت روزين حجيلي أصدرت بتاريخ ١٠ تموز حكماً بحق الاعلامية ديما صادق قضى بسجنها لمدة سنة وتجريدها من حقوقها المدنية ودفع غرامة بقيمة مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية. وصدر هذا الحكم على خلفية الشكوى المقدمة من المحامي ماجد البويز بالوكالة عن “التيار الوطني الحر” ضد صادق “لتلفيق الأكاذيب واتهام شباب التيار الوطني الحر بأنهم عنصريون وبأن التيار حزب نازي”.
وتوالت المواقف المستنكرة للقرار القضائي، وأعرب موقع “لبنان الكبير” عن تضامنه مع الزميلة صادق، ونشر بياناً جاء فيه: “طعنة جديدة يوجهها التيار العوني، عبر امتداداته الخبيثة في المؤسسات وخصوصاً القضاء، الى حرية الاعلام من خلال استصدار حكم بالسجن والغرامة المالية بحق الاعلامية ديما صادق بتهمة القدح والذم. مأثرة سوداء جديدة لهذا التيار، الذي ساد فساده على كل المستويات، تضع اللبنانيين الغيارى على فسحة الديموقراطية وحرية التعبير أمام واجب الوقوف سداً لمنع تحويل هذا الوطن الى جهنم برتقالي. موقع لبنان الكبير يتضامن مع الزميلة صادق بل يتضامن مع الحرية التي تضيق أكثر فأكثر وتكاد تسكت كل الألسنة والأقلام”.
كما أصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية بياناً استهجنت فيه العقوبة السالبة للحرية بحق صادق. وقالت: “تعليقاً على القرار الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت روزين حجيلي بتاريخ 10/7/2023 في الدعوى المقامة ضد الاعلامية ديما صادق، تعلن نقابة محرري الصحافة اللبنانية الأتي:
أولاً: تسجل النقابة موقفاً مبدئياً يتمثل برفضها المطلق للعقوبات السالبة للحرية بحق أي صحافي ارتكب مخالفة نشر رأي، سواء في الوسائل المقروءة، المسموعة أو الالكترونية.
ثانياً: إن النقابة تشدّد على موقفها المبدئي بعدم جواز مثول أي صحافي أمام أي جهة قضائية في قضايا الرأي، باستثناء محكمة المطبوعات متسلحة بموقفها هذا بالتعديلات التي أدخلت على قانون المطبوعات في العام 1994.
ثالثاً: تؤكد النقابة ضرورة أن تقوم المدعى عليها باستئناف الحكم الذي صدر بحقها وأن تعمد محكمة الاستئناف إلى تصحيح الخطأ الذي وقع من خلال إحالة النيابة العامة الاستئنافية في بيروت الدعوى المرفوعة ضد المدعية على محكة الجزاء، واستطراداً قبول قاضي الجزاء النظر في الدعوى وإصدار الحكم الذي قضى بالسجن لمدة سنة من دون وقف التنفيذ.
إن نقابة محرري الصحافة اللبنانية تتمسك بقوة بمبدأ حرية التعبير والذي يكفله الدستور اللبناني، وتؤكد حق أي جهة تعتبر نفسها متضررة من قيام أي صحافي بعمله المهني أن يلجأ إلى القضاء لاسترجاع ما يعتبره حقه، لكن ذلك لا يكون إلا أمام محكمة المطبوعات حصراً”.
وفي الشأن “الباسيلي”، كرر رئيس “التيار الوطني الحر” بعضاً من مواقفه السابقة، في أن تقدم الحكومة على إجراء تعيينات، مشدداً على رفض هذا الأمر تماماً، واعتباره ضرباً لرئاسة الجمهورية. وفي استباق لكلمة نصر الله اليوم، تحدث باسيل عن الاستحقاق الرئاسي، فرأى أن “الحوار بين اللبنانيين مفيد وعلى هذا الأساس وضعنا ورقة الأولويات الرئاسية وتحاورنا فيها مع الجميع وقلنا ان البرنامج أهم من الشخص”، معتبراً أن “الحوار مقبول أو مرغوب اذا كان يمرر حلولاً، لكنه مرفوض اذا كان لتمرير الوقت وانتظار ظروف ليتمكن فريق من فرض مرشحه”. وكشف “أننا عاودنا التحاور مع حزب الله بذهنية ايجاد حل من دون فرض أو شروط مسبقة، وهذا الحوار الذي بدأ بوتيرة جيدة وايجابية، نأمل أن يتكثف للوصول الى نتائج تأتي بالمنفعة لجميع اللبنانيين وليس لفريق على حساب فريق”.
وليس واضحاً في قبول باسيل للحوار بعد رفضه سابقاً إن كان تراجع خطوة إلى الوراء منه، أو حصل على ضمانات معينة من الحزب، وفي حالة السيناريو الثاني هذا يعني أن حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أصبحت في الأرض، بعد أن أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أيضاً عدم تمسكه بمرشحه، وسيره مع التوافق، وهذا ما سيتم استنباطه من خطاب نصرالله اليوم.
لبنان الكبير