جنبلاط وباسيل و«التغييريون» خارج «التقاطع»: «مشيت معكم.. لكن إلى أين؟»

جنبلاط وباسيل و«التغييريون» خارج «التقاطع»… تفاوض جديد على الخيارات

أفرزت جلسة 14 حزيران الأحجام النيابية وموازين القوى السياسية التي كانت تريدها القوى الداخلية والخارجية لترسيم حدود القوة والخيارات، بعد أشهر من توقف الجلسات، شهدت على تطورات إقليمية ودولية، لكن الأنظار تتجّه الى رصد مواقف «أركان التقاطع» على الوزير السابق جهاد أزعور، بعدما سلّم الجميع بفشل فريق «التقاطع» في إيصال مرشحه إلى بعبدا.

وقبل البحث في الخيارات البديلة للأطراف، لا بدّ من قراءة نتائج الجلسة بالأرقام:
ـ نيل فرنجية وأزعور ما دون أكثرية الـ 65 صوتاً، وبالتالي عجز فريقي المعارضة و»التيار الوطني الحر» من جهة و»الثنائي الشيعي» وحلفائه من جهة ثانية، عن تأمين فرص فوز مرشحهما أكثرية ونصاباً حتى الآن.

ـ فشل كتل «الجمهورية القوية» و»الكتائب» و»تجدد» و»لبنان القوي» وفوقهم «اللقاء الديموقراطي» والقسم الأكبر من «التغييريين» و»المستقلين» مع كل الحشد والضغوط السياسية والإغراءات التي مورست على بعض النواب، كل ذلك لم يجمع أكثر من 59 صوتاً لأزعور.

ـ أظهرت الأرقام أنّ فريق 14 آذار «التقليدي» أي «القوات اللبنانية» و»الكتائب» و»الحزب التقدمي الإشتراكي» ومعهم «تجدّد» وبعض التغييريين والمستقلّين من دون «التيار الوطني الحر»، لم يستطيعوا جمع أكثر من 44 صوتاً: هو حاصل طرح الأصوات التي نالها أزعور من 15، عبارة عن أصوات «التيار الوطني الحر»، أي أقل من الرقم الذي كان يناله النائب ميشال معوض خلال الجلسات الـ11 السابقة. مع لحظ أنّ حاصل أصوات فريق المعارضة لأزعور من دون أصوات التغييريين الـ9 يعادل حاصل فرنجية.

ـ فرنجية نال وحده أصواتاً تفوق ما ناله فريق 14 آذار تقليدياً، ما يعني أنّ اتفاق «الثنائي» مع أي كتلة وازنة يمكنه تأمين أكثرية ونصاب معاً.

ـ إنّ الدورة الأولى كانت مهمّة لفريق أزعور وليس لفريق سليمان فرنجية، لأنّ فريق المعارضة هو الذي أعلن المواجهة والتحدّي تحت عنوان «كسر» مرشح «الثنائي» بالتوحّد على أزعور، ترافق مع حملة ضغط كبيرة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري لدفعه الى تحديد جلسة لانتخاب أزعور بناءً على حسابات مؤكّدة بأنّه يملك الأكثرية النيابية. كان الهدف فرض ميزان قوى نيابي وسياسي جديد، وكسر فرنجية بضربة فارق الأصوات الكبير. أما الفريق الداعم لفرنجية، فلم يُعلن أنّه يمتلك أكثرية الـ 65 له، وكان يصوّت بالأوراق البيضاء خلال الجلسات الماضية، وحتى في جلسة الأربعاء ورغم إعلان «الثنائي» التصويت لفرنجية، لكنه لم يعلن أنّه يملك الأكثرية لانتخابه.

ـ 59 هو رقم «الكتلة الصلبة» والثابتة والسقف الأعلى الذي يبلغه أزعور، لسبب أنّ خطة المعارضة كانت رفع حاصل مرشحها للحدّ الأقصى لكسر فرنجية بالدورة الأولى وبالضربة القاضية، كون الضغوط القصوى جذبت ما استطاعت من قوى التغيير والمستقلّين الى جبهة أزعور، ولم تعد هناك قدرة على تحصيل المزيد، أما أصوات فرنجية فشكّلت الكتلة الصافية، لكنها قابلة للتضخم في لحظة إقليمية – دولية معينة، إذ يمكن لأصوات تكتل «الإعتدال الوطني» الثمانية، مع تسرّب بعض نواب «التيار» ومستقلين أو «اللقاء الديموقراطي» أن يرفع حاصل فرنجية إلى 65 صوتاً.

ـ الأهم أنّ أزعور هو المرشح الذي قد يكون الوحيد الذي تتقاطع حوله أطراف المعارضة، وبين ا»لتيار الوطني الحر» وبين هؤلاء والحزب الاشتراكي بعد انسحاب معوض ومرور أشهر من رحلة البحث عن مرشح يتقاطع حوله هؤلاء، ما يؤكّد صعوبة إيجاد مرشح آخر يستطيع جمع هذه الأطراف.

مع نهاية الجلسة، إنكبت القوى السياسية على قراءة الأرقام لتحليل الأبعاد السياسية واستنباط الرسائل والتحقق من موازين القوى، لإعادة درس خياراتها، لاسيما النائب جبران باسيل والنائب السابق وليد جنبلاط، الأول وصل الى طريق مسدود بخيار المواجهة، بعدما غرّد خارج السرب «الثنائي»، والثاني سيقول للمعارضة وللراعي الخارجي لمرشح «الصندوق»: «مشيت معكم.. لكن إلى أين؟».

مصادر الحزب الإشتراكي تُسلّم بأنّ الجلسة خلطت أوراق التحالفات، وتشير لـ»الجمهورية»، الى أنّ الحزب يدرس النتائج وليس بالضرورة أن يلتزم خيار أزعور، وأنّه منفتح على خيارات أخرى من ضمنها الحوار مع «الثنائي الشيعي» على مرشح ثالث.

وتكشف أوساط سياسية مطلعة عن انقسام بين قوى التغيير وتبادل المسؤوليات والاتهامات حيال ضرب وحدة التكتل بترشيح أزعور، مؤكّدة أنّ اجتماعات تحصل للبحث عن خيارات أخرى، لكن التوجّه الى التراجع عن دعم أزعور الذي لن يحصل مجدداً على الأصوات التغييرية الـ9.

باسيل وجنبلاط سيعجزان عن إيجاد خيارات أخرى مع المعارضة، وسيقرأ الخارج هذا العجز، الأمر الذي سيدفع باسيل الى فتح قنوات الحوار مع «حزب الله»، وسيدفع جنبلاط أيضاً الى إحياء قنوات الحوار مع عين التينة، لكن الأهم أنّ الأميركيين سيفتحون عاجلاً أم آجلاً خطوط الحوار غير المباشر مع «حزب الله»، وقد يبدأ هذا التفاوض الجدّي عبر القناة الفرنسية، بعد أن ينقل وزير الخارجية الفرنسي السابق نتائج لقاء بن سلمان ـ ماكرون الى المسؤولين في لبنان، ولن يكون أزعور ضمن الخيارات التي ستنحصر بإثنين: فرنجية أو المرشح الثالث.
ووفق مصدر يعمل على خط الحوار بين كتل المعارضة و»التيار الوطني الحر»، فإنّ سقوط خيار أزعور أعاد الى الضوء والبحث في سلّة مرشحين توافقيين وردت أسماؤهم في «لائحة بكركي»، كالنائبين ابراهيم كنعان وفريد البستاني، والوزراء السابقين زياد بارود، ناجي البستاني، وديع الخازن، الرئيس الفخري لـ»هارفرد»، الخبير المالي والاقتصادي حبيب الزغبي، والرئيس السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك.

محمد حمية- الجمهورية

مقالات ذات صلة