لا كلام برّي ولا شروحات العريضي استطاعت إلغاءَ الأسئلة الكثيرة حول الموقف الجنبلاطي!

كان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي مطمئنًّا حتى منتصف الأسبوع الماضي. كاد يملكُ الأصوات المطلوبة لإنجاح أشرس معارِكِه في مجلس النوّاب وربما آخر معارِكه كرئيس للمجلس. كان كلُّ شيءٍ عنده من الخارج والداخل يوحي بأنَّ فوز رئيس تيّار المردة سليمان فرنجيّة بالرئاسة بات قاب قوسين وأدنى. لكن الرياح الجنبلاطيّة جاءت بما لا تشتهي سُفُن الثنائي…

أبو فاعور.. ومعلومات غير دقيقة
في المعلومات، أنّ النائب وائل أبو فاعور، كان قد أبلغ نبيه برّي بأنّ اللقاء الديمقراطي قرّر التصويتَ بورقةٍ بيضاء. نال الرجلُ وقائدُه وليد جنبلاط ثناءَ وشُكرَ الصديق القديم المتربّع على عرش المجلس النيابي منذ نحو 31 عامًا، لكن سُرعان ما انقلبَ السحرُ على الساحر. فوجئ برّي في اليوم التالي بوائل أبو فاعور نفسِه يقول على إحدى التلفزات المحليّة بأن التصويت الاشتراكي سيكون لصالح أزعور.

جرى اتصالٌ بين برّي والقيادي الاشتراكي والوزير السابق غازي العريضي الذي سمع في عين التينة (مقرّ بريّ) كلامًا عن الصداقة القديمة التي تربط رئيسَ حركة أمل بالزعيم الدرزي، وبأنَّ وليد جنبلاط يبقى صديقًا في الخصومة والموالاة، وانَّ هذه الصداقة الممتدة إلى نحو نصف قرن لن تتأثر بقرار تأييد أزعور. وأجاد العريضي، على جري عادته، في مبادلة المديح بأكثر منه، وبشرحِ الظروف والمآلات.

لا كلام برّي ولا شروحات العريضي، استطاعت إلغاءَ الأسئلة الكثيرة عن هذه العقدة الجنبلاطية المستجدّة. صحيح أنَّ جنبلاط كان في طليعةِ مَن رشّح أزعور، لكن هذا لا يكفي لمعرفة حقيقة الموقف: فهل في الأمر سببٌ داخليٌّ جُنبلاطي يتعلّق بتشدّد تيمور جنبلاط ضد فرنجيّة ورغبتِه بالشروع في مسيرة تغيير شبابيّة سياسيّة حقيقيّة في الحزب ونهجه؟ أم فيه إشاراتٌ سُعودية التقطها جنبلاط؟ أم أنّ الزعيم الاشتراكي يناور في الجولة الانتخابيّة الأولى لصالح أزعور، وهو مُدركٌ سلفًا بأنّ هذا المُرشّح لن ينجحَ، ما يسمح له بتغيير المسار حين يأتي وقتُ الحسم؟

كلّ الاحتمالات واردة، لكن الأكثر مثارًا للقلق بينها، هو أن يكون الموقف الجنبلاطي متأثّرًا بإشارات سُعودية جديدة. ففي قراءة الثُنائي الشيعيّ، أنَّ موقف الريّاض انتقل من الرفض المُطلق لفرنجيّة في الاجتماع الخُماسي في فرنسا، إلى الحياد الإيجابي، وكان من المُأمول أن يتقدّم هذا الموقف خطوةً أيجابيّة لصالح فرنجيّة بعد التدخلات الفرنسيّة والتمنيّات الروسية والاشارات السورية. لكن هذا لم يحدث.

سامي كليب

مقالات ذات صلة