شد الحبال الرئاسية والهموم الأمنية: هل تعود القمصان السود واستعراضات السلاح؟
يتخوف اللبنانيون من شد الحبال الدائر حالياً ما بين فريقي الممانعة والمعارضة على خلفية الصراع على كرسي بعبدا وعرض العضلات الدائر وفق مقولة “مرشحي أقوى من مرشحك”، في وقت يشكك البعض في أن ينتخب الرئيس في جلسة الأسبوع المقبل، والصورة القاتمة التي سترسم اذا لم يتم احترام العملية الديموقراطية، وبالتالي شد البلاد الى مزيد من التشنجات السياسية التي قد لا ينجو منها الوضع الأمني اذ أن لا ثقة للمواطن اللبناني باستتبابه، طالما أن هناك من يحمل السلاح خارج الشرعية، ومن يستخدم لبنان من قوى فلسطينية ساحة رسائل مع اسرائيل، ومن يجري مناورات عسكرية واستعراضات “شوفيني يا منيرة”، ومن يخطف ويقفل الطرقات ويسيطر على معابر التهريب، ويحرّض على الفتن في هذه المدينة أو تلك المنطقة من دون رادع أو وازع.
قيل الكثير عن أن الفراغ في السلطة السياسية لن يؤدي الى إحداث فراغ أمني وليس هناك من مؤشرات على ذلك، لكن كما في السياسة لا يؤمن لجانب كذلك في الأمن لا يؤمن لآخر، طالما أنه يريد فرض ارادته ولا يعترف الا بما يصوغه للبنان، ويسعى الى فرض هيمنته مستكبراً وداعياً الى التوافق على مرشحه الذي سيكون استكمالاً للعهد السابق، اما المرشح المقابل فلا حول له ولا قوة سوى البنك الدولي وخطط ترميم الاقتصاد كما يشاع، بعيداً عن حل القضايا الخلافية العميقة التي تنبت أزمات متلاحقة ويجد اللبنانيون أنفسهم أمام تهديدات بزوال وطنهم ومواجهات وتوترات والثمن خسارات واغتيالات.
لذلك، يخشى البعض اليوم مما بعد جلسة الانتخاب التي قد تُعطل وسيناريوهات ذلك ظاهرة من خلال التهديد بالورقة البيضاء و”البوانتاج” الذي تؤرق نتائجه البعض، من توتير الوضع الأمني وحصول تفجيرات واغتيالات حذر بعض السياسيين من حدوثها، وقد يحدث انفجار لا يمكن أن تتلافاه الأجهزة الأمنية التي لا تزال تمسك حتى الآن بالخيوط ولكن الى متى؟ الله أعلم خصوصاً وأن أوضاع الادارة اللبنانية في حالة انهيار، والكلام عن عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين يتصاعد، والخارج لن يساعد طالما أن اللبنانيين لا يتفقون في الداخل وطالما يتم تجاهل تنفيذ عمليات الاصلاح المطلوبة.
ربما لا يجوز رسم صورة متشائمة الى هذا الحد، الا أن الشلل الحاصل على كل الصعد يوحي بأن الخاصرة الأمنية مرجحة لأن تصبح رخوة شيئاً فشيئاً مع ترهل المؤسسات، وعندها إن كان هناك من منقذ لواقع الحال فسيكون قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية.
في الجنوب اليوم ووفق بعض الناشطين، تسود حالة من الرعب أوساطهم فهناك ترهيب يشابه حقبة ما قبل الاغتيالات التي جرت في الثمانينيات على يد “حزب الله”، وطلب منهم الصمت فلا أحد يجرؤ على فتح فمه أو طلب الحماية والا سيعاقبون هم وعائلاتهم.
وكثيرون تحدثوا في الفترة الأخيرة عن عودة القمصان السود واستعراضات السلاح واشاعة الفتن من حزب ممانع لا يخاف تكرار “اليوم المجيد” كما حدث في 7 أيار عندما احتلت بيروت حتى يغطى وجهها العربي بالقناع الايراني، وما يعنيه ذلك من عودة الى ماضي الظلامية، اضافة الى انفلات عمليات الخطف والقتل والسرقات والسلب والتي تقوم بها عصابات منظمة أو أفراد محميون.
ولوحظ في الفترة الأخيرة أن كثيراً من المواطنين اللبنانيين باتوا يقومون باجراءات لحماية منازلهم وممتلكاتهم وتحصينها، لا سيما وأن الوضعين السياسي والاقتصادي قد يدفعان بالأمور نحو انفلات أمني واضطربات خطيرة قد لا تستطيع الاجراءات الأمنية والعمليات الاستباقية السيطرة عليها كما يجري حالياً من ضبط للفوضى والسيطرة على المشكلات وكشف بعض الجرائم الخطيرة.
ويبقى الخوف من عودة الارهاب واستخدامه في اللعبة السياسية لتمرير الرسائل الاقليمية وتنفيذ مخططاتها في لبنان في حال فشلت الاتفاقات وسدت أبواب الانفتاح وأوصدت نوافذ الحلول.
فاطمة حوحو- لبنان الكبير