إستباقاً لأوهام فرنسا: لا للحوار الذي صُنع في غرف «حزب الله»!
على جان إيف لودريان أن يضمّن حساباته في إدارة الملف اللبناني، احتمالاً عالي الترجيح، يفيد بأنّ المعارضة لن تشارك بأي طاولة حوار، لا في قصر الصنوبر ولا مجلس النواب، ولا في الإليزيه نفسها. أفضت الاجتماعات المتواترة بين قوى المعارضة، إلى انتاج موقف واحد رافض للحوار، الذي صُنع في غرف «حزب الله» وزوّدت به الدبلوماسية الفرنسية، أسوة بما كانت فعلت بما يختص بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
الأسباب التي دعت قوى المعارضة إلى هذا الرفض كثيرة، وهي لا تنحصر ببديهية أنّ هذا الحوار هو تفريغ للمؤسسات من مضمونها، وأنّه تكريس لمؤسسة غلبة، يلجأ إليها «حزب الله» كلما أراد أن يعطّل استحقاقاً دستورياً، بل تمتد إلى رفض إعطاء «الحزب» حجة دامغة على صحة دعوته للحوار، بل حجة دامغة على أنه قادر على قيادة الجميع إلى حيث يريد، من دون مساءلة أو رفض، أو حتى تململ.
على الدبلوماسية الفرنسية الآتية إلى لبنان، أن تتوازن في مبادرتها، وأن لا تستمر أسيرة ذرائع الواقعية السياسية، التي تغلّف عملياً، إهداء الرئاسة لـ»حزب الله». ليست هذه واقعية، بل استسلام، فالواقعية لا تقول بتسليم الرئاسة الأولى لـ»حزب الله»، بل بانتخاب رئيس ليس على عداء مع أي طرف.
على الدبلوماسية الفرنسية أن تعرف، أنّ الضغط الناتج عن الفراغ الذي سببه «حزب الله» لا يمكن توظيفه لانتخاب رئيس تابع لـ»حزب الله»، وأنّها ليست واقعية، بل انحياز غير نزيه، لـ»حزب الله» الطامح لتجديد هيمنته على قرار الرئاسة الأولى ولبنان.
أمام لودريان مساران. الأول يريده «حزب الله»، ترجمته عقد طاولة حوار يتم فيها انتاج الرئيس. هذه الطاولة ستكون كما العادة تفريغاً للمؤسسات، خصوصاً وأنّ «الحزب» يريد من فرنسا أن ترعى مفاوضات السلة المتكاملة، أي مفاوضات اختيار الرئيس، وتشكيل الحكومة في وقت واحد.
المسار الثاني تطرحه المعارضة، وهو يسهل المهمة الفرنسية، لكن ليس إلى درجة الانصياع مع مخطط «حزب الله». تطرح المعارضة على لودريان أن يقود عملية تشاور ثنائية بين القوى السياسية، لا تتخذ شكل الحوار، ولا تنوب عن المؤسسات، ولا تحل مكانها. باستطاعة الموفد الرئاسي الفرنسي، أن يستمر بمشاوراته إلى الوقت الذي يريد، لكن قوى المعارضة سترفض أن يتخذ موقع الانحياز لـ»حزب الله»، وستواجه مهمته بما تيسر من قدرة على الرفض.
إستباقاً للأوهام الفرنسية بالقدرة على ترتيب طاولة حوار على قياس «حزب الله» وأهدافه، حرصت بعض قيادات المعارضة وستحرص أخرى في الأيام المقبلة، على إعلان مواقف رافضة لما قد يطرحه فور وصوله إلى بيروت، والرفض سيعني أن مهمة فرنسا ستتعرض لأول مرة للتعرية، التي عادة ما تستبق الفشل.
اسعد بشاره- نداء الوطن