“الطاسة” ضايعة في لبنان… والملفات العالقة كثيرة و”مكركبة”!

أكتب اليوم عن المشهد في لبنان الشقيق، وأقصد: السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وكذلك تفاعل “الخارج” مع الأوضاع الحالية، وروايات الملفات الأبدية.

السلطة التنفيذية
للأسف، تمّ نسف مبدأ انتخاب رئيس للجمهورية سلمياً، بفرض تسوية وشروط مع انحسار الديموقراطية. حتى الأكثرية التي ترفض التصويت لمرشّحها، عاجزة عن حلّ هذه الإشكالية. معظم القوى السياسية تعتقد أنّها تمتلك القدرة المُطْلَقَة على تحديد تصوّرها لما يجب أن يكون عليه المسار الرئاسي، وينتهي الأمر بتعطيل النصاب. من البديهيات، أنّ الرئيس المقبل لن يستطيع تأليف حكومة إذا تمّت مقاطعته من قِبل حلف الممانعة أو حتى المعارضة. ربما أنّ “الثنائي الشيعي” أكثر هذه الأطراف تشدّداً. فحجم الانقسام اللبناني حيال الانتخابات الرئاسية مُعَقَّد ولم يعد يُحتمل، لذلك، فهذا البند مقفل إلى أجلِ غير مسمّى.

السلطة التشريعية
تصويت نواب وحلفاء “الثنائي الشيعي” لانتخاب رئيس للجمهورية، وخروجهم من القاعة، قبل انتظار النتائج، أطاح النصاب. الأهم للبعض، إلتقاط الصور، وترديد الشعارات، ورفع شارات النصر أمام الإعلام. من الواضح أنّ جهةً ما لا تريد التوصل لحلّ عادل لاختيار رئيس “بيعَئِد” للجمهورية، بل تستميت لفرض خطّتها على الجميع. هل هذا هو نفسه البلد الجميل الذي تنفّس هواء الصنوبر، وتكحّل بجمال البحر والجبل؟ في نهاية الأمر، الوضع سينتهي بتفاهمات سياسية برعاية خارجية، أو الإصرار على عقد مؤتمر وطني (عاشر) للسلام.

السلطة القضائية
يعتقد البعض، أنّ هناك من يعمل على الإطاحة بهيبة القضاء اللبناني. كذلك يَرِد أنّ بعض القضاة يفقدون استقلاليّتَهم، ويَخضَعون للسلطةِ القائمة ويُنفّذون توجيهاتِها من دون تقديرِ خطر هذه الممارساتِ على مصلحة الوطن. السلطة القضائية هي المرجع للجميع لإيقاف أي تجاوز او انتهاك للقانون بلا تمييز ولا استثناء. بالتالي، لا يحق للكتل أو النواب التعدّي على معاني العدالة والقانون، إرث الجدود وأمل الشباب “المعتّر”.

التفاعلات الخارجية
دخل “الخارج” على الخط، وبخاصة وزير خارجية فرنسا السابق جان إيف لودريان الذي عيّنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موفداً شخصياً له إلى لبنان. من يعلم، ربما “كرمال” اجتماع قصر الصنوبر، يحلّ التوافق والوفاق وتتكرّر معزوفة الحوار.

روايات الملفات الأبدية
الملفات الأبدية الأخرى العالقة كثيرة و”مكركبة”، ومنها حماية صوامع مرفأ بيروت من الإهراءات، ومنع “حزب الله” من تجنيد عملاء له داخل المؤسسات الاستخباراتية اللبنانية الرسمية، وتوقّف الورش، وترهّل الساحات، وغياب وسائل النقل العام، وتأخّر تصليح الباصات، والسرقات المتكرّرة للكابلات داخل الأنفاق، و”العتمة” في الشوارع، والعوائق الإسمنتية المميتة على الطرقات.

لعلّي أضيف تداعيات جائحة الإنحدار المالي، وعصر نفقات الوزارات، وانهيار سعر العملة، وعدم تسلّم الصناديق العربية والدولية للإلتزامات، وصعوبة توفير الرواتب، وصغر حجم الموازنات، وعدم تصفية حقوق المهندسين “الحايصين”، والإجحاف بحقوق المقاولين، وتراجع الإيرادات.

كذلك هناك تعطّل عقود صيانة الصرف الصحي، وتدهور محطات المياه، وانتشار الأدوية المزوّرة والمهرّبة، وبطش مافيا المدارس الخاصة بجيوب الأهالي، وتعثر صيانة المطار، والمراوحة السياسية والتجاذبات، والمأزق الرئاسي، وانسداد آفاق الحوار.

هل فعلاً “الطاسة” ضايعة في لبنان؟ أعتقد أنّه حان الوقت للتركيز على أداء كل الأحزاب ذات القوى لصالح جميع اللبنانيين. أقصد تحديداً تلك المدججة بالشعارات والإيديولوجيا العقيمة والسلاح، فالوضع الإقليمي اليوم لم يعد يحتمل الشقاق.

آخر الكلام. نرحّب بالرئيس نجيب ميقاتي في السعودية هذا الأسبوع، ونتمنى أن ينتشر الفرح في بعلبك، ويرقص الأمل على شواطئ صيدا، والازدهار في الروشة، ويعود لبنان كما كان أرض المحبة والسلام.

عبدالله العلمي- النهار العربي

مقالات ذات صلة