ما الذي سيحصل لمجموعة “فاغنر”؟
عاد الهدوء الى الساحة الروسية بعد توقف تقدم مجموعة “فاغنر” نحو موسكو وتجنب مواجهة محتملة مع الجيش الروسي. وكانت مجموعة المرتزقة التي يقودها يفغيني بريغوجين قد توجهت الى ضواحي موسكو قبل الانسحاب بمجرد الاتضاح أن الأمور تقود باتجاه إراقة الدماء.
وسلط مقال لجو هرنانديز الضوء على “القرب بين بريغوجين، الملقب بطاهي بوتين، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودور مجموعة فاغنر كجزء لا غنى عنه في سياق الانخراطات العسكرية الروسية في أوكرانيا وأجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك أفريقيا وأميركا الجنوبية. لكن تمرد بريغوجين في نهاية الأسبوع ضد كبار الضباط العسكريين الروس ربما يكون قد قلب الطاولة وقلب حظوظ الجندي.
وعلى الرغم من أن بريغوجين لن يواجه اتهامات بالتمرد، وفقاً للكرملين، لكن بوتين وصفه بالخائن، مشيراً إلى أنه سيتوجه إلى بيلاروسيا المجاورة. وفي الوقت نفسه، ليس من الواضح ما إذا كان سيتم حل مجموعة فاغنر أو تأثير مثل هذه الخطوة في أوكرانيا ومناطق الصراع الأخرى حيث يعمل مرتزقة المجموعة. وسبقت الانتفاضة التي حصلت، حالة من العداء بين مجموعة فاغنر ومسؤولي الدفاع الروس. وقبل وقت طويل من عطلة نهاية الأسبوع، انخرطت المجموعة ووزارة الدفاع الروسية في حرب كلامية، واتهم بريغوجين كبار ضباط الجيش الروسي بإفساد المجهود الحربي في أوكرانيا، كما ادعى أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وآخرين حجبوا الذخيرة عن مقاتلي فاغنر.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن شويغو أن أعضاء الشركات العسكرية الخاصة، بما في ذلك مجموعة فاغنر، سيُطلب منهم توقيع عقود مع الجيش بحلول 1 تموز. وحسب ديمتري ألبيروفيتش، المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة مركز أبحاث Silverado Policy Accelerator، ربما حفز أمر شويغو بريغوجين على تنظيم المسيرة إلى موسكو.
وقال ألبيروفيتش: بريغوجين لن يطيع هذه الأوامر. ومن الواضح أنه بينما كانت الساعة تقترب من الأول من تموز، كان يائساً في محاولة التفكير في طرق لايقاف هذا الأمر. ورأى خبراء روس آخرون في مناورة بريغوجين محاولة لكسب المزيد من الموارد لمقاتليه وزيادة نفوذه على الاستراتيجية العسكرية في أوكرانيا.
وقال أندرو وايس نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي: لقد قام بهذا التمرد المسرحي الذي ألقى بالقيادة الروسية بلا توازن. لا أعتقد أنهم كانوا يتوقعون من أي شخص أن يتحدى سلطة بوتين بصورة كبيرة. لكن في الوقت نفسه، لم يكن الهدف الأساس هو الاطاحة بالنظام الروسي، بل كان فتح المزيد من المكانة والسلطة لبريغوجين نفسه. وبعد ما حصل، أصبح مصير مجموعة فاغنر غير مؤكد.
وبيّن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في وقت متأخر من يوم السبت أن السلطات ستسقط اتهامات التحريض على تمرد مسلح ضد بريغوجين. وأضاف الكرملين: ان قوات فاغنر التي شاركت في المسيرة لن تلاحق أيضاً، أما التي لم تشارك فستوقع عقوداً مع وزارة الدفاع الروسية. لكن لم يتضح على الفور ما إذا كانت روسيا قادرة على حل مجموعة فاغنر فجأة، خصوصاً وأنها ساعدت البلاد على تحقيق مكاسب في حربها ضد أوكرانيا. وكانت الشركة العسكرية الخاصة وراء الاستيلاء على مدينة باخموت الأوكرانية رفيعة المستوى الشهر الماضي.
“وحش فرانكشتاين”
أضف إلى ذلك أن البعض يشير إلى الدور المهم الذي تلعبه فاغنر في تغطية الصورة الروسية، بحيث تمنح بوتين والمسؤولين الآخرين القدرة على الإنكار، كما أن غض الطرف عن الخسائر التي تكبدها المرتزقة يسمح لروسيا بإخفاء التكاليف الحقيقية للحرب. وقد وصفت وزارة الخزانة الأميركية هذه المنظمة بأنها إجرامية وعابرة للحدود الوطنية، وهي موضوع عقوبات – بما في ذلك ضد بريغوجين نفسه – على خلفية شن حرب ضد أوكرانيا.
وقال وايس إن بوتين خلق لنفسه نوعاً من وحش فرانكشتاين في مجموعة فاغنر، التي تعمل كقوة قتالية فعلية للدولة الروسية ولكن تتمتع باستقلالية أكبر من الجيش. وأضاف: ليست هناك طريقة سهلة لفلاديمير بوتين لتفكيك وحدات فاغنر أو تسريحها والتحدي سيكون دائماً: فهل سيلعبون لعبة مع القيادة العسكرية الروسية ويتصرفون بالتنسيق معهم في السعي الى تحقيق أهداف بوتين العسكرية في أوكرانيا؟
أما السيناريو الآخر فهو التأثير الضئيل لما حصل على مشاركة فاغنر في أوكرانيا حيث يرى وايس أن المجموعة قد تستمر في لعب دور رئيس في الحرب في أوكرانيا وشن المرتزقة عمليات هجومية ضد القوات العسكرية الأوكرانية. وعلى الأرض، أشار ألبيروفيتش إلى أنه كان هناك تأثير ضئيل على الحرب في أوكرانيا في أعقاب مسيرة فاغنر باتجاه موسكو، وأن بريغوجين نفسه قال إن العمليات ستستمر على الرغم من خلافه مع وزارة الدفاع الروسية. لكن ألبيروفيتش شدد على أن الملحمة لم تنته بعد. وقال إنه سيترك لبوتين الرد على التمرد، ولم يصدر بريغوجين أي تعليقات عامة حتى الآن منذ إعلان الكرملين أنه ذاهب إلى بيلاروسيا”.
لبنان الكبير