ماذا يمكن أن يحدث لو دمرت روسيا محطة زابوريجيا النووية؟

واصلت أوكرانيا على مدار أشهر تحذيراتها من خطط روسيا لتفجير محطة زابوريجيا النووية جنوبي البلاد، والتي تعتبر أكبر محطة من نوعها في أوروبا، وتصاعدت حدة هذه التحذيرات خلال الأيام الأخيرة.

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن الاستخبارات الأوكرانية تعتقد أن روسيا تخطط لتنفيذ هجوم ضد المحطة، ما سيترتب عليه خروج إشعاعات نووية، مضيفًا في بيان مصور، أن كييف أطلعت جميع الشركاء الدوليين على هذه المعلومات.

وتابع زيلينسكي حديثه، بالقول إن “المخابرات تلقت معلومات تفيد بأن روسيا تدرس سيناريو القيام بعمل إرهابي في محطة زابوريجيا النووية، عمل إرهابي سيترتب عليه خروج إشعاعات نووية… حضروا كل شيء لهذا العمل”.

نفت موسكو مثل هذه الاتهامات ووصفها الكرملين بأنها “كذبة كبرى”، مضيفًا أن فريقًا من المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة زار المحطة ومنح كل شيء تصنيفا عاليا، بحسب رويترز.

متفجرات بالمحطة؟

احتلت القوات الروسية المحطة التي تضم 6 مفاعلات، بعد فترة وجيزة من غزو أوكرانيا في فبراير من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن قصف المحطة، وسط جهود دولية غير ناجحة لجعل محيط المحطة منطقة منزوعة السلاح.

وتناول تقرير لشبكة “إيه بي سي” الأميركية، ما يمكن أن يحدث حال تدمير المحطة والسيناريوهات المحتملة لكيفية قيام روسيا بذلك، في ظل التحذيرات الأوكرانية المتكررة.

قال خبراء إن الإغلاق البارد للمفاعلات الست بالمحطة يقلل المخاطر بشكل كبير التي يمكن أن تنجم عن وقوع انفجار في المحطة النووية.

والإغلاق البارد يعني أن المياه المستخدمة في تبريد قضبان الوقود النووي في درجة أقل من درجة الغليان لمنع ارتفاع حرارة الوقود.

وقال مدير الاستراتيجية والتكنولوجيا وبرنامج الحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين، ويليام ألبيركي: “نحن محظوظون جدًا جدًا بالفعل، فأي حادث سيقع لن يكون ضد مفاعل نشط وهو أمر قد يتسبب في مخاطر بيئية هائلة ودمار ووفيات”.

وأضاف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لديها قدرة كافية على الوصول إلى المحطة تمكنها نظريًا من معرفة ما إذا كانت روسيا تتخذ خطوات نحو تفجير المحطة من الداخل، مضيفًا أنه يجب التعامل مع تحذيرات المسؤولين في أوكرانيا على محمل الجد.

كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، أكد يوم الجمعة، أن الوكالة “تحرز تقدما” بشأن الوصول إلى محطة زابوريجيا النووية بعدما تحدثت كييف عن احتمال وجود متفجرات على سطحها.

وقالت الوكالة يوم الأربعاء، إن خبراءها الموجودين في المحطة لم يلحظوا بعد أي إشارات على وجود ألغام أو متفجرات بالمحطة.

كيف يمكن لروسيا تدمير المحطة؟

قال ألبيركي إن هناك 4 مناطق في المحطة يمكن أن تكون روسيا تخطط لمهاجمتها، فيمكن أن يتم تدمير مخزون الوقود النووي الصلب أو السائل أو إذابة قضبان الوقود النووي أو تفجير أحد مبانى المفاعل نفسه.

وأضاف أن أي من هذه السيناريوهات لا يمكن مقارنته بمستوى كارثتي مفاعلي فوكوشيما الياباني وتشيرنوبيل، إلا لو تم تفجير المفاعل من الداخل وتأكدوا من أنه لا يمكن لأي شخص التحرك لمواجهة المشكلة لمدة أسبوعين حتى يتراكم الوقود النووي وينفجر.

وأشار إلى أن وجود مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالموقع يجعل حدوث ذلك مستبعدًا.

لكن ألبيركي أكد أن أخطر سيناريو من الأربعة سيكون تفجير وعاء المفاعل النووي نفسه من الداخل والذي يحتوي على حزم قضبان الوقود النووي وأعمدة التحكم والتبريد، ما قد يسفر عن أمر شبيه بما حدث في كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011 والتي تسبب فيها زلزال مدمر تبعه تسونامي.

وأشار إلى أن الأقل خطورة سيكون تفجير مخازن الوقود الصلب حيث سيتأثر به الأشخاص الموجودين في اتجاه الرياح بعد الانفجار وسيتسبب في أن يكونوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

ما هي الأضرار المحتملة؟

تعيد هذه المخاوف إلى الأذهان أسوأ حادث نووي في العالم، والذي شهدته أوكرانيا في عام 1986 حينما انتشرت سحب من المواد المشعة في معظم أنحاء أوروبا بعد وقوع انفجار ونشوب حريق في محطة تشرنوبيل للطاقة النووية.

تقع محطة زابوريجيا بجانب خزان مياه ضخم انخفض منسوب مياهه منذ تدمير سد على نهر دنيبر في وقت سابق الشهر الماضي، ما تسبب في غمر مياه الفيضان لمناطق شاسعة بجنوب أوكرانيا وقتل أكثر من مئة شخص.

وتبادلت كييف وموسكو الاتهامات بشأن المسؤولية عن كارثة السد، والذي عرّض تدميره الخزانات التي تحصل منها المفاعلات في محطة زابوريجيا على مياه التبريد للخطر.

وحينها قال غروسي، إن الوضع في زابوريجيا “خطير” لكن منسوب مياه التبريد لا يزال كافيا.

ووفق تقرير “إيه بي سي”، فإن ألبيركي أكد أن أي انفجار في المحطة النووية سيكون تأثيره أقل من تفجير السد الشهر الماضي، وقال إن “لو حدث أمر سيء لن يكون مدمرًا مثل الفيضان الذي ترك أثرًا بيئيًا ووفيات أكبر بكثير” من المتوقع حال تفجير المحطة.

كانت الجمعية النووية الأميركية، أعلنت في تقييم هذا الأسبوع، أن إغلاق المفاعلات في المحطة يحد من أي مخاطر ناجمة عن وقوع انفجار، مشيرة إلى أن خبرائها درسوا بعناية أسوأ السيناريوهات بما في ذلك القصف أو التخريب المتعمد للمفاعلات.

وأضافت أنهم لا يجدون أي دليل على وجود موقف سينجم عنه عواقب صحية وخيمة متعلقة بإشعاع يؤثر على العامة، مشيرة إلى تصميم المحطة النووية والخرسانة السميكة المدعومة بالفولاذ التي تحمي قلب المفاعل والمصممة لعدم تسريب أي مواد مشعة.

وذكرت الجمعية في تقييمها أنه حتى في حال وقوع تسرب لمواد إشعاعية، سيقتصر فقط على المنطقة المحيطة بالمفاعلات، وبالتالي لا يمكن مقارنة الوضع هنا بما حدث في كارثتي تشيرنوبيل أو فوكوشيما.

لكن ألبيركي دعا إلى ضرورة أن يكون السكان في محيط 20 ميلًا من المحطة على دراية بإجراءات السلامة حال وجود تسرب.

الحرة

مقالات ذات صلة