هل يُصار الى تأجيل الحلّ الرئاسي … الى ما بعد نهاية العام الجاري؟

لودريان يُحضّر تقريره عن لبنان… وقد يكون الحلّ المقترح حوارا محصورا بالملف الرئاسي!!

ذهب المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان من بيروت قبل عيد الأضحى بعد أن التقى جميع القوى والمكوّنات السياسية واستمع الى آرائها بشأن انتخاب رئيس الجمهورية والمرحلة المقبلة، لكي يعود… فلودريان يُحضّر تقريره حالياً لرفعه الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيعرضه بدوره على السعوديين، وعلى دول اللقاء الخماسي لاحقاً (أي الأميركيين والقطريين والمصريين) لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. فعودته مقرّرة بشكل مبدئي في منتصف تمّوز المقبل، غير أنّ الحلّ الذي سيحمله معه للأزمة الرئاسية ليس محسوماً بعد، وإن كانت تُطرح سيناريوهات عديدة قبل كتابة ورفع تقريره. علماً بأنّ لبنان سيدخل عندئذ في فراغين رئاسيين، ومنصب حاكم مصرف لبنان.

مصادر سياسية مطّلعة أشارت الى أنّ لودريان لم يُطمئن أيا من المكوّنات السياسية التي التقاها، ولم يؤكّد لأي منها إذا ما كانت فرنسا لا تزال متمسّكة بمعادلة «سليمان فرنجية- نوّاف سلام» أم لا، رغم استنتاج جميع الأطراف والمراقبين أنّ موقفها قد يكون تغيّر. غير أنّه سمع من وفد «حزب الله» أنّ الخطة «ب» أو «ج» أو «د» للحزب، إذا كان لا بدّ من الانتقال الى خطة جديدة، ستحمل اسم مرشّح «الثنائي» نفسه أي الوزير السابق سليمان فرنجية. وهذا الموقف يُحتّم على فرنسا التي تدعم وصول فرنجية الى الرئاسة، وسلام الى رئاسة الحكومة، إقناع الأطراف الأخرى بمعادلتها، لا سيما السعوديين، والمصريين، كما الأميركيين الذين يتمسّكون بمرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور بهدف تنفيذ الأجندة الأميركية في لبنان، والقطريين الذين يفضّلون وصول قائد الجيش العماد جوزف عون الى رئاسة الجمهورية. ومهمّتها هنا لن تكون سهلة رغم عدم فرض «الفيتو» على اسم فرنجية، كما بات معلوماً، من قبل السعودية.

وتقول انّ الحلقة المفرغة التي يدور فيها السياسيون في لبنان، قد تجعل فرنسا تجد أنّ الحوار هو المخرج لحلّ الأزمة الرئاسية… وبناء عليه، قد تقترح عقد طاولة حوار وطني في بيروت أو في إحدى عواصم الدول الخمس مثل باريس أو الرياض، على ألّا تتناول سوى بند واحد هو رئاسة الجمهورية، وربما رئاسة الحكومة. أمّا أن يكون الحوار مؤتمراً تأسيسياً لتغيير النظام، على ما جرى التداول به خلال زيارة لودريان الأخيرة، أو لوضع «عقد جديد» للبنان، فهو أمر مستبعد كون مثل هذا المؤتمر والتعديلات الدستورية التي ستتضمنّه تستلزم وقتاً طويلاً قد يمتدّ لسنوات لكي يتمّ التوافق عليها.

فالمعلوم أنّ كلّ استحقاق في لبنان يحتاج الى أشهر، لا بل الى سنوات لتأمين التوافق عليه بسبب الخلافات السياسية المستمرّة، متسائلة: فكيف إذا ما كان الأمر يتعلّق بمؤتمر تأسيسي، يسعى الى تعديل الثغر القائمة في الدستور ككلّ؟ وألمحت الى أنّ مختلف القوى التي التقاها لودريان أكّدت له على ضرورة التمسّك بـ «اتفاق الطائف»، وتطبيق ما لم يُنفّذ منه بعد عقود على وضعه، إذ من شأن اللامركزية الإدارية، وإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس الشيوخ، على سبيل المثال، أن تُحسّن الكثير من الأمور في البلد إذا ما جرى تطبيقها وفق ما ينصّ عليه الدستور.

أمّا عودة لودريان الى لبنان فحتمية، وقد أكّدها للجميع قبل مغادرته بيروت، وهي تُظهر اهتمام فرنسا بلبنان كدولة موكلة من اللقاء الخماسي إيجاد الحلول لأزماته، غير أنّ ذلك لا يعني بأنّ كلّ من الدول الأخرى تتراجع عن دورها فيه وفي المنطقة. وما يهمّ فرنسا، وفق المصادر، هو انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات المطلوبة، كما على مواكبة عملية استخراج الغاز من المنطقة البحرية، وإعادة إعمار مرفأ بيروت الذي بدأت تستفيد منه وغير ذلك. فالوضع في الشرق الأوسط يتغيّر بفعل التقارب السعودي- الإيراني والتقارب العربي- العربي، ولا بدّ للبنان من أن يستفيد من التسويات الإقليمية لا أن يبقى خارجها، لأنّ ذلك يؤخّر وصول الحلّ إليه، كما يؤجّل تطبيق خطة التعافي الاقتصادية والمالية واستعادة دوره الاستراتيجي في المنطقة.

وتخشى من أن يُصار الى تأجيل الحلّ، من قبل بعض الدول الخمس، الى ما بعد نهاية العام الجاري، لا سيما إذا ما وُجد حلّ ما لخلافة حاكم مصرف لبنان، ولم يدخل شبح الفراغ الى الحاكمية، وهذا ما هو متوقّع، أي أن يُصار إمّا الى تسليم نائبه الأول وسيم منصوري صلاحيات الحاكم بالوكالة، أو الى تعيين الحاكم الخلف، رغم صعوبة هذا الأمر في ظلّ الحكومة المستقيلة، وذلك تلافياً للفراغ الثاني في البلاد، ومنعاً لتعطيل عمل المصرف المركزي. وكان ذهب البعض الى القول انّ المنصب يليق بالوزير أزعور في حال جرى التخلي عن ترشيحه للرئاسة، أو انسحب هو بنفسه من المعركة الرئاسية.

ولكنّها لفتت في الوقت نفسه، الى أنّه عندما تحصل التسوية الدولية، فإنّ أي شيء ممكن أن يتحقّق سريعاً… غير أنّ التسوية الأميركية- الإيرانية لا تزال بعيدة المنال بعض الشيء، على ما تشير المعطيات، ولا اتفاق نووي قريب في ما بينها. علماً بأنّه في حال حصولها ستكون قادرة على قلب الموازين، لا سيما في لبنان بسبب الإصطفاف السياسي بين هذين المحورين. أمّا التقارب الإيراني – السعودي، فيبدو أنّ تداعياته تشمل دول الجوار قبل أن تصل الى لبنان الذي عليه الانتظار لبضعة أشهر بعد.

دوللي بشعلاني- الديار

مقالات ذات صلة