فضيحة من العيار الثقيل: تعنيفُ أطفال مقزّز والقضاء يتحرّك
كأنّ ما يمرّ به اللبنانيون من فضائح يومية من انعدام الأمان على الطرقات وفي المنازل وأمام المصارف وارتفاع مستوى الاجرام وأعمال النهب والسلب والقتل لم يكن كافياً حتى جاءت فضيحة جديدة من العيار الثقيل لتزيد الطين بلّة. لم يجف بعد حبر قصة وفاة طفلة العام الواحد التي تمّ الاعتداء عليها جنسياً بشكلٍ مقيت حتى انتشر فيديو فاضح لتعنيف وحشيّ لأطفال ملائكة داخل حضانة Garderêve في منطقة الجديدة. عاملةٌ في الحضانة يفترض أنها مربية مؤتمنة على سلامة الاطفال لا تتوانى في اقحام الطعام عنوةً في فمّ طفلة لا تتجاوز العام وتصيح بها بألفاظ مشينة على شاكلة «شرمـ….» وما الى ذلك من الألفاظ النابية، ثم تنهال على رأسها بعد حين ضرباً مبرحاً لرفضها تناول ما تقحمه في فمها الصغير غير آبهة بخطر تعرّضها للاختناق.
مشهدٌ آخر للتعنيف نفسه لا يقلّ فظاعةً مع طفلٍ آخر يتلقى ضربة موجعة على رأسه بعدما نطق ما أقحم بفمه قسراً. كل هذه التصرفات المشينة مترافقةً بصياحٍ وصراخٍ مخيف بألفاظ وصفاتٍ تناولت الأطفال وأعراض أهلهم بأبشع الصفات والشتائم.
الفيديو تسرّب من عاملة نظافة صوّرت المقاطع وسلّمتها على ما يبدو لأحد أولياء الأمور الذي ما كان منه إلا أن وزّعه على أهالي الاطفال الآخرين فتملّكهم الغضب وتوجهوا الى القضاء لتقديم شكوى بعد سحب أطفالهم من الحضانة. وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال فراس ابيض أعلن تعليق العمل في الحضانة المعنية كإجراء أوليّ لحين صدور نتائج التحقيقات موضحاً بأنّ الاجراءات ستذهب الى أبعد من ذلك ومؤكداً بأنّ الوزارة لن تتساهل مع تصرّفاتٍ مشينة لمن أوكلت إليهم مهمة رعاية الأطفال وحمايتهم، وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أعلنت بدورها فتح تحقيق في القضية من مفرزة الجديدة القضائية بناءً لإشارة القضاء المختص، فيما أصدرت القاضية المنفردة في بعبدا الناظرة بقضايا الأحداث في جبل لبنان جويل أبو حيدر قراراً بمنع الحضانة المذكورة من فتح أبوابها ابتداءً من تاريخ صدور القرار.
لا ندري أساساً لماذا لم تكن الحضانة المذكورة مزودةً بالكاميرات التي يستطيع الاهل عبرها رؤية اطفالهم على مدار الساعة للاطمئنان عليهم ولا ماذا كانت تفعل المسؤولة عن الحضانة وكيف وظفت هذا الصنف من المربين. وهي ليست طبعاً المرة الأولى التي تضجّ فيها وسائل التواصل لدينا بفضائح مقززة تخرج الى العلن بفعل سطوة التكنولوجيا لتكشف اللثام عن المستور وعما يمارس من فظائع وراء أبواب مغلقة وبعيداً عن الأضواء. نحمد التكنولوجيا على فضحها هذا الصنف «المسعور» من البشر ونتمنى أن ينال ما يستحقه من عقاب قبل أن يتولى الأولياء الأمور بأيديهم. فلا مصلحة لأحد في تغييب منطق الدولة وإحلال شريعة الغاب بديلاً خصوصاً مع انتشار معلوماتٍ عن توجه بعض الاهالي الى منزل المربية للاقتصاص منها بضربها المبرح. لا نلوم الأهل على ما يعتمل من غضب بداخلهم. فمشهد طفلٍ بريء يتعرض للتعنيف في مساحةٍ اختاروها مرتعاً لسلامة أطفالهم يزيد من حنقهم على دولةٍ مقصرة معهم بكلّ أمر، ويزيد من انعدام الثقة لديهم بمدى الرقابة التي تمارسها دولتهم على هذه الدور. من منا يعتقد أساساً بأنّ هذه الحادثة الموجعة ستكون الأخيرة؟
نداء الوطن