هل تنجح قطر في انتاج تسوية رئاسية قريباً… أم طريق التسوية المسدود؟
لا يبدو أن الحوار سيكون مفيداً لحلحلة الأزمة الرئاسية، ولن يكون بمقدور الفرنسيين إحضار المعارضين الى طاولة قصر الصنوبر أو مجلس النواب، للاستماع الى مواويل “حزب الله” بأنه من حرّر الأرض وحفظ الكيان من الارهاب، للقبول بمرشحه سليمان فرنجية والرضوخ لارادته في تقديم مكتسبات له على حساب سيادة لبنان والدستور الذي يحكمه، أو القبول بتعديلات قانونية تكرّس هيمنته وتحويل ميليشياته الى قوة مسلحة شرعية الى جانب الجيش اللبناني، وهو أمر يعيشه العراق واليمن والسودان وحتى روسيا، يفتت الدولة ويرهق كاهلها وقد اكتوى اللبنانيون بنار فائض القوة الميليشيوية كل هذه السنوات حتى وقعوا في الجحيم.
من هنا تبدو فكرة الحوار غير مقبولة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ومضيعة للوقت، خصوصاً وأن الدخول في نقاش تعديلات دستورية سيفجر صراعاً كبيراً غير محتمل بين المكونات السياسية والطائفية، ومن هنا يدرك رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الحوار لا يمكن أن يحصل حول الطائف وهو ما سايره فيه “حزب الله” شكلياً. الا أن الكلام في الوسط السياسي ليس كذلك، اذ يحكى عن شروط للحزب للافراج عن الاستحقاق تؤمن له مصالحه وتحفظ له قوته المسلحة وتعزز مواقع من يمثلهم في السلطة على حساب “شركاء الوطن”.
على الرغم من أن المس بالطائف ليس مقبولاً عربياً على الأقل وقد حاول الفرنسيون تمرير رسائل الى المملكة العربية السعودية عن تعديلات وكان الجواب واضحاً على لسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالتمسك بالطائف ودعم لبنان، لا يبدو ممكناً اليوم أن يعمل الفرنسيون الا تحت هذا السقف المحدد مهما كانت التحديات، كما أن الحوار الذي جرى قبيل اتفاق الطائف احتاج الى وقت طويل وكانت الحرب الأهلية مستعرة وظروف الحاجة الى تعديل دستوري وقتها مختلفة، لأن المطلوب اليوم تنفيذ الدستور والذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية من دون قيود أو شروط وابتداع صيغ من هنا وهناك لأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.
بحسب متابعين، فان الحوار على تسوية ما للوضع قد يحدث على شاكلة ما جرى في الدوحة، وقطر قادرة على لعب ذلك لا سيما وأن لا أحد يتوقع أن يحل لودريان الأوضاع بل ان زيارته المقررة لن تأتي بنتائج متوخاة، وبالتالي ستعود الأمور الى اللجنة الخماسية، ومن المرجح أن تتحرك قطر من جديد مدعومة من المملكة والولايات المتحدة الأميركية التي لديها خبرتها في تجارب أخرى وأهمها الحوار مع “طالبان” في افغانستان، وهي ترى في قائد الجيش جوزيف عون شخصية مقبولة من الفرقاء، ذلك أنه على مسافة واحدة من الجميع وليست لديه عداوات مع أحد.
لقد اتضح أن مرشح “حزب الله” لن يستطيع أن يحصل على أكثر مما حصل عليه في الجلسة الــ 12، كما أن مرشح المعارضات لن يكون قادراً على استكمال معركته الرئاسية في ظل الموقف الذي أعلنه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مغازلاً “حزب الله” للقبول بالمرشح زياد بارود، الذي أحرقت أوراقه عندما طرح الرئيس ميشال عون اسمه خلال لقاء بشار الأسد، ثم ان النواب التغييريين قد يكون لهم خيار مختلف فيما لو عقدت جلسة انتخاب جديدة، فيما المرشح نعمت افرام حركته محدودة في التسويق لنفسه لتحصيل الدعم وجذب مؤيدين.
لذلك، قد لا يكون أمام الفرنسيين سوى التخلي عن تنفيذ رغبات ايران بدعم مرشح “حزب الله” والتوجه الى الخيار الثالث، علماً أن مصالحه المالية والاقتصادية مرتبطة بإيران، ولن يكون سهلاً عليه القيام بهذه الخطوة، لذا، ليس هناك رهان على نجاح لودريان في إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية عندما يتمسك الحزب بمرشحه فهذا يعني أن طريق لودريان للحل مسدود.
بالطبع لن يكون لبنان أمام التطورات السلبية متروكاً من المملكة والدول الصديقة، بل ستكون هناك خطة أخرى والانتقال الى مرحلة جديدة من الاتصالات والتحركات العربية التي من المرجح أن تكلف بها قطر.
هنا “حزب الله” سيستمر في مناوراته مع حلفائه لكن في النهاية سيبق البحصة للقطريين وستجري المساومة على المطالب من دون المس بالدستور، بل اتفاقات وربما تقديم ضمانات لا تمس بالتوازانات وقد يجري البحث في أسماء أخرى غير قائد الجيش، فهل تنجح قطر في انتاج تسوية رئاسية قريباً؟ ومن الذي يقنع ايران بالتنازل والكف عن اللعب في الساحة اللبنانية، علماً أنها تعتبرها اليوم الساحة الوحيدة الباقية بعد أن تراجعت في اليمن وكذلك في العراق وفي سوريا وضعها معروف، لذلك هي تتشدد في لبنان و”حزب الله” يستأسد ويضع خططاً ويحاول صناعة بدائل تتبعه في المكونات الأخرى حتى يكمل مشروعه.
فاطمة حوحو- لبنان الكبير