باسيل ينتظر رد حزب الله… وجنبلاط ينتظر بري؟
كما نتائج الانتخابات النيابية، خرجت جميع القوى السياسية لتُعلِن انتصارها في جلسة الرابع عشر من حزيران، رغم أن وجوه البعض أظهرت عكس ذلك، إلا أن النتيجة الحقيقية ستَظهر عاجلاً أم آجلاً بحُكم مسار الأمور وأي من أهداف الطرفين تَحقَّق منها.
لم يعد خافياً على أحد أن هدف الأطراف التي تقاطعت على اسم وزير المالية الأسبق جهاد أزعور هو قطع الطريق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، إلا أن التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي يتمايزان عن هذا الفريق بحُكم علاقة الأول بحزب الله وعلاقة الثاني بالرئيس نبيه بري، لذا من البداية يعوَّل على تغيّر موقفهما بالحوار لحسم المعركة، من هنا كان التركيز على انعكاس نتائج الجلسة عليهما وماذا حققا منها؟؟
رغم أن التيار الوطني الحر يقول إنه مرتاح لنتيجة جلسة الاربعاء وأن الرسالة وصلت للجميع بعدم قدرة أي طرف على فرض مرشحه على الاخر، إلا أن هناك مَن يَعتبر باسيل أول الخاسرين فيها باعتبار أن الأرقام جاءت مفاجأة بحيث لم يحصل أزعور على ٦٥ صوتاً كمُنطلَق للتفاوض، وفرنجية حصل على أكثر من المتوقع أي تخطّى ال ٥٠ صوتاً، ما يعني أن هذه النتيجة لم تُحقِّق لرئيس التيار ما كان يسعى إليه من التقاطع على أزعور، بحيث لم يَظهر فرنجية ضعيفاً بل على العكس ظهر ثابتاً، ويمتلك كتلة متماسكة، لذا يَعتبر البعض أنه بات على مَن يرفض رئيس تيار المردة أن يذهب للتفاوض معه مباشرة بعد هذه الجلسة، وهذه هي المرحلة الجديدة التي انتقل إليها الملف الرئاسي بعد ١٤ حزيران.
وفي ما يتعلق بالحديث عن مرشح ثالث، ليس وارداً حتى اللحظة، وهذا ما أنتجته الجلسة، وبذلك يكون باسيل الذي ابتعد عن حليفه وذهب الى المعسكر الاخر «حتى لو كان بالشكل» باعتبار أنه لن يستطيع التموضع هناك، لذا أصّر على استخدام كلمة «تقاطع»، إلا أن ما فعله رفَع سقف التباين بينه وبين حزب الله رغم أن عشية جلسة الانتخاب حصل تواصل مباشر بين التيار والحزب، مضمونه أن باسيل قال لهم: «قطعولنا جلسة الغد وتسمية أزعور ونحنا مستعدين نحكي بأي مرشح غير فرنجية» إلا أن حتى اللحظة لم يلقَ جواباً من حزب الله.
أما الخاسر الثاني فهو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي قرأ الرسالة السعودية خطأ، فهي لم تقل له صوِّت لأزعور، وهذا ما فعلته كتلة الاعتدال الوطني بعد أن زارها السفير السعودي وطلب حضور الجلسة دون ذكر اسم المرشح، فالمملكة كانت تريد أن تعرف «بوانتاج» الجلسة قبل لقاء ابن سلمان- ماكرون باعتبار أن الملف اللبناني سيكون حاضراً في لقائهما الذي سيُبنى عليه فيما بعد، عدا الخلاف بين جنبلاط ونجله على التسمية بحيث أن الأخير لا يريد فرنجية وأراد السير بأزعور.
وبهذا القرار يكون جنبلاط خسر دور «بيضة القبان» الذي كان يؤديه في كل المراحل وكان صوته الفيصل في الأمور الخلافية، وعاد ليتموضع داخل الجبل بقرارات لم يَحسِب باتخاذها خط الرجعة وأصبح من خلالها غير قادر على القيام بدوره السابق، فبعد لقائه الإيجابي الأخير بالرئيس بري والذي كان خياره فيما بعد عكس مضمونه تقول المصادر إنه إذا كان جنبلاط يعتقد أن العلاقة مع بري ستعود الى طبيعتها بسهولة، يعني أن رداراته لم تلتقط الإشارة الصحيحة بعد.
وبناءً عليه، فإن ما وصلت إليه الأطراف مِن تباعد لا يعني انقطاعا، فالحوار حتمي رغم التعقيدات الحاصلة بينهم، لكن الأمور تتطلب وقتاً وعلى ما يبدو أنه متاح لتنضج الأمور خارجياً ومن ثم داخلياً، فعدم التوافق الداخلي يَزيد نسبة تدويل الملف الرئاسي، فعندما يكون الملف اللبناني حاضراً على طاولة المباحثات الفرنسية – السعودية يعني أن الأمور ذاهبة باتجاه التدويل بنسبة أكبر، لذا فإننا بعد الجلسة سنكون أمام أيام انتظار لما سيُنتج منها.
من هنا فإن الأسئلة كثيرة حول مَن سيدعو للحوار داخلياً؟ وإذا تكررت الدعوة، هل ستُلبّى؟ وإذا كانت النتيجة نفسها، فهل تسكير أبواب الحوار الداخلية سيَفتح أبواب الحوار الخارجية؟ سؤال مشروع ممن يخبَر الأزمات اللبنانية.
الديار