مرشحا “التوافق” الصعب أمام امتحان جلسة الانتخاب… فهل تؤجل؟

مرشحا “التوافق” الصعب أمام امتحان جلسة الانتخاب واحتمالاتها

وصل الإنقسام في الإنتخابات الرئاسية إلى مرحلة دقيقة وحساسة، يتخذ أكثر من صفة وطابع. البعض يصفه بالإنقسام الطائفي، والبعض الآخر يضعه في خانة الإنقسام السياسي العمودي. علماً أنه في مراجعة لأدبيات وسلوك المرشحين، يتبيّن أنهما يؤكدان الثبات على توافقيتهما، وأن الغاية من ترشيحيهما لم تكن بهدف التحدي أو المواجهة.

بين المواجهة والتوافق
وضعت القوى المسيحية ترشيح سليمان فرنجية في خانة المواجهة الشرسة معها، وأنها تجاوز للإرادة المسيحية وهو ما ليس مقبولا. توافق بكركي على مثل هذا الكلام أيضاً، بناء على ما يقوله البطريرك الماروني بشارة الراعي وما نقله إلى الفاتيكان وباريس. عملياً، فإن سليمان فرنجية مرشح مدعوم من قبل الثنائي الشيعي، وكتلته النيابية، بالإضافة إلى عدد من النواب السنّة المتحالفين مع حزب الله. حافظ الثنائي على منطق الدعوة إلى الحوار، على قاعدة التفاهم حول تبني خيار مرشحه.

في المقابل، وضع الثنائي الشيعي ترشيح أزعور في خانة التحدّي والمواجهة، علماً أن الرجل كما داعميه يؤكدون أن طرحه ليس في سبيل المواجهة أو التحدي، بل تقاطع بين قوى لا تتفق سياسياً عند خيار وسطي، مع دعوة للثنائي إلى الإتفاق عليه. وهو ما لم يتلقفه الثنائي الشيعي الذي ذهب باتجاه التصعيد، وشن الحملات العنيفة. يرتكز أزعور على دعم القوى المسيحية الأساسية، لا سيما القوات اللبنانية، الكتائب، بالإضافة إلى اللقاء الديمقراطي، وكتلة تجدد وعدد من النواب السنّة، والتغييريين والمستقلين. والرجل حريص على التمسك بصيغة التفاهم حوله ولا يريد أن يكون في مواجهة مع الطرف الآخر.

مروحة أزعور الأوسع
بالنظر إلى الجهات الداعمة لكلا المرشحين، يمكن تسجيل مجموعة ملاحظات أولها، أن الإتفاق الذي يحظى به أزعور هو أوسع من الإتفاق الذي يحظى به فرنجية. كذلك هناك تنوّع في الجهات السياسية والطائفية التي تتبنى ترشيح أزعور، من قبل قوى سياسية، وقوى تغييرية وقوى مستقلة. فيما فرنجية لا يتمتع بذلك، لكنه يستند على دعم قوي من قبل الثنائي الشيعي. في المقابل، تشير بعض المعطيات إلى أن خيار أزعور يحظى برضى خارجي نظراً إلى موقعه في صندوق النقد، وباعتبار أنه يلائم المرحلة الحالية ومثل صفاته يحتاجها لبنان في سياق الخروج من الأزمة.

بعد ترشيحه، وجه أزعور شكراً للقوى التي دعمته، لكنه في المقابل، مدّ اليد أكثر إلى القوى الأخرى على قاعدة السعي إلى التوافق وليس إلى المواجهة، تاركاً الباب مفتوحاً أمام نسج التفاهمات، ومنطلقاً من قواعد كان قد أرساها جان عبيد في السياسة أن الرئيس الصالح هو الرئيس العاقل. ما يعني القناعة التامة بعدم قدرة أي طرف على الوصول أو الحكم بدون الطرف الآخر وهذه تجربة مثبتة في الوقائع اللبنانية. فيكون الإلتزام قائماً بمسألة التفاهم والطمأنة.

الإصرار على التوافق
في المقابل، فإن سليمان فرنجية يبدو أيضاً حريصاً على مسألة التوافق، وهو سيؤكد في موقفه اليوم الأحد أنه مرشح يمد يده للجميع ومنفتح على الحوار، مع توجيه الشكر للقوى التي دعمته، في مقابل إبداء الحرص على الطرف الآخر أيضاً، باعتبار أنه لم يعلن عن ترشحه رسمياً قبل الوصول إلى التفاهم مع الجميع لأنه يقدّم نفسه كمرشح توافقي. أمام هذين الإعتبارين ستكون جلسة 14 حزيران أمام العديد من السيناريوهات. ولكن قبل الدخول فيها، لا بد من الإشارة إلى نقطة أساسية وهي أن الثنائي الشيعي قد ألزم نفسه بحضور الجلسة من جهة، وبالتصويت لفرنجية من جهة أخرى. فيما “البوانتاجات” تشير حتى الآن إلى تقدم أزعور على فرنجية.

انطلاقاً من هذه المعادلة، لا بد من طرح سؤال أساسي حول إمكانية تأجيل الجلسة لتفادي هذه المواجهة التي ستظهر فارقاً كبيراً في الأصوات. ولكن بالنسبة إلى الثنائي من غير الوارد تأجيل الجلسة طالما أنهما قد التزما بموعدها، فيما التأجيل يمكن أن يحصل بحال طلبت بعض الكتل النيابية ذلك لإفساح المجال أمام التوافق، وطالما أن المرشحين يؤكدان حرصهما على هذا التوافق، فيما يمكن الإرتكاز أيضاً على زيارة المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان الذي سيزور لبنان لوضع تقرير حول التطورات وإمكانية لجوء باريس لتقديم مقاربة جديدة ومختلفة.

تواصل جنبلاط-بري
في سياق التخفيف من حدّة المواجهة أو الإنقسام، يستمر التواصل بين وليد جنبلاط ونبيه بري، على قاعدة أن خيار جنبلاط لا يصب في خانة المواجهة مع الثنائي الشيعي ولا حتى ترشيح أزعور، الذي كان قد أطلقه جنبلاط كمرشح تسوية. وهو ما يؤكده أيضاً تيمور جنبلاط الذي أبلغ بري بأن خيار اللقاء الديمقراطي لا يهدف إلى تكريس الإنقسام أو منطق التحدي، والدليل إستمرار التواصل مع رئيس المجلس. أما احد السيناريوهات الأخرى، هو ان تبقى الجلسة ثابتة، ولكن لا يدخل نواب الثنائي الشيعي وحلفائهما إلى القاعة العامة، وممارسة ما يعتبرانه حقهما الدستوري في عدم تأمين النصاب وبذلك لا تعقد الجلسة وتصبح بحكم المؤجلة.

أما السيناريو الثالث فهو عقد الدورة الأولى من الجلسة ومعرفة كل طرف مدى قدرته على تجيير الأصوات، ليتم تعطيل نصاب الدورة الثانية بعدها. لكن بلا شك أن هذه الأرقام ستكون أساسية بالنسبة إلى مراقبين داخليين وخارجيين حول كيفية توزع موازين القوى، وبناء عليها يمكن أن يتفعّل التحرك الخارجي.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة