التكتم على “مسودة” تقرير “ألفاريز أند مارسال”: هل ينبئ بتورط سياسيين؟؟

منعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إطلاع الأطراف السياسية اللبنانية على فحوى ما قيل إنه “مسودة” تقرير أعدته شركة “ألفاريز أند مارسال” التي أوكل إليها التحقيق في سجلات المصرف المركزي اللبناني بحثا عن مخالفات جنائية.

وتسود المخاوف في بيروت من أن المنع يتعلق بقائمة الأشخاص الذين أورد التقرير أسماءهم وتثور التكهنات حول أنهم ربما كانوا قد مارسوا أعمالا غير مشروعة، أو استفادوا من امتيازات قدمها المصرف المركزي لهم. ومن بين الأسماء التي يجري تداولها أسماء سياسية بارزة بعضها في السلطة.

وقال وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل إن “التقرير لازال مسودة وهو تدقيق جنائي أوّلي لا يتضمن أي اسم“.

ومع تصاعد المطالب بالكشف عن التقرير، أصدر المكتب الإعلامي في وزارة المالية بيانا قال فيه “أمام الأخبار المغلوطة، نوضح: إن ما تسلمته وزارة المالية من شركة ’ألفاريز أند مارشال‛، ما هو إلا مسودة عن التقرير الأولي للتدقيق الجنائي وما زال بصيغة غير نهائية، و(هو) قيد جمع إيضاحات حول بعض الاستفسارات”.

وأضاف أن العقد مع شركة “ألفاريز أند مارشال” قد تم توقيعه مع الحكومة اللبنانية ممثلة بوزير المالية، وأن دور وزارة المالية فيه يقتصر بحسب أحكام العقد على التنسيق بين مصرف لبنان وشركة التدقيق وليس أكثر. وعليه يكون التقرير ملكاً للحكومة اللبنانية وليس لوزارة المالية، ما يستدعى معه أن تسلّم النسخة النهائية عنه عند جهوزها إلى مجلس الوزراء.

وقال المكتب الإعلامي إن “ما يتم تداوله من أن مسودة التقرير الذي أرسل إلى وزارة المالية أتت على ذكر شخصيات اقتصادية ومالية وسياسية، لاسيما رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وشخصيات لبنانية وغير لبنانية هي أخبارٌ غير صحيحة على الإطلاق ولا تمت إلى الحقيقة بصلة“.

ولكن مراقبين يقولون إن المسألة، سواء تعلقت بذكر الرئيسين ميقاتي وبري أم لا، فإنها: أولا، أكبر منهما على أيّ حال، حتى وإن كانا بريئين من كل اتهام، لأنها تشمل المليارات من الدولارات التي تم نهبها أو إساءة استخدامها على مدار عدة سنوات. وثانيا، لا بد أن تكون هناك أسماء، لأن هذه الأموال لم تذهب إلى حسابات لا يقف خلفها أشخاص.

أما تعطيل الكشف عن “المسودة”، وربطها بـ”جمع إيضاحات حول بعض الاستفسارات”، فقد تعني أن هناك محاولات لإجراء تعديلات عليها تجعلها أقل مساسا بمن تتوجه إليهم بأصابع الاتهام.

وطلب “تكتل لبنان القوي” الذي يقوده جبران باسيل زعيم “التيار الوطني الحر” حكومة تصريف الأعمال بنشر التقرير لأن هناك “معلومات تؤكد وجود ارتكابات ثابتة في مجال الإنفاق“.

وحمّل التكتل الحكومة مسؤولية عدم الاستجابة لطلب رئيس لجنة المال والموازنة بتسليمها نسخة عن التقرير “في إطار الصلاحية الرقابية للجنة على أعمال الحكومة ووفقًا للمادة 32 من النظام الداخلي للمجلس النيابي“.

وأكد أنه لن يتهاون مطلقًا في متابعة هذا الموضوع لكشف المخالفات والارتكابات في حسابات المصرف المركزي.

وطالب عضو التكتل النائب سيمون أبي رميا بعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب للاطّلاع رسمياً على التقرير قائلا إن “التكتم الحاصل يؤكّد الشكوك المشروعة عن محاولات إخفاء الحقائق“.

وكان رئيس لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي النائب إبراهيم كنعان وجّه كتاباً إلى وزير المال يطلب فيه الحصول على نسخة من التقرير.

وتساءل نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان عبر تويتر:

وغرد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل بالقول:

يذكر أنه كان من المقرر أن يتم نشر التقرير في سبتمبر الماضي. ولكنه بقي قيد الكتمان. وذكرت بعض المصادر أن التقرير وصل بالفعل إلى وزارة المالية قبل أسبوعين، إلا أنها لم تكشف عنه، لأنها لم تحصل على موافقة حكومية.

ويقول مراقبون إن التقرير سوف يتم الكشف عنه في النهاية، وإن التعديلات التي قد تطرأ عليه لن تغير شيئا في الحقائق التي يتعين على “ألفاريز أند مارسال” أن تكشف عنها، لاسيما وأن طبيعتها الجنائية تعني أن التحقيقات ليست مراجعة سياسية بأعمال المصرف المركزي، وإنما مراجعة قانونية بالمخالفات وبمن كانوا يقفون وراءها وبالمستفيدين منها. كما أن هذه المراجعة جزء من مطالب صندوق النقد الدولي، التي يتعين أن توقف أعمال الفساد. وهي مما لا يمكن التغطية عليه، إذا كان الهدف هو إغلاق الثغرات التي كانت تتسرب منها المليارات من الدولارات.

وكان الصندوق أصدر تقييما جديدا يقول “إن الأزمة المالية في لبنان فاقمتها المصالح الخاصة التي تقاوم تنفيذ إصلاحات ضرورية محذرا من أن عدم التحرك لحل ذلك سيدفع البلاد إلى مصير مجهول“.

صحيفة العرب

مقالات ذات صلة