من المستفيد الأكبر من الفراغ الرئاسي: كلما طال الفراغ… كلما ضاعفوا مكاسبهم؟
لا تعكس الدعوات اليومية التي يوجهها حزب الله للحوار والتلاقي لايجاد حل للازمة الرئاسية اي حرص على انهاء الفراغ بسدة الرئاسة الاولى بشكل عاجل طالما الحل لا يلحظ وصول مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى قصر بعبدا. فرغم كل ما يردده ليس خافيا ان الحزب ومعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ابرز المستفيدين حاليا من الوضع القائم.. وكلما طال الفراغ في الرئاسة الاولى كلما ضاعفوا مكاسبهم.
فمنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون واعلان “التيار الوطني الحر” صراحة ان وزراءه لن يشاركوا في اي جلسة حكومية لاعتبارهم ان الحكومة الحالية لا يحق لها الاجتماع واتخاذ القرارات الا عبر مراسيم جوالة كونها حكومة مستقيلة تصرف الاعمال، ورئيسها نجيب ميقاتي وبالتعاون والتنسيق مع “الثنائي الشيعي” يعقدون الجلسات ويصدرون المراسيم التي قالت الهيئة السياسية ل”الوطني الحر” مؤخرا انها زادت عن 627 مرسومًا “معظمها لا طارئ ولا حتّى ضروري”. وليس فقط من خلال الحكومة ينصّب “الثنائي الشيعي” وميقاتي نفسيهما الآمرين الناهيين بالبلد، اذ تحولت عين التينة المطبخ الاساسي للقرارات الكبرى نتيجة توكيل بري من قبل حزب الله البت بها بعد الرجوع اليه في الاساسية والمفصلية منها، وتنسيق اصدارها ووضع آليات تنفيذها مع ميقاتي. وليس اللقاء الشهير لقائد الجيش العماد جوزيف عون مع الرئيس بري والذي انتهى للتفاهم على توقيع مرسوم ترقية ضباط دورة العام ١٩٩٤ وترقيات دورتي ١٩٩٥ و ١٩٩٦، الا مثالا حيا عن طريقة ادارة البلد في كنف الفراغ المتواصل والذي يبدو من دون أفق حتى الساعة.
وتقول شخصيات التقت مسؤولين في حزب الله مؤخرا ان “هؤلاء يبدون مرتاحين تماما للوضع الراهن وانهم بخلاف كل التوقعات بعد نتائج الجلسة ١٢ لانتخاب رئيس لا يعربون عن اي استعداد لوضع ترشيح فرنجية جانبا للبحث بترشيحات اخرى”، فبحسب المصادر:”عامل الوقت لا يبدو ضاغطا على الحزب الذي لم تتعطل اي من اعماله وخططه لا بل انه خلال مرحلة الفراغ يرسخ دوره اكثر فأكثر ويعتقد انه بذلك يضغط على القوى الاخرى، وبالتحديد المسيحية منها كي تكون هي التي تقدم التنازلات مع اضمحلال دورها وتأثيرها”.
وبمقابل الاطراف المستفيدة من الواقع الحالي، تبدو الاحزاب المسيحية المتضررة الاولى من الازمة الراهنة، فرغم ان تقاطعها على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور شكّل “ضربة معلم” ل”الثنائي الشيعي” لم يكن يوما يتوقعها، الا ان القدرة المسيحية تنحصر اليوم بالتعطيل باعتبار انه ونتيجة موقف الاكثرية السنية “المحايد” باتت الاحزاب المسيحية غير قادرة على المبادرة وتنفيذ ارادتها واجندتها، مع العلم ان اصلا لا اجندة او رؤية موحدة لديها لا على الملف الرئاسي او سواه من الملفات. وهي في تشددها في مقاربة الانتخابات الرئاسية تساهم من حيث تدري او لا تدري باطالة أمد الفراغ. الا ان مصادر هذه القوى تجزم بأن “الواقع الحالي رغم كل سلبياته يبقى أفضل الف مرة من الاستسلام لارادة حزب الله وتسليمه رئاسة الجمهورية الى جانب رئاسة المجلس النيابي والارجح رئاسة الحكومة، ما يؤدي لتكرار تجربة عهد العماد ميشال عون المريرة”. وتعتبر المصادر انها باتت تملك “اوراق ضغط توجع “الثنائي الشيعي”، فهو وان كان يعقد جلسات حكومة مشكوك بشرعيتها الا انه لا يستطيع الذهاب بعيدا بموضوع التشريع في المجلس النيابي بعدما بات واضحا ان بري غير قادر على تغطية غياب المكونات المسيحية الرئيسية عن الجلسات وبالتالي بات “التيار الوطني الحر” هو المتحكم الى حد بعيد بمصير اي جلسة تتم الدعوة لها بعدما اعلن حزبا “القوات” و”الكتائب” صراحة انهما ضد التشريع مع تحول المجلس النيابي هيئة ناخبة”.
وتبعا لكل ما سبق، يمكن الجزم بأن حزب الله لن يستسلم بمعركته الرئاسية بسهولة. وهو وان قرر وضع ورقة فرنجية جانبا بعد فترة فالمؤكد انه سيقبض ثمنا باهظا. هو قد يبدأ بالسعي لترسيخ ما يعتبره “حقا” للطائفة الشيعية بالنصوص بالحصول على وزارة المال، وقد لا يتوقف عند المطالبة بالمثالثة بعد خضة امنية كبيرة.
بولا اسطيح- الكلمة اونلاين