“الثنائي” لن يتخلى عن فرنجية ويعود إلى “المقايضة” الفرنسية… ويتوجس من المقاربة الأميركية!
لا يبدو حزب الله في وارد التخلي عن ترشيح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية. الموقف ثابت بالنسبة إليه وإلى الرئيس نبيه برّي. واستباقاً لزيارة المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، فقد أبلغ الثنائي الشيعي بأنه مستمر على موقفه ولن يتراجع عنه، بغض النظر عن كل المناورات التي تجريها القوى السياسية المختلفة. إذ لا يزال الثنائي يعتبر أن الاتفاقات والالتقاءات بين القوى المعارضة، هي مناورات في سبيل تغيير الظروف التفاوضية، ولقطع الطريق على ترشيح فرنجية.
سد الفراغ أم الإصلاحات؟
لا يخفى لدى حزب الله أن ما جرى يثبت معادلة سلبية أو توازناً سلبياً، لن يكون بإمكان المعيار الداخلي فيه أن يقود إلى إنجاز تسوية في المرحلة المقبلة. أصبحت الحاجة ملّحة إلى حصول مبادرة خارجية، وهذا ما قد يتجدد فرنسياً مع زيارة لودريان إلى بيروت، في ضوء ما يمكن أن يكون قد أنتجه اللقاء السعودي الفرنسي. فالحل أصبح خارجياً. وفي السابق، كانت المبادرة الفرنسية واضحة، ولكن لم تكن باريس تمتلك الأدوات التنفيذية القادرة على تطبيقها. أما حالياً، فيمكن أن تكون هذه الأدوات توفرت، بحال كان الموقف السعودي متناغماً مع رؤية باريس. وتركز الرؤية الفرنسية في هذه المرحلة على نقطة أساسية، وهي أن المطلوب في لبنان سدّ الفراغ القائم بأسرع وقت ممكن، فيما تشدد السعودية على ضرورة إجراء الإصلاحات المطلوبة.
طالما أن حزب الله وحركة أمل يتمسكان بخيار فرنجية، ولا يبدوان على استعداد للذهاب باتجاه خيار آخر، يبقى فرنجية الخيار المتاح لسدّ الفراغ. لا سيما أن رؤية حزب الله لانتخاب رئيس للجمهورية، لا تتعلق فقط بالأمور الداخلية، إنما لها بعد استراتيجي، يرتبط بكل التطورات التي تجري في المنطقة. وبالتالي، فإن الحزب يريد رئيساً يشكل له ضمانة واسعة بما يتعلق بدور المقاومة، ولا يمكن للحزب أن يكرر تجارب سابقة، اعتبر نفسه أنه تعرض فيها لانقلابات في المواقف السياسية لرؤساء الجمهورية. ثانياً، يعتبر الحزب أن أي تسوية يفترض أن تحصل في لبنان لا بد من تكون متساوية على الجميع. ولذا، لا مجال للحزب أن يقبل بالتنازل عن حليفه في رئاسة الجمهورية مقابل أن تؤول رئاسة الحكومة إلى شخصية لا تتوافق معه ومحسوبة على الطرف الآخر. فالتسوية تقتضي بالتوازن، الذي يتحقق بموجب المبادرة الفرنسية التي جرى تقديمها سابقاً (المقايضة). فيما لا يبدو الحزب بعيداً عن تقديم كل الضمانات اللازمة بما يتعلق برئاسة الحكومة وتشكيلها وتوازناتها، بما يطمئن الطرف الآخر. وعلى الرغم من وجود قناعة ثابتة في لبنان بأن لا شيء إسمه ضمانات، ويمكن إسقاط الحكومة في 6 أيام مقابل الاحتفاظ برئاسة الجمهورية لست سنوات، إلا أن الحزب يبدو واثقاً من قدرته على توفير هذه الضمانات وأن يكون مسؤولاً عنها.
التوجس من أميركا
بالنظر إلى التوازنات التي أرسيت في الجلسة الانتخابية الأخيرة، فإن الحزب يرى الأمر في غاية التعقيد. وبحال دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسة انتخابية ثانية وثالثة، فالنتائج لن تتغير. لكنه يعتبر أن مرشح قوى المعارضة سيتحول إلى مشابه لميشال معوض. فيما هناك وجهة نظر أخرى لدى الحزب تعتبر أن باسيل لا يزال يناور، وهو قد ينتقل في مناورته إلى طرح اسم زياد بارود. علماً أن القوى الأخرى أعلنت رفضها لبارود مسبقاً، والحزب لن يتخلى عن فرنجية.
لا يمكن الرهان فقط على التحرك الفرنسي الجديد بالنسبة إلى الحزب، لأنه لا بد من النظر إلى ما ستنطوي عليه المقاربة الأميركية في المرحلة المقبلة. فهو يعتبر أن واشنطن لم تعلن أي مواقف واضحة أو علنية. ولكنها أقدمت على خطوات عملانية، أوصلت عبرها رسائل واضحة سواء برسائل العقوبات أو التهديد، أو حتى بتوفير مقومات اجتماع قوى المعارضة على مرشح. وبالتالي، يمكن للمسار الأميركي أن يكون معرقلاً لأي ديناميكيات داخلية قادرة على إيجاد صيغة تفاهم.
منير الربيع- المدن