دراسة: إغداق الأموال على النساء يجعلهنّ يعشنَ أكثر!
يقال ان المال لا يصنع الفرح الا إذا أغدق على الآخرين، كما ان الصحة لا تُمتلك بالمال والامر كذلكَ بالنسبةِ للسعادة. والغِنَى لا يجلب السرور، لكنه يخفف من الشعور بالحزن والكآبة، وقادر على شراء “تعاسة” اقل. لذا قال أحدهم: “من قال ان المال هو كل شيء؟ هذا غير صحيح، الحب هو اهم ما في الوجود، لذلك انا أحب المال”!
وعلى الرغم من ان الازمة الاقتصادية الأخيرة، والحروب التي عصفت بكثير من دول العالم، فان الجدال لا يزال مستمرا حول علاقة المال بالسعادة، وصلتهما بالهدوء والسكينة. فهناك من يرى الثروة سبباً مباشراً للفرح والنجاة، مقابل من يؤمن بأن الطريق اليهما لا يمر عبر بوابة الفلوس. وبالتالي نجد ان من يعانون ظروفاً ومحناً اقتصادية قاسية، أو انعدام السلام في مناطقهم بسبب الاقتتال، ينشدون الاطمئنان لأنفسهم وعائلاتهم. والدراهم قد توفر لهم الملجأ الآمن، لان كل شيء في هذه الحياة يجب ان يكون له مقابل وثمن، او تكون الروح كبش فداء.
بالمقابل، توصلت دراسة حديثة في جامعة بريتيش كولومبيا الكندية “الى ان الدخل المالي المرتفع، لا يرتبط بمضاعفة معدل السعادة التي تغمر الفرد، ولكنه يتصل في احساسه بالحزن بشكل اقل”.
وفي تقرير نشر في مجلة علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية، اختبر الباحثون بيانات 12 الفا تمّ تسجيل معلومات دخولهم، ولم يقولوا انهم يشعرون بالسعادة، ولاحظوا “ان الذين كانت اجورهم اعلى لم يشعروا بزيادة في السعادة اليومية، ولكنهم سجلوا مقدارا اقل من الكدر اليومي”.
وخلص الباحثون الى ان المال، قد يكون أداة فعالة أكثر للحد من الحزن بشكل أفضل من الحصول على السعادة وتوطيدها. ما يعني ان المال يساعد الأشخاص على كيفية إدارة الظروف السيئة، مثل دفع الأقساط الدراسية او ترميم منزل، ولذلك يؤدي هذا الى إبعاد التعاسة وما قد تولّده من حزن للشخص.
المال سلطان!
يحتل المال مكانة خاصة في حياة الانسان، ويمتلك حيزا واسعاً من الناحية النفسية والاجتماعية، ويرجع ذلك الى جوهر الفطرة البشرية في حب التملك. لان الانسان متعدد الحاجات، ويعتبر ارضاء هذه الرغبات المختلفة بالأمر المُلح، ومنها ما هو مادي كالمأكل والمشرب والمسكن، او معنوي كالسلطة والموقع الاجتماعي.
اليُسر يقلل من وفاة النساء.. كيف!
على خطٍ موازٍ، وفي إطار البقعة اللانهائية بين الرجل والمرأة، كشفت دراسة جديدة قد يظنها البعض انها ستثير غضب الرجال كثيرا، حيث لاحظت الدراسة ان إعطاء النساء الأموال، يقلل من ارجحية وفاتهن بشكل كبير.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايميز” الأميركية، فقد وجد الباحثون ان معدلات وفيات النساء في البلدان التي بدأت برامج التحويلات النقدية للفقراء، قد تراجعت بمعدل 20%. بالإشارة، الى ان الدراسة استندت في بحثها الى تحليل بيانات أكثر من 7 ملايين شخص في 37 دولة.
ولفت فريق البحث الى ان معدلات الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة تراجعت أيضا بنسبة 8%، وأشار الى ان التأثير كان جليا في غضون عامين من بدء برامج التحويلات النقدية وارتفع بمرور الوقت، مؤكدأ ان الخطط التي غطت حصصا أكبر من السكان، او وزعت مبالغ مالية أكثر نتجت منها فوائد أكبر. ووفقا للدراسة فقد شهدت البلدان ذات الرعاية الصحية السيئة ومعدلات الوفيات المرتفعة، أكبر انخفاض في الوفيات.
واعتبر الباحثون “ان الدراسة الجديدة هي الأولى التي تدرس تأثير التحويلات النقدية على معدلات الوفيات في جميع انحاء العالم، حتى بالنسبة للبلدان ذات الدخل المرتفع، مشيرين الى ان خلاصتهم قد تساعد الدول في تطوير برامج لدعم صحة النساء وخفض نسبة الوفيات بينهن، ولم يوضح الفريق سبب استفادة النساء من هذا التأثير.
على خطٍ موازٍ، اكدت الدراسة ان التحويلات النقدية المباشرة، تعمل على تحسين فرص الالتحاق بالمدارس والاستمتاع بالخدمات الصحية وتوفير التغذية السليمة.
السخاء يولد الحب
ويعتبر علماء النفس ان سيكولوجية العطاء تتمثل بالفرحة التي يتبادلها طرف مع آخر، لان تبديل حياة شخص يجعل المعطي أكثر ارتياحا من الجانب النفسي. وفي هذا الإطار، أجريت دراسة في كلية هارفارد للأعمال على مئات الأميركيين تناولت البذل ومدى تأثيره في حياة الافراد، وتوصلت “الى ان الأشخاص الذين ينفقون أموالهم على الآخرين مهما كان حجم رواتبهم، يتمتعون براحة نفسية عالية أطلقوا عليها مصطلح السعادة، مقارنة مع غيرهم ممن ينفقون أموالهم على أنفسهم فحسب”.
ويتمثل الجود بالكلمة الطيبة، حسن الضيافة، إنفاق المال وتقديم المساعدة بكل أنواعها. هذه التفاصيل من شأنها ان تُسهم في تقليل الانفعالات كالقلق وتوفر الشعور الإيجابي والاندفاع نحو مزيد من الإنجاز. لذا فإن سيرورة الكرم البيولوجية النفسية البيئية تبين ان العطاء يؤدي الى الحب ومنه الى السعادة.
“من كثر ماله زاد همّه”!
دنيا مواطنة لبنانية، وهي موظفة في مكتب عقاري، اكدت ان “امتلاك المال لا يحقق السعادة، لكنه يؤدي اليها، وهناك أشياء لا تشترى بالمال كالصحة والاسرة ومحبة الآخرين، والبعض يعتقد ان المال هو سبب الابتهاج، وهو ما يدفع بهم الى البحث عن الوسائل التي تجلب السعادة”.
تابعت”السعادة مسألة تكاد ان تكون نسبية وافتراضية، لكن لا يمكن انكار ان المال يذلل العقبات، ويقلل من “النق” والنكد خاصة في أيامنا هذه، فمثلا من اين يأكل الفقير الذي لا يملك مالا، هل من السعادة؟ بالطبع لا. وهنا نجد ان المال ضروري وقد يحقق الآمال والاهداف، لكنه لا يشتري راحة البال والبهجة”.
وقالت: “المال سلطة بيد المرأة ويساعدها على تحقيق طموحاتها، ويلبي احتياجاتها الشخصية والمعنوية، ويجعلها قوية لا تستسلم او ترضخ في زمن البيع والشراء”. واكدت دنيا “ان الأغنياء هم أكثر الناس تعاسة، والغريب انهم يملكون العملة لكنهم في الوقت عينه يبحثون عن الانشراح ، وهذا ما يؤكد صحة مقولة “من كثر ماله زاد همه”، ولكن لا يمكننا انكار ان المال لا يشتري السعادة، ولكنه قادر على التخفيف من التعاسة”.
ندى عبد الرزاق- الديار