وائل جسار: تصالحت مع وسوف ولا خلاف مع صابر الرباعي

دخل الفنان اللبناني وائل جسار المجال الفني في سن مبكرة، وتأثر منذ طفولته بعمالقة الغناء العربي وفي مقدمتهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وعندما غنى أعمالهم في البرامج التلفزيونية وبرامج المسابقات الفنية، حمل لقب “الطفل المعجزة” بسبب أدائه المتميز وإحساسه العالي وإمكاناته الصوتية. وفي مرحلة لاحقة تعلم أصول العزف على آلة العود، وبدأ مسيرته الاحترافية بغناء اللون الطربي الأصيل، وهو لا يزال متمسكاً به محصناً نفسه من الموجات الطارئة والمتلاحقة التي تقتحم الساحة الفنية بين فترة وأخرى.

وقدم جسار خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء 16 ألبوماً غنائياً ومجموعة من الأغاني المنفردة، ومع أنه برع في الغناء باللهجة المصرية، لكنه حرص على التنويع من خلال تقديم أعمال بلهجات أخرى، وهو طرح قبل أيام عدة أغنية باللهجة المصرية بعنوان “في حد بيحبني”، وهو العمل الثاني من إنتاجه الخاص بعد أن قرر أن ينتج أعماله بعيداً من شركات الإنتاج.

الأغنيتان المصرية واللبنانية

“الفنان الحقيقي يغني كل الألوان واللهجات”، كما يقول جسار عندما يُسأل عما إذا كان يفضل الغناء باللهجة المصرية على الغناء باللهجة اللبنانية لأنه يحقق نفسه من خلالها، ثم يضيف “أنا أفتخر بالغناء باللهجة اللبنانية ولكنني عادة أختار الأنسب من بين الأغاني التي تصلني، ولكن الأغنية المصرية في مكان ما هي الأقرب إلي وتناسبني أكثر من حيث اللحن، ولكن هذا لا يعني أنني أقلل من شأن الأغنية اللبنانية بل أنا أتشرف بغنائها، والإحساس موجود في كل الأغاني واللهجات”. كما يرى أن إقبال عدد كبير من الفنانين اللبنانيين في هذه المرحلة على تقديم الأغاني العراقية والسورية والخليجية والمصرية، لا يعدّ تخلياً عن الأغنية اللبنانية، بل لفتة منهم للشعب العربي الذي يغنون لهجته تأكيداً على محبتهم له، “لست ضد الغناء بلهجات أخرى في حال كان الفنان يتقن جيداً اللهجة التي يغنيها، وأنا أحب جداً الغناء بمختلف اللهجات العربية ولكني أجد صعوبة في إتقان بعضها وأتمنى أن أنجح في ذلك خلال الفترة المقبلة لكي أتمكن من طرح أغنيات بمختلف اللهجات”.

في المقابل، يشير جسار إلى أن الأغنية العربية تراجعت كثيراً في المرحلة الحالية وهي في أسوأ أحوالها، ولا أحد يمكن أن يعرف إلى أين يمكن أن تصل بانحدارها، ويقول “معظم الأغاني التي تقدم اليوم تجارية وركيكة لحناً وكلاماً وتوزيعاً، كما أنها سطحية وغير هادفة ومن دون معنى ومضمون”. وعن دور بعض نجوم الصف الأول في الترويج للأغاني الهابطة تحت ذريعة مسايرة الجيل الجديد وإرضائه، مقابل تمسكه بالأغنية الكلاسيكية التي تحظى هي أيضاً بقبول الناس، يقول “إرضاء الفنان لنفسه فنياً هو إرضاء للجمهور أيضاً، لأن إرضاء الذات ينبع من الإحساس الصادق. صحيح أنني كفنان ملك للناس ولكنني أتحمل مسؤولية اختيار أغنياتي وتقديمها للجمهور، لأنني أندفع وراء إحساسي، وهو الذي يسيرني ويدفعني إلى تقديم الفن النظيف، ولكن تقبله أو عدم تقبله يعود للناس. ومن وجهة نظري، من واجب الفنان أن يعوّد الناس على سماع الأغاني الراقية، ولا يفترض به أن يقول إنه يريد مسايرتهم لأنه لا توجد مسايرة في الفن، ومن لا يقدم فناً نظيفاً من الأفضل أن يلازم بيته لأن ذلك أفضل من تنشئة أجيال لا تعرف شيئاً عن الفن الأصيل والهادف. أما بالنسبة لنجوم الصف الأول فلا علاقة لي بهم وبما يقدموه للناس، ولكنني شخصياً أتصرف وفق ما يمليه عليّ ضميري. اليوم الكل يساير التيار ويقدم نوعاً معيناً من الأغاني، بينما أنا حاولت من خلال أغنيتي الأخيرة (في حد بيحبني) أن أقدم عملاً عن الوفاء والصداقة والمحبة وأهمية وجودهم في حياتنا، وهذه الأغنية معبرة جداً لأنها تتضمن رسالة إنسانية واجتماعية أحببت أن أوصلها للناس. البعض يركز على تقديم أغان إيقاعية راقصة وأنا لست ضدها، وإنما هذا النوع من الأغاني له وقته ولا يجوز أن يسيطر وحده على الساحة الفنية”.

اللحن والتوزيع

ورداً على من يعتبر أن توزيع الأغنية أصبح اليوم أهم من لحنها، يقول جسار “هذا الكلام غير صحيح، بل أن اللحن والتوزيع يكملان بعضهما. دور التوزيع هو تجميل الأغنية خصوصاً أنه يشهد تطوراً كبيراً حتى أنه يمكن أن يرفع الأغنية في بعض الأحيان، لكن اللحن يبقى أساس الأغنية”. ويرد جسار سبب اتجاهه لإنتاج أعماله بنفسه مع أنه كان مدللاً عند شركة الإنتاج التي كان يتعامل معها، إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية، “الركود يجتاح العالم كله وعدد شركات الإنتاج في العالم العربي تراجع كثيراً وهو لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، كما أنه لم يعد هناك غزارة في الإنتاج. إلى ذلك، فإن معظم الفنانين أصبح اليوم يفضل طرح أغان منفردة (سنغل)، ولكن بعض شركات الإنتاج يمكن أن تتبنى أغاني معينة كما حصل معي في مجموعة من أعمالي من بينها أغنية (لو تخاصمني)، التي كنت بصدد إنتاجها إلا أن شركة الإنتاج طلبت أن تقوم هي بتنفيذها. نحن اليوم في عصر الأغنية وليس في عصر الألبومات، وبالنسبة لبعض الفنانين الذين يصرون على طرح الألبومات بحثاً عن التنويع وبهدف إرضاء أنفسهم وجمهورهم، فمن المعروف أنه لا تنجح من أي ألبوم غنائي سوى أغنية أو أغنيتين، لذلك لا يوجد مبرر لإصدار الألبومات ويمكن الاكتفاء بطرح أغنية واحدة وتقديم كل الدعم الإعلاني الذي تحتاجه لكي تنجح وتصل إلى الناس”.

جورج وسوف وصابر الرباعي

وفي محاولة للنيل من سمعته وسمعة الفنان صابر الرباعي، يؤكد جسار أن البعض روج خبر وقوع خلاف كبير بينهما وصل إلى حد التضارب بالأيدي، وحال دون اعتلائه مسرح والغناء في حفل (روائع الموجي) الذي أقيم في مايو (أيار) الماضي في الرياض، “أنا لم أتمكن من الغناء بسبب المرض المفاجئ الذي نتج من ارتفاع في ضغط الدم، وصابر الرباعي كان أول شخص زارني في الفندق واطمأن عليّ وقدم لي الدعم المعنوي، كذلك اتصلت شيرين عبد الوهاب ومي فاروق للاطمئنان عن صحتي. الكلام الذي انتشر حول خلافي مع صابر الرباعي مرفوض تماماً، ونحن لا نقبل به خصوصاً أننا نتمتع بسمعة نظيفة في الوسط الفني، ولم ينشر يوماً كلام مسيء عنا وما حصل كان الهدف تشويه سمعتنا”.

كذلك أكد جسار أنه تصالح مع جورج وسوف بعد أن كان قد نصحه بالاعتزال بسبب وضعه الصحي: “هو كان متفهماً جداً وعرف ما كنت أقصده من خلال كلامي والدوافع وبأنني لم أكن أقصد الإساءة إليه. الوسوف أسطورة لا يمكن أن تتكرر أبداً ومديرة أعماله اتصلت مطمئنة بعد الوعكة الصحية التي أصابتني”.

إلى ذلك، يبدو أن جسار لا يزال على موقفه المعارض لدخول ابنته المجال الفني على رغم انتشار فيديو مصور لها وهي تغني في الاستديو، حيث يقول “أنا فوجئت بما حصل كما كل الناس ولم أكن أعلم بأنها تسجل أغنية (بنت أبوها)، ولكن زوجتي وابنتي خططتا لمفاجأتي بمناسبة عيد الأب، وذهبتا إلى الاستديو وسجلت ماريلين الأغنية بصوتها وأهدتها لي. ومن حيث المبدأ أنا ضد دخول ابنتي المجال الفني على رغم أنها تحب الغناء كثيراً، ومع أنني أعرف أنه لا يجوز أن نظلم من يملك الموهبة بحرمانه من الغناء، ولكن المجال الفني صعب جداً وأنا لا أريد لها أن تتعذب كما تعذبت أنا في بداية مشواري وأن تعيش تجربتي نفسها. صحيح أن اسمي يمكن أن يدعمها ويسهل أمامها الطريق، ولكن لا بد من أن تشق طريقها الخاص وهو طريق متعب وشاق خصوصاً للفتيات”.

اندبندنت

مقالات ذات صلة