معركة الضفة الغربية..وحدة الساحات من وجهة نظر اسرائيلية!
عمليات القتل والاغتيال الاسرائيلية في مناطق الضفة الغربية الفلسطينية، ما تزال متواصلة منذ مطلع العام 2023، وبوتيرة متصاعدة، وما يجري اليوم في مدينة جنين ومخيمها، يكشف عمق وعنف سياسة القتل الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني.. اعداد الشهداء من الفلسطينيين متصاعدة بشكل كبير، وقد قاربت 200 شهيد منذ مطلع العام الحالي، هذا الجانب مئات الجرحى والمعتقلين، الى ما هنالك من تدير للمنازل والبنية التحتية والمؤسسات الرسمية والمستشفيات، والمراكز الصحية.
اذا ما راجعنا مسلسل الهجمات الصهيونية نرى انها استهدفت المدن والقرى الناشطة، امنياً وعسكرياً، ن مدينة نابلس الى طولكرم الى رام الله والان مدينة جنين، الى جانب استهداف بعض القرى التي على تماس مع مستوطنان صهيونية، بهدف ارهابها واخافتها ومنعها من التحرك دعماً او تضامناً مع المدن والقرى والمخيمات المستهدفة..
بالعودة الى اهداف هذا الاستهداف..
الهجمات الصهيونية هذه ليست مجرد تحركات امنية استباقية، او رداً واستجابةً لمعلومات امنية بل هي:
هذه العمليات كشفت حجم التحضيرات الفلسطينية على الساحة الداخلية والتي قد تنتقل من الضفة الغربية بعدج ان انتقلت من قطاع غزة، وقد تنتق لاى اراضي عام 1948..
خطة امنية بعيدة المدى تستهدف ارهاب المجتمع الفلسطيني، ومنعه من الاستعداد لاية مواجهة مقبلة.. بهدف المطالبة بانشاء دولة فلسطينية مستقلة، وهذا ما اكده نتنياهو بان لا حياة ولا امل بانجاز حل الدولتين..
تنفيذ حملة الاستيطان بقوة الامر الواقع واضعاف اي اعتراض عليه
منع وجود خلايا امنية تابعة لتنظيمات فلسطينية وتجريدها من السلاح، وقتل رموزها واعتقال افرادها
اعادة الحياة للسلطة الفلسطينية التي بدات تنهار وتتلاشى عملياً حتى بدات التفكير باعلان الافلاس وحل نفسها
السلطة الفلسطينية امام تغيير في راس الهرم، مع ضعف رئيسها الحالي محود عباس سواء صحياً او حضوراً سياسياً وبالتالي لإن اي تغيير يتطلب تسوية الساحة امنياً قبل الاعلان عن المسؤول السياسي الجديد على راس الهرم الفلسطيني..
تتزامن هذه العمليات مع عمليات قصف صهيوني مركز، على مواقع ومعسكرات ومخازن ذخيرة ايرانية في سوريا، مع تهديدات تطال لبنان وميليشيا حزب الله بالتحديد.
هذا القصف الصهيوني يعتبر قصفاً استراتيجياً لانه يطال مستودعات ذخيرة كما مصانع صواريخ دقيقة..مما يعني حرمان الميليشيات الايرانية في لبنان من مخزونها الاستراتيجي في سوريا في حال نشبت مواجهات مع القوات الصهيونية..في لبنان..
كذلك وخلال معركة غزة المحدودة الوقت التي جرت منذ اسابيع استهدفت القيادة العسكرية لحركة الجهاد الاسلامي، وقدرات هذه الحركة العسكرية لوجستياً..والهدف كان تحييد غزة عن اي صراع مستقبلي.. سواء كان محلياً مع الضفة او اقليمياً مع ايران او لبنان.. ولذلك هدد وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية («الكابينت»)، يسرائيل كاتس، قادة المقاومة في قطاع غزة بالاغتيال، إذا ما أقدمت الفصائل الفلسطينية هناك على إطلاق صواريخ من القطاع رداً على ما يحدث. وفي مقابلة لكاتس مع «القناة 12» اليوم، قال إن «أعيننا على غزة. لقد نقلنا تحذيرات شديدة اللهجة إلى قادة “الإرهاب” في غزة، بشأن ما سيحدث إذا ما تدخلوا في ما يجري»، مشيراً إلى أن «الوضع قد يتطور من جانب تنظيم من هنا أو هناك، فيما حماس مرتدعة منذ حارس الأسوار (العدوان على غزة في أيار/مايو 2021)؛ حيث لم تقدم على إطلاق أي صاروخ منذ ذلك الحين». ولفت إلى أن هذا الوضع «قد يتغير»، بالرغم من أن «الجهاد الإسلامي أيضاً مرتدعة منذ عملية درع وسهم (العدوان الأخير على غزة)»،.
الخلاصة:
اسرائيل تتعامل مع الفصائل والقوى الفلسطينية في الداخل على انها واحدة موحدة، وهي كذلك بالفعل، بهدف اضعافها والضغط عليها بحيث لا تتحرك او تمارس اي دور لارباك الساحة الاسرائيلية عند اي صراع اقليمي مستقبلي..
كذلك فإن اسرائيل تاخذ على محمل الجد مقولة او نظرية وحدة الساحات، والتي قد تجبرها على خوض معركة عسكرية على جبهات مختلفة، لذا فهي تعمل على تفكيك هذه الوحدة، رغم انها ما زالت اي وحدة الساحات.. وحدة افتراضية.. ولم نلمس اي جدية لها.. ومعركة غزة الاخيرة وكذلك استهداف المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربيةـ كان موضع تجاهل من الراعي الاساسي لفكرة وحدة الساحات وتهديد اسرائيل امنياً وعسكرياً..
معركة جنين هذه، مع جدية التحضيرات لها، وعنف الممارسات الصهيونية، وغياب التضامن المسلح معها من الساحات الاخرى، يؤكد نجاح اسرائيل في تفكيك التماسك، والاستفراد بكا جبهة على حدة..
من هنا يمكننا ان نشعر بالقلق من تداعيات هذه المعركة، ومما قد يستجد بعدها، مع تصاعد التهديدات الاسرائيلية للبنان، وما قد يتعرض له من عدوان اسرائيلي، يستهدف ضرب ميليشيا حزب الله، التي خسرت عمقها الاستراتيجي في الداخل اللبناني، واصبحت في مواجهة مفتوحة سياسياً مع المكونات اللبنانية مع رفع سقف مطالبها سياسياً ودستورياً.. ومع ممارساتها المتعمدة لتعطيل عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية، وابقاء حالة الفراغ سائدة على الساحة اللبنانية..ومبررات العدوان متوافرة سواء من خيم حزب الله على الحدود، او من التقارير التي يتم نشرها عن هيمنة حزب الله على المؤسسة الامنية اللبنانية..
نتمنى ان لا نكون ضحية مسلسل التطورات الاسرائيلية التي نراها منهجية ومتسلسلة بهدف الوصول الى مرحلة ما.. واهمها ضمان امن الداخل الاسرائيلي سواء وقعت مواجهة مع حزب الله في لبنان، او نشوب حرب اقليمية مع ايران مباشرة…
بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب