اختبار بلا “المستقبل”: لمن ستذهب أصوات النواب السنّة في 14 حزيران؟
تتجه الأنظار إلى الجلسة الثانية عشر في 14 حزيران، وما سيرشح عنها من إعادة هندسة للعبة الأرقام على مستوى الاستقطاب السياسي والطائفي، في ظل الانقسام العمودي بين المرشحين: سليمان فرنجية المدعوم من ثنائي حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، والوزير الأسبق جهاد أزعور المدعوم من التكتلات المسيحية الكبرى مع الحزب التقدمي الاشتراكي ونواب من “التغيير” ومستقلين.
اختبار بلا “المستقبل”
وداخل هذا البرلمان الذي يقوم على توازنات طائفية وأعراف “ميثاقية”، ثمة اختبار هو الأول من نوعه للنواب السنّة، الذين ستوضع أصواتهم في واحدة من كفتي الميزان: الموالون، أو المعارضون، لحزب الله ومن خلفه النظام السوري، الذي تربطه علاقة تاريخية سياسية وشخصية بفرنجية.
وهذا الاختبار، ما كان ليأخذ طابعه لو لا غياب تيار المستقبل عن المشهد السياسي والانتخابي لأول مرة بعد 2005. وربما لو كان زعيم المستقبل سعد الحريري موجودًا في هذه اللعبة، قد يتجه إلى دعم ترشيح فرنجية، كما حاول فعل ذلك قبل تسوية 2016، التي كان شريكًا محوريًا فيها حين جاءت بميشال عون رئيسًا وبه رئيسًا للحكومة. لكن ذلك كان سيحدث في سلة تسوية تشمل جوانب مختلفة من التحاصص النفعي، سياسيًا وطائفيًا ووظيفيًا.
أما ما يحدث راهنًا، فهو أن معظم أصوات النواب السنّة، سواء دعمًا أو معارضة لفرنجية، ستصب في إطار الالتحاق والتبعية، أكثر من كونهم نوابًا في كتل تلعب دورًا محوريًا في تحديد شكل التسوية. ويتضاعف ذلك في أوساطهم في ظل ضبابية المواقف الإقليمية من الاستحقاق، وتحديدًا الموقف السعودي. إضافة إلى مشاكل ما يُعرفون بالنواب “المستقبليين السابقين”، مع كل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. وهم حكمًا لن يمشوا بخيارهما. وهو ما يعزز فرص فرنجية بنيل أكبر نسبة من أصوات النواب السنّة.
بمعنى آخر، لو كان الحريري موجودًا ضمن الستاتيكو الطائفي الحالي، سيكون طرفًا رئيسيًا في صناعة الأسماء المرشحة للرئاسة، بتسميتها والتصويت لها. أما راهنًا، فيبدو أن النواب السنة يتجهون إلى البرلمان بتوجيهات مسبقة وللتصويت فحسب. خصوصًا أن شريحة واسعة منهم ما زالت عاجزة عن تحديد وإعلان خيارها صراحة بين أزعور وفرنجية واسم آخر ثالث. قد يقول قائل إن سنّة لبنان أصبحوا أكثر تعددية سياسيًا وتحرروا من فكرة “الزعيم الواحد”، لكن الواقع كشف عن حالة من الضياع والتشتت، الناتج عن ضعف وعجز وغياب في صناعة القرار.
14 لفرنجية؟
وفي رصد “المدن” الأولي لحركة الأصوات السنّية في الجلسة المقبلة، يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات: أكثر من نصف النواب السنّة سيصوتون لفرنجية، فئة ثانية لأزعور، وفئة ثالثة غير محسومة التوجه.
وفي الأرقام، قد يحظى فرنجية بدعم نحو 14 نائبًا سنيًا، يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات:
– أولًا، تكتل “التوافق الوطني”، وهو التكتل السني الوحيد بالبرلمان المدعوم من حزب الله، ويضم خمسة نواب: فيصل كرامي، طه ناجي، عدنان طرابلسي، حسن مراد ومحمد يحيى.
– ثانيًا، نواب سنّة آخرون مدعومون من حزب الله، وغير محسوبين على أي تكتل، وعددهم أربعة نواب، وهم: ينال الصلح، ملحم الحجيري، قاسم هاشم وجهاد الصمد. إضافة إلى النائب كريم كبارة الذي سيصوت لصالح خيار رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
– ثالثًا، النواب السنّة غير الموالين لحزب الله، لكن بعضهم يتطلع إلى مصالحه التجارية والخاصة والأرباح من عمليات التهريب بين لبنان وسوريا، وهم أربعة نواب سنة من الشمال ينتمون إلى تكتل “الاعتدال الوطني”، وهم: وليد البعريني ومحمد سليمان وأحمد الخير من عكار، وعبد العزيز الصمد من الضنية. يضاف إليهم في التكتل كل من النائبين أحمد رستم (علوي) وسجيع عطية (أرثوذكسي).
وفي حديث مع “المدن”، يقر البعريني بعلاقة خاصة لا يخجل بها مع فرنجية، لكنه لا يجزم أن تكتل الاعتدال سيصوت لصالحه، بل يتحدث عن مباحثات ومشاورات مستمرة لتوحيد تصويتهم، و”سعياً لتوحيد الصف السني”، كما يقول.
كما تفيد معلومات “المدن”، أن البعريني والخير في عكار وتحديدًا النائب محمد سليمان الذي يتمركز في منطقة حدودية مع سوريا في وادي خالد، هم أحوج ما يكونون هذه الفترة إلى الحدود السورية، ويتطلعون إلى الانفتاح السعودي على سوريا، كأنه تشريع لمنح أصواتهم لفرنجية! وهم يتذرعون في مجالسهم الخاصة أن الرياض لم تعلن عن ممانعتها للتصويت لصالح فرنجية.
6 لأزعور: بين المؤكد والضائع
أما عدد النواب السنّة الذين بات محسومًا تصويتهم لصالح المرشح جهاد أزعور، فهم أربعة نواب: وضاح الصادق، أشرف ريفي، بلال الحشيمي، بلال عبدالله.
في المقابل، قد تصب أصوات النائبين ياسين ياسين وإبراهيم منيمنة، لصالح أزعور، وذلك فقط في حال تم اتفاقهم على ذلك مع كل من النواب: ملحم خلف وبولا يعقوبيان ونجاة صليبا، بفعل المباحثات التي يجريها معهم نواب تغييريون أعلنوا تأييدهم لأزعور.
وإذا حسم ذلك، فيعني أن أزعور سينال نحو ستة أصوات من النواب السنة.
6 أصوات: حسابات أخرى
في هذا الوقت، ورغم ما يحكى عن توجه النائب نبيل بدر إلى التصويت لأزعور، ثمة مصادر مطلعة أفادت “المدن” أنه قد يصب صوته لصالح فرنجية، استجابة لضغوط ومغريات تُعرض عليه في الاتصالات المستمرة التي يجريها أطراف من الثنائي معه. في حين يتحفظ النائب إيهاب مطر عن إعلان موقفه، سواء بدعم أحد المرشحين أو التصويت لطرف ثالث، تاركًا قراره ليوم الجلسة. وهو ما يعزز باب التأويل لجهة أي طرف سيتمكن من جذب صوته.
وفيما أعلنت النائبة حليمة قعقور الامتناع عن التصويت لأحد المرشحين، من المرجح أن النائبين عبد الرحمن البزري وأسامة سعد، يتواصلان مع مستقلين آخرين للتصويت لصالح الوزير الأسبق زياد بارود.
في المقابل، تبقى معضلة النائب عماد الحوت، الذي سيعكس صوته موقف وواقع الجماعة الإسلامية. وخلافًا لما يُشاع عن توجه الحوت للتصويت لفرنجية، نزولًا عند رغبة قيادة الجماعة، وما يحكى عن ضغوط يمارسها عليها حزب الله عبر حركة حماس، فإن “المدن” رصدت أجواء مختلفة حول صوت عماد الحوت. وفيما تسود أجواء في الجماعة عن دعم قيادتها الحالية في لبنان لترشيح فرنجية، انسجامًا مع حزب الله، ثمة بوادر عن تمرد يواظب عليه النائب الحوت على قرار الجماعة، منذ خالف التصويت لانتخاب برّي رئيسًا للمجلس خلافًا لرغبتها. وفي حال لم تفلح الاتصالات التي تجريها الجماعة وحزب الله، وفي حال صوت الحوت لأزعور بدل فرنجية، فتدرس الجماعة -وفق المعلومات- خيار توجيه مخالفة تنظيمية صريحة للحوت.
جنى الدهيبي- المدن