حزب الله يستدرج خصومه إلى لعبته: جمود المعارضة مدمِّر!

غالباً، ما ينجح حزب الله في استدراج خصومه إلى لعبته. في غالبية الاستحقاقات الأساسية، يتقن الحزب فنّ الرهان على الوقت. فيما يتظاهر خصومه بأنهم صامدون على مواقفهم، وأنهم يتمتعون بمناعة تقيهم مجتمعين خطر التسرّب المجزّأ لأي طرف منهم.

يعتمد الحزب هذه اللعبة في الاستحقاق الرئاسي الحالي بشكل صريح. فهو واضع معادلة أن 51 صوتاً لسليمان فرنجية هم أصلب من 59 صوتاً لجهاد أزعور. هذه النظرية يعتمد عليها الحزب، انطلاقاً من رهانه على تفتيت قوى المعارضة وتقليص عدد أصواتها. ويذهب الحزب بعيداً في ذلك من خلال تسريبات متعددة، تشير إلى أن بعض قوى المعارضة بدأوا بالبحث عن المرشح الثالث، أو بتسريب أخبار عن أن المرشح الأساسي للتيار الوطني الحرّ هو زياد بارود. بذلك، يسعى الحزب إلى زرع الشكوك والشقاق بين أفرقاء المعارضة.

“الدعوة إلى الحوار”!
في المقابل، يقف المعارضون عاجزون عن تقديم أي خطاب سياسي يمكنه أن يخلق ديناميكية جديدة بمواجهة ديناميكية الحزب، التي ترتكز حالياً على “الدعوة إلى الحوار”. وهذا آخر ما دعا إليه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، والذي قال قبل يومين إن كلا الطرفين غير قادرين على إيصال مرشحهما إلى رئاسة الجمهورية. ولذا، لا بد من الذهاب إلى الحوار. يمكن للمعارضة أن تنتهز هذا الموقف وتقبل بمحاورة حزب الله، بدلاً من الوقوع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه عندما رشحت ميشال معوض، وأصرت على هذا الترشيح من دون العمل على تسويقه أو تسويق برنامجه، ومن دون أي محاولة لإقناع الثنائي الشيعي به. فيما يكثف حزب الله وحركة أمل جهدهما للعمل على إقناع الآخرين بجدوى ترشيح فرنجية، ولو اقتضى ذلك التواصل مع كل النواب، ومع الجهات المؤثرة عليهم.

تكرس هذه الآلية السياسية بالتعامل مع الاستحقاق حالة من الجمود، يصبح من الصعب الخروج منها. فيما يمكن للمعارضة الترحيب بدعوة حزب الله للحوار، لا بل أن تطلب هي بذاتها هذا الحوار، وتذهب إلى الحزب حاملة كل الأسباب الموجبة التي دفعتها إلى الالتقاء على ترشيح جهاد أزعور. وذلك لإظهار أهمية ترشيحه على قاعدة إنتاج نوع من التواصل مع الكتل النيابية، التي لم تتخذ موقفاً أو وقفت على الحياد.

ثمة من يعتبر أنه لا بد من الذهاب إلى حزب الله لمحاورته وإقناعه بهذا المرشح، وخلق ديناميكية تبرز تفوق هذا المرشح وما يمكن أن يقدّمه ويقوم به. بالإضافة إلى توصيف شخصيته أو تميزه عن أي مرشح آخر، وما هي الآفاق التي يمكن أن تفتح في حال تم انتخابه.

أبعد من “التقاطع”
يمكن لهذه الآلية أن تكون مواجهة لآلية عمل حزب الله، الذي يعمل على تقديم الكثير من الأوراق والملفات تجاه ترشيح سليمان فرنجية، واعتباره الوحيد القادر على معالجة ملفات استراتيجية، من ملف اللاجئين السوريين والقدرة على التحاور مع النظام السوري، بالإضافة إلى الاستراتيجية الدفاعية. فيما لم تقدم المعارضة كل ما يمكن لأزعور تحقيقه في حال تم انتخابه.

انعدام حركية المعارضة تسهم في كشفها سياسياً، وإضعافها أكثر، على قاعدة البقاء عند خانة “التقاطع” وليس الانتقال إلى مرحلة جديدة. لا يمكن لهذه المعارضة أن تبقى متوقفة عند حدود اللعبة التي أرسيت، فتكون الصيغة المقابلة لثبات حزب الله على موقفه بترشيح فرنجية، أن تثبت المعارضة على “تقاطعها” حول أزعور وحسب، من دون الإقدام على أي خطوة أبعد. لأنه وفق قواعد اللعبة هذه، سيكون الحزب حتماً هو أبرز الرابحين.

إذا كان الطرف الآخر يتقن فن التعطيل ويمارسه بالرهان على الوقت لتغيير مواقف الآخرين، فلا بد للمعارضة من تسريع الحركية لديها لكشف الطرف المعطل، لا الإرتكاس إلى ما أرسته جلسة 14 حزيران من نتائج، والوقوف عندها من دون تجاوز حدودها، لأن ذلك سيسهم في تحقيق نظرية حزب الله حول انفراط عقد هذه المعارضة، وأن تقاطعها غير صلب وظرفي يهدف فقط إلى قطع الطريق على مرشحه.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة