الدوري السعودي… صفقات كبرى تدق أجراس الرعب في أوروبا
بعد صفقات مدوية كانت حديث العالم، أبطالها نجوم من الصف الأول في أندية عريقة، بات الدوري السعودي للمحترفين بمشروعه الرياضي الجديد مثار جدل وقلق بالنسبة لكثير من الأوساط الأوروبية الكروية على اعتبار أنه يشكل خطراً على الدوريات الخمسة الكبرى في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، وهو ما جعل كثيرين أمثال تسيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وأولي هونيس الرئيس الشرفي لبايرن ميونيخ، فضلاً عن وسائل الإعلام الأوروبية تُخصص صفحاتها الرئيسية ومواقعها الإلكترونية لأخبار التعاقدات التي تبرمها الأندية السعودية خلال «الميركاتو الصيفي» في مواجهة أكبر الأندية العالمية.
قلق إنجليزي… «السعوديون سيشاركوننا الكعكة»في إنجلترا، باتت وسائل الإعلام البريطانية قلقة من ظهور قوة جديدة في الكرة العالمية ستشاركهم الكعكة الكبرى في كرة القدم، التي احتكرها الأوروبيون بشكل كامل منذ بداية القرن الحالي.
وطلب غاري نيفيل من الدوري الإنجليزي الممتاز، إيقاف انتقالات اللاعبين مؤقتاً إلى الدوري السعودي، لكن طلباته لم تجد آذاناً صاغية وسط آراء مضادة بأن السوق مفتوحة لمَن يريد كما هي حال الأندية الكبرى، مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر سيتي وتشيلسي وباريس سان جيرمان، التي تخصص ميزانيات بمليارات الدولارات لاستقطاب أهم نجوم العالم.
وشهد يوم الجمعة انضمام روبن نيفيز قائد ولفرهامبتون البالغ من العمر 26 عاماً إلى الهلال مقابل 47 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي في الصفقات السعودية وأيضاً للبيع من ولفرهامبتون.
كما أن حارس مرمى تشيلسي، إدوارد ميندي، والمدافع كوليبالي وزياش هم أحدث الصفقات الأوروبية التي ستنضم إلى دوري المحترفين السعودي.
وكان كريستيانو رونالدو النجم الأسطوري العالمي أول الحاضرين من أوروبا، ولحقه كريم بنزيمة، ونغولو كانتي، وكان ليونيل ميسي قريباً من الدوري السعودي، قبل أن يقرر الانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية.
ويجد عدد من اللاعبين العالميين الشباب جذباً واهتماماً من الدوري السعودي، ويتقدمهم توماس بارتي لاعب آرسنال، والبرتغالي برناردو سيلفا لاعب مانشستر سيتي.
وبحسب «بي بي سي» البريطانية فإن هذا الاستهداف يؤكد طموح الدوري السعودي في أن يكون أحد الخمسة الأوائل في العالم.
لكن غاري نيفيل، المدافع السابق لمانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا، من بين أولئك الذين يسألون عمّا يعنيه كل هذا النشاط المحتمل بجانب كاراغر، ممن قاموا بشن حملة لتشويه مشروع الدوري السعودي.
وتتساءل «بي بي سي» أنه عندما يصبح أي دوري في العالم لاعباً كبيراً في سوق الانتقالات العالمية، ستتبعه أسئلة حول استدامته المالية.
شتان ما بين الصيني والسعودي
اجتذب الدوري الصيني الممتاز، لفترة وجيزة، كثيراً من الاهتمام، ودفع مبالغ ضخمة لجذب لاعبين بارزين، مثل مهاجم مانشستر يونايتد السابق ومهاجم مانشستر سيتي، كارلوس تيفيز، لكن مستويات الإنفاق الصينية لم تدم. لكن، وبحسب الشبكة البريطانية الشهيرة، فإن الدوري السعودي للمحترفين مبني على أسس أكثر صلابة من نظيره الصيني.
وقال مصدر كبير في الدوري السعودي لـ«بي بي سي سبورت»: «الدوري لدينا راسخ منذ السبعينات، والأندية لديها قاعدة جماهيرية حقيقية تهتم بكرة القدم؛ مما يجعلها أصلية وليست مصطنعة».
وأكمل: «عندما حدث ذلك في الصين، لم يكن الأمر صراحةً من أموال الحكومة، كان الأمر يتعلق بتشجيع رواد الأعمال على القيام بأشياء، ثم توقف ذلك».
واستكمل: «هنا يكون التمويل أكثر أماناً وجزءاً من خطة طويلة الأجل، الأندية راسخة في المجتمعات السعودية، وكرة القدم في جميع أنحاء البلاد هي الرياضة الأولى».
وتحدث المصدر السعودي: «على الرغم من أن الدوري يضم عدداً لا بأس به من اللاعبين الأجانب، فإن النجوم الكبار هم مَن يحصلون على تغطية تلفزيونية عالمية، وبمجرد دخول رونالدو، بدأ الدوري يظهر في كل سوق رئيسية، ويحظى بهذا الاهتمام الفوري».
وأكمل: «الإعلان عن أن الأندية الأربعة الأولى مملوكة بنسبة 75 في المائة لصندوق الاستثمارات العامة بدلاً من الدولة، يحولها إلى شركة، ولا يتعلق الأمر فقط بجلب أفضل اللاعبين، بل يتعلق أيضاً بتغيير اقتصاد اللعبة هنا لتحقيق النجاح، عليه مزيد من القطاع الخاص وتطوير الأندية والشركات والعلامات التجارية».
وختم حديثه: «لقد أثبت انتقال رونالدو أنه يمكن أن يحدث تغيير. إنه شيء واحد سنقوله، سنوقع مع أفضل اللاعبين في العالم، ولكن أن يأتي شخص من مكانة رونالدو ويعيش في الرياض ويلعب كل مباراة، كان ذلك مفاجأة، وأظهرنا أنه يمكننا جلب أشخاص آخرين ليأتوا هنا». نيفيز يدق ناقوس الخطر ويقلق بعض الأوروبيين من محاولة مشروع الدوري السعودي سحب المواهب الشابة مستقبلاً، وبالنسبة لكرة القدم الأوروبية يمثل صعود الدوري السعودي للمحترفين تحدياً.
وتضيف «بي بي سي»: «إن خسارة لاعبين رئيسيين ليست تجربة جديدة، فقد أغرت الصين ودوري كرة القدم الأميركي النجوم في الماضي، ومع ذلك فإن رحيل اللاعبين في بداياتهم مثل نيفيز هو مصدر قلق. إذا كان بإمكانه الحصول على الراتب الممتع الذي توقعه، فكيف تستجيب الأندية الأوروبية؟ حتى من بين العشرين الأوائل في (قائمة ديلويت للأثرياء)، فإن الصناديق ليست بلا حدود، ويجب الالتزام باللوائح المالية، إذا حاولت المنافسة لفترة طويلة، فسيؤثر ذلك مادياً في أكبر نفقات الأندية، وهي الرواتب. وماذا عن (دوري الأبطال)، إذ بدأ تفوقها بوصفها مسابقة للأندية يتقوّض بسبب غياب أكبر الأسماء في كرة القدم في العالم… فهل يمكن للأندية من خارج أوروبا أن تُمنح دخولاً؟».
وتتابع الشبكة البريطانية، في تقريرها حول الدوري السعودي، قائلة: «ألكسندر تسيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لا يرى الأمر بهذه الطريقة».
وقال لمحطة «إن أو إس» الهولندية: «إنها في الأساس خطأ لكرة القدم السعودية، عليهم الاستثمار في الأكاديميات، وإحضار مدربيهم، وتطوير لاعبيهم».
وأكمل: «نظام شراء اللاعبين الذين اقتربوا من نهاية مسيرتهم المهنية ليس هو النظام الذي يطوّر كرة القدم، لقد كان خطأ مشابهاً في الصين عندما جلبت أنديتها جميعاً لاعبين في نهاية مسيرتهم الرياضية».
وختم حديثه: «الأمر لا يتعلق بالمال فقط. اللاعبون يريدون الفوز بالمسابقات الكبرى، والمنافسة الأولى في أوروبا».أوروبا «صانعة الاحتكار»… تبكي منه وتفرد «بي بي سي» انتقاداً واضحاً لرأي تسيفرين قائلة: «الحقيقة هي أن الرئيس ظهر بشكل مقلق في التصريحات، ولكن عندما تأخذ الأندية الأوروبية بأموالها أفضل اللاعبين في البرازيل والأرجنتين، وتقوم بصرف أموال كبيرة هناك، فهذا أمر عادي وحق مشروع، لكن عندما قامت السعودية بمشروعها الرياضي الذي يعتمد على جلب اللاعبين من أوروبا يرتفع صوت المعارضة وشعار تدمير كرة القدم». لو عدنا تاريخياً، فقارة أوروبا هي مَن جعلت كرة القدم محتكَرة في مكان واحد، قبل 1995 كان كل فريق أوروبي يضم 3 لاعبين فقط من خارج البلد، بعد «قانون بوسمان» وفتح عدد اللاعبين من خارج البلد لكل فريق التهمت الأندية الأوروبية أفضل المواهب حول العالم، وتبدلت موازين القوى على مستوى الأندية لمصلحة الأوروبيين.
الأوروبيون بالحقيقة قلقون من جدية المشروع السعودي؛ لأنهم يعرفون في الحقيقة أن الأمر سيكون مختلفاً تماماً عن الصين وأميركا.سوق جديدة ترعب دوري الأسود الثلاثة»الكاتب الإنجليزي أوليفير كاي، كشف عبر موقع «ذا أثلتيك» مقالة طويلة ينتقد من خلالها الإعلام المعارض لفكرة تطوير الدوري السعودي، حيث قال أولاً إن ثقافة كرة القدم الحديثة في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) بنيت على الرأسمالية، ناصحاً بأن أي شكاوى حول الدوري السعودي للمحترفين يجب أن يتم تخفيفها من خلال الوعي بخطر أن تظهر بشكل منافق كما يفعل الأوروبيون.
ويضيف كاي: «إذا كان أي شخص في كرة القدم الإنجليزية منزعجاً من صفقات الدوري السعودي، واهتمام مسؤوليه بتطويره والإنفاق عليه، والرواتب العالية، والتجاهل التام للتأثير في اللعبة الأوسع، فعليهم النظر أقرب إلى وطنهم».
ويختم الناقد البريطاني رأيه الذي كتبه في «ذا أثلتيك» بأن الحقيقة تقول إن الإنجليز قلقون من ظهور سوق رياضية جديدة ستنافسهم مالياً بعد تفوقهم الواضح على الدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى في السنوات الماضية.
الشرق الاوسط