كيف انتهى الموسم الرائع لكرة القدم الإيطالية بالفشل ؟

وصلت ثلاثة أندية إيطالية إلى المباريات النهائية للبطولات الأوروبية هذا الموسم، لكن لم يحصل أي منها على لقب البطولة.

وانتهى هذا الموسم الرائع لكرة القدم الإيطالية على مستوى الأندية بطريقة مؤلمة للغاية، حيث خسر كل من روما وفيورنتينا وإنتر ميلان في المباريات النهائية للبطولات الأوروبية.

وعلى الرغم من أن هذه الأندية قدمت مستويات تدعو إلى الفخر والإعجاب، فإن هذه المشاعر قد تحطمت على حقيقة أن مثل هذه الفرص قد لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر بالنسبة للكثير من اللاعبين والمديرين الفنيين.

فهل هذا الفشل الجماعي يرسم صورة قاتمة للدوري الإيطالي الممتاز؟ لا، بالطبع! لقد كانت هناك ثلاث سنوات متتالية – من 2014 حتى 2016 – تأهلت فيها أندية إيطاليا مرتين فقط إلى دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، لكن الموسم الحالي شهد وصول ثلاثة أندية إيطالية إلى الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.

وقال فابيو كابيلو في إعلان عن الدوري الإيطالي الممتاز هذا الربيع: «عودة الكالتشيو»، في إشارة إلى تطور مستوى كرة القدم في إيطاليا خلال السنوات الأخيرة.

قد لا يعود الدوري الإيطالي الممتاز إلى القوة التي كان عليها في أفضل فتراته في أواخر القرن العشرين، ويجب على كل أوروبا أن تأخذ في الاعتبار التفوق المالي الهائل للدوري الإنجليزي الممتاز، لكن هذا الموسم سيُذكر في إيطاليا بوصفه العام الذي أعادت فيه أفضل الأندية الإيطالية تأكيد وجودها على الساحة الدولية.

وقدم نابولي مستويات استثنائية رغم عدم وصوله إلى المباراة النهائية، وكان الفوز الساحق على ليفربول بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في سبتمبر (أيلول) الماضي بمثابة إشارة واضحة على ما يُعده لوتشيانو سباليتي.

كان بإمكان نابولي تسجيل ستة أهداف في مرمى ليفربول قبل نهاية الشوط الأول، لكنه عوض ذلك بتسجيل هذا العدد من الأهداف في مرمى أياكس في عقر داره! ودع نابولي بطولة دوري أبطال أوروبا عقب الخسارة أمام فريق إيطالي آخر، هو ميلان، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الغياب المفاجئ للمهاجم النيجيري المتألق فيكتور أوسيمين. لكن نابولي عوض خيبة أمله على المستوى الأوروبي بالفوز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز للمرة الأولى منذ 33 عاماً.

في الحقيقة، لم يكن في حسبان الكثيرين في الصيف الماضي أن نابولي سيكون منافساً على لقب الدوري الإيطالي الممتاز. لقد كان نابولي فريقاً في مرحلة انتقالية بعد رحيل قائد الفريق، لورنزو إنسيني، خلال الصيف، وكذلك رحيل ثاني قائد للفريق، كاليدو كوليبالي، والهداف التاريخي للنادي، دريس ميرتنز، ولاعب خط الوسط فابيان رويز. واحتج عدد من الجماهير ضد سباليتي، ومالك النادي، أوريليو دي لورينتيس.

ومع ذلك، قدم نابولي أداء رائعا وتصدر جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز في أواخر فبراير (شباط). ولم يخسر الفريق سوى أربع نقاط فقط من أصل 45 محتملة قبل إقامة كأس العالم في فصل الشتاء. وعلى الرغم من خسارة نابولي في مباراته الأولى عند استئناف الموسم، ضد إنتر، فإنه تبع ذلك بتحقيق ثمانية انتصارات متتالية. لقد كان نابولي يقدم أداء ممتعا ويسحق المنافسين واحدا تلو الآخر.

وكانت إعادة تسمية خفيشا كفاراتسخيليا باسم «كفارادونا» – في إشارة إلى تشبيهه بالنجم الأرجنتيني الراحل دييغو أرماندو مارادونا – تبدو سخيفة في البداية ومجرد محاولة لرفع الروح المعنوية للاعب في بداية مسيرته مع الفريق، لكن بعد ذلك أبهر النجم الجورجي الجميع بمهاراته الفذة وأثبت فعلا أنه يستحق هذا اللقب.

لكن ذلك لا يعني أن كفاراتسخيليا كان هو اللاعب الوحيد المتألق في صفوف نابولي. لقد تجنب أوسيمين الإصابات الكارثية في الموسمين السابقين وحصل على لقب هداف الدوري الإيطالي الممتاز هذا الموسم. وحتى عندما غاب عن بعض المباريات، استطاع جياكومو راسبادوري وجيوفاني سيميوني تعويضه وقدما مستويات رائعة.

وكان ستانيسلاف لوبوتكا، وبيوتر زيلينسكي، وأندريه فرانك زامبو أنغويسا، يكملون بعضهم البعض بشكل جميل في خط الوسط. ونجح كيم مين جاي في تعويض غياب كوليبالي في خط الدفاع.

فهل كان هذا الموسم استثنائيا لنابولي، أم أنه بداية حقبة كاملة من التألق؟ غادر سباليتي بالفعل، وجذب العديد من نجوم الفريق أنظار أغنى الأندية في أوروبا. وحتى المدير الرياضي الذي فعل الكثير والكثير لتجميع هذه المجموعة المميزة من اللاعبين، كريستيانو غيونتولي، مطلوب من يوفنتوس. لكن على الرغم من ذلك، يتميز لورينتيس بأنه مفاوض ذكي للغاية، وقد أكد على أنه مهما حدث فإن الفريق سيكون «في أيد أمينة».

لكن من المتوقع أن تكون المنافسة أكثر شراسة خلال الموسم المقبل. لقد تراجع مستوى نابولي بالفعل في فصل الربيع، لكن ذلك لم يكن مهماً لأنه لم يكن بإمكان أي فريق آخر أن يلحق به.

وعلى الرغم من الأداء الرائع الذي قدمه إنتر ميلان في كل مسابقات الكأس – فاز بكأس إيطاليا وكأس السوبر، وكان ندا قويا للغاية لمانشستر سيتي في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا – لكنه خسر 12 مباراة في الدوري الإيطالي الممتاز.

وكان ميلان، حامل اللقب، سيغيب عن المراكز الأربعة الأولى تماماً لولا العقوبات التي فُرضت على يوفنتوس وأدت إلى خصم 10 نقاط كاملة منه.

وكانت العملية الفوضوية للعدالة الرياضية بمثابة عيب كبير للغاية في الدوري الإيطالي الممتاز هذا الموسم. لقد تمت تبرئة يوفنتوس من ارتكاب أي مخالفات، إلى جانب الكثير من الأندية الأخرى، بعد التحقيق الدقيق في احتمال إساءة استخدام مكاسب رأس المال في أبريل (نيسان) الماضي، لكن تحقيقاً منفصلاً أجراه المدعون العامون في تورينو أظهر أدلة جديدة أدت إلى قيام الاتحاد الإيطالي لكرة القدم بإعادة فتح التحقيق ضد يوفنتوس، وهو ما أدى في يناير (كانون الثاني) إلى توقيع عقوبة على النادي وخصم 15 نقطة.

في الحقيقة، يبدو هذا العدد من النقاط غريبا جدا، خاصة أن المدعي العام الذي يقود القضية طالب بخصم تسع نقاط فقط. تم استئناف الحكم أمام اللجنة الأولمبية الإيطالية، التي أوقفت العقوبة وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف التابعة للاتحاد الإيطالي لكرة القدم.

وفي النهاية، وفي 22 مايو (أيار)، استقرت تلك الهيئة على خصم 10 نقاط. وبغض النظر عن كل هذا، فإن هذه الأحكام المتتالية كانت كابوساً ليس فقط ليوفنتوس ولكن لكل الأندية المنافسة الأخرى في جدول الترتيب. لقد وصف المدير الفني الإيطالي جوزيه مورينيو ما يحدث بأنه «مزحة» لأنه لا يعرف مركز روما بالتحديد قبل نهاية الدوري بجولتين!

احتل روما المركز السادس في النهاية، وخسر نهائي الدوري الأوروبي بركلات الترجيح. أما جاره لاتسيو فقد أعطى أولوية لمشواره في الدوري الإيطالي الممتاز على حساب مشواره الأوروبي، ونجح بالفعل في الحصول على المركز الثاني، وهو ما يعد أفضل مركز يحتله النادي منذ فوزه بلقب الدوري قبل 23 عاماً.

ويبدو هذا الإنجاز أكثر إثارة للإعجاب عندما نضع في الاعتبار حقيقة أن هداف الفريق تشيرو إيموبيلي لم يسجل سوى 12 هدفاً فقط، وهي أدنى حصيلة تهديفية له منذ انضمامه إلى النادي في عام 2016، كما أن هذه هي المرة الثانية فقط التي يحرز فيها أقل من 20 هدفاً في الموسم.

واعتمد المدير الفني للفريق، ماوريسيو ساري، على لاعبين آخرين مثل سيرغي ميلينكوفيتش سافيتش، وفيليب أندرسون، وماتيا زاكاغني. قد لا يستمر ميلينكوفيتش مع الفريق، حيث يرفض حتى الآن تمديد عقده الذي ينتهي في عام 2024.

سيكون هناك وقت للحديث عن انتقالات اللاعبين خلال الأشهر المقبلة، لكن الوقت الحالي هو وقت الحديث عن ذلك الموسم الماراثوني الذي لعب فيه فيورنتينا 60 مباراة، وهو رقم قياسي للنادي، حتى وصل إلى المباراة النهائية لكأس إيطاليا والمباراة النهائية لدوري المؤتمر الأوروبي. ويجب الإشادة أيضا بهذا الفريق الذي قدم كرة قدم هجومية ممتعة طوال الموسم.

لكن هذا العام لم يخل من الخسائر لكرة القدم الإيطالية، فبعد أسابيع قليلة من وفاة سينيزا ميهايلوفيتش، رحل عن عالمنا في يناير (كانون الثاني) جانلوكا فيالي، الذي كانت نصيحته للآخرين لكي يعيشوا حياة سعيدة تتمثل في «اضحك كثيراً، وساعد الآخرين»! كما شهد هذا العام رحيل سيلفيو برلسكوني، ذلك الرجل الذي له إرث معقد، لكن لا يمكن إنكار تأثيره على كرة القدم كمالك لميلان ومؤخراً لمونزا.

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة