الرياض وطهران “عالسمع”: هل مَن يصدق ان موفد الرئيس ماكرون “جايي كرمال يستطلع”؟

في انتظار نتائج زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الى بيروت، المترافقة مع تعيين سفير جديد لباريس لدى لبنان، يتصرف الجميع وكأن الفراغ الرئاسي طويل. فمجلس النواب العاجز، اقرّ قانون اعتمادات الرواتب الملغوم، “فنفس” غضب شارع كان يمكن ان ينفجر، وحكومة تصريف الاعمال المبتورة مررت مراسيم ترقية الضباط في الاسلاك العسكرية والامنية من رتبة عقيد الى عميد، بعد اربع سنوات من استحقاقها للبعض، فجنبت نفسها “نقمة العسكر” حاميها ومطيل عمر سلطتها، فيما الدولة ومؤسساتها في تحلل مستمر، وسط انقلاب على الدستور والقوانين والصلاحيات.

امس، بدت الحركة الرئاسية شبه مشلولة، في انتظار بلورة صورة زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، وسط اعتقاد الكثيرين بان الاستعصاء السياسي في الداخل على كسر حلقة المراوحة عموما، خصوصا على مستوى الملف الرئاسي ، افسح المجال أمام تقدم المساعي الخارجية التوفيقية. فهل تساعد زيارة لودريان في بلورة مسار للمخارج بالتوازي بين الداخل والخارج، يؤدي الى حل المسألة وانتخاب رئيس للجمهورية؟

ترقب الساحة اللبنانية لمفاعيل المهمة الفرنسية المتوقعة تنطلق، وفقا لمصادر متابعة، من “مظلة” اللقاءات الفرنسية – السعودية، التي انعقدت في قصر الاليزيه بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد الامير محمد بن سلمان، وان كان الاعتقاد السائد ان اللقاءات الفرنسية لن تكون على قدر وضع حد للأزمة الرئاسية، بقدر ما ستسمح بايجاد ثغرة في جدار الازمة، يمكن النفاذ منها الى حل يتيح بلوغ تسوية تعيد فتح ابواب قصر بعبدا امام الرئيس العتيد.

ووفقا لمصادر متابعة ، فان المملكة التي رصدت ميزانية لاستضافة “إكسبو 2030 ” تبلغ 7.8 مليار، بحسب ما أعلن وزير الاستثمار السعودي، لم تقدمها “ببلاش، وكرامة عيون ماكرون”، بل بقرار من ولي العهد لتعزيز الصورة التي يريدها لبلاده. وهنا بيت قصيد المسألة، الاقتصاد والاستثمار مقابل السياسة، وهنا اهمية ما يقوم به الرئيس ماكرون في ما يتعلق بالوضع اللبناني، وبعلاقته بالملفات الشرق أوسطية والإقليمية، وما قد يكون حصل عليه من الامير محمد بن سلمان،عشية زيارة موفده الى بيروت.

اما على الجبهة الايرانية، وعلى ذمة المصادر، فقد بدا لافتا انه غداة الاتصال بين الرئيسين الفرنسي والايراني، بعد زيارة وزير خارجية فرنسا الى طهران ولقائها الوزير عبد اللهيان، اتخذت الداخلية الفرنسية قرارا بالغاء المؤتمر السنوي لـ “مجاهدي خلق” الايرانية المعارضة، التي درجت على عقده في باريس، وفقا للمعلومات.

في هذا الاطار، رأت المصادر المواكبة ان الايليزيه اعد هذه المرة عدته كاملة، وحصّن مبادرته المجهولة التفاصيل، مهيئا الارضية اللازمة لطرح مبادرته اللبنانية الجديدة، والتي حيكت تفاصيلها بين طهران والرياض بمباركة اميركية، يعزز هذا الطرح السيناريو الذي شهدته جلسة الاربعاء، والتي انجزت وظيفتها بوضعها “بلوك” داخلي، مهّد الطريق امام فرض الحل الخارجي.

وسط هذا المشهد الفرنسي بامتياز، اطلالة مصرية جديدة على الساحة ترجمتها حركة لافتة لسفير القاهرة في بيروت، بعدما حكي عن زيارة مسؤول استخباراتي مصري رفيع لبيروت عشية جلسة الرابع عشر من حزيران، حيث التقى عددا من الشخصيات “غير الرسمية” بعيدا عن الاعلام، كاشفا امامها سيناريو جلسة الاربعاء الماضي وسكورها “عالبكلة” ، وهو ما بينته معطيات ما بعدها بالوقائع والارقام.

فهل تخلت فرنسا عن خيارها الأول، وأنها انطلاقا من مهمة لودريان تريد مقاربة الملف الرئاسي مقاربة جديدة؟ ويبقى سؤال اساسي “مجنون يفكر وعاقل يفهم”، هل مَن يصدق ان موفد الرئيس ماكرون “جايي كرمال يستطلع” ، وهو الغارق اصلا في تفاصيل الملف اللبناني، منذ آب 2020 على الاقل؟

ميشال نصر- الديار

مقالات ذات صلة