حزب الله أكد للودريان على الدعوة لحوار محصور برئاسة الجمهوريّة ولا «جدول أعمال مُوسّع»!
قبل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان في النصف الثاني من الشهر الجاري، يسود انطباع لدى القيادات والاطراف السياسية على اختلافها وتنوعها، ان الاستحقاق الرئاسي ليس في متناول اليد لفترة طويلة، وان المهل الزمنية التي جرى الحديث عنها لانتخاب رئيس الجمهورية تبددت، لا سيما بعد الجلسة 12 وتداعياتها.
ويقول مصدر نيابي في «الثنائي الشيعي» ان امتناع الطرف الآخر عن التجاوب مع الدعوة للحوار، هو السبب الرئيسي في تأخير انتخاب الرئيس، متهما الطرف المذكور بمحاولة الهروب الى الامام واغراق البلاد في مزيد من الفراغ والفوضى.
وفي اعتقاد المصدر ان الكلام عن تأجيل الحسم الرئاسي الى الخريف المقبل ليس دقيقا، والصحيح ان الاستمرار في المراوحة على هذا الشكل، قد يمتد لفترة طويلة ما لم يحتكم الجميع الى حوار جدي ومباشر يؤدي الى انتخاب الرئيس الجديد.
وكان لافتا الصيغة التي بررّت فيها «القوات اللبنانية» رفضها دعوة «الثنائي الشيعي» وحلفائه وآخرين للحوار في البيان الذي اصدرته امس كتلتها النيابية، ووصفها لهذه الدعوة بانها «عملية غش موصوفة، لا تهدف الا الى الانقلاب على اتفاق الطائف». وربطت هذا التوصيف بالقول «ان دعوة فريق الممانعة للحوار ترمي الى الحوار حول الملفات الاساسية، وهو فعل تنصل علني من المؤسسات ودورها، ومن وثيقة الوفاق الوطني ودورها».
وفي ردّ على هذه الاتهامات، يكشف مصدر نيابي مطلع لـ «الديار»، بان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد كان صريحا وواضحا في لقائه مع الموفد الرئاسي الفرنسي بالدعوة الى حوار محصور ببند واحد، هو انتخاب رئيس للجمهورية، ونقطة على السطر. ويضيف المصدر ان هذه الحقيقة هي في جعبة الوزير لودريان، وان الكلام عن المطالبة بحوار حول مواضيع، وملفات اساسية اخرى متصلة بالنظام ودور المؤسسات، هو مجرد تضليل لتبرير رفض الحوار.
وبرأي المصدر ان مثل هذه المحاولات التضليلية تندرج في اطار عملية ذر الرماد في العيون، وهي ليست جديدة في اطار «الفبركات السياسية والاعلامية»، التي يلجأ اليها البعض في الطرف الآخر للتعمية، وحجب الحقيقة عن الرأي العام. ويقول المصدر ان الدعوة للحوار حول الاستحقاق الرئاسي هي دعوة صريحة وواضحة، وان الهدف منها تسهيل وتسريع انتخاب رئيس الجمهورية وليس اي شيء آخر. اما الحديث عن محاولة تعديل من النظام وطرح المثالثة او غيرها فهو مجرد تشويش على الدعوة للحوار، ويندرج في اطار التهرب من المسؤولية ورمي التهم على الآخرين.
وحين يسأل احد اعضاء كتلة حزب الله عن هذا الموضوع، يكتفي بالابتسامة والسخرية في آن معا، ولا يعلق على هذه الاتهامات.
ووفقا لمصادر مطلعة ، فان نواب الحزب ملتزمون بعدم الرد او الانزلاق الى مثل هذا المسار، مع العلم ان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» اكد مؤخرا في اكثر من مناسبة على الدعوة للحوار من اجل انتخاب رئيس الجمهورية، متهما الذين يرفضون هذه الدعوة بالتسبب في استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية وتأخير انتخاب الرئيس.
وعلى ضوء ما سمعه من الاطراف السياسية اللبنانية، يحاول الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان بعد جولته الاولى في لبنان ان يرسم معالم الجولة الثانية المرتقبة، بعد اجراء واستكمال اتصالاته ولقاءاته مع اطراف دول اللقاء الخماسي وايران، كما تردد مؤخرا.
وتقول مصادر مطلعة ان لودريان غادر بيروت بعد جولته الاولى بقناعة اساسية، هي ان هناك حاجة لتعبيد الطريق لاجراء حوار بين كل الاطراف، بهدف تقريب وجهات النظر وتسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية. وتضيف انه لم يدوّن نتيجة جولته اية مطالب خارج نطاق الاستحقاق الرئاسي، ولم يسمع من اي طرف اي كلام بالمباشر او المواربة حول امور تتصل بالنظام او بدور المؤسسات الدستورية. وتعتقد المصادر ان لودريان يسعى الى توفير المناخ الملائم للحوار الداخلي حول الاستحقاق الرئاسي، ولا يرتب جدولا معينا خارج هذا الاطار.
والمعلوم ان تحقيق هذا الهدف يحتاج الى عنصرين: اقتناع الاطراف السياسية بسلوك هذا المسار، وتوفير دعم خارجي للحوار الداخلي ورعايته، بشكل معين قد يكون من خلال حضور مباشر ممثل بلودريان الى طاولة الحوار الداخلي او الى طاولة حوار للاطراف اللبنانية في احدى عواصم دول اللقاء الخماسي.
وبانتظار ما سيحققه لودريان في لقاءاته واتصالاته مع هذه الدول، تشهد الساحة اللبنانية حالة من الترقب والانتظار. وينقل عن مرجع سياسي بارز قوله ان نجاح مهمة الموفد الرئاسي يحتاج الى توافق جدي بين هذه الدول على تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، لتشكيل قوة ضاغطة على الذين يعرقلون الحل.
والى جانب الخلاف الحاد حول فكرة الحوار، تبرز مؤخرا مواقف تصعيدية من جوانب واجواء بعض الاطراف اللبنانية، تتمثل بالدعوات الصريحة الى الفيدرالية واللامركزية الموسعة التي تتجاوز اللامركزية الادارية.
وبرأي مصدر سياسي في الفريق المؤيد لانتخاب سليمان فرنجية، ان مثل هذه الدعوات تتجاوز ازمة الاستحقاق الرئاسي وتأخذ البلاد الى مكان آخر. ويقول ان مثل هذه الطروحات ربما ستكون للتشويش على الدعوة للحوار حول انتخاب رئيس الجمهورية، ومحاولة لاستحضار اجواء المزيد من الانقسام.
ويضيف ان الترويج عبر بعض وسائل الاعلام للفيدرالية يجعل اصابع الاتهام موجهة للاطراف التي تدور في فلكها هذه المجموعات الاعلامية والسياسية، ويترك علامات استفهام كثيرة حول الاهداف من اثارتها في هذه المرحلة بالذات.
محمد بلوط- الديار